23 ديسمبر، 2024 3:05 م

إبداع تقني عراقي لتحسين العلاقة بين المواطن والكهرباء

إبداع تقني عراقي لتحسين العلاقة بين المواطن والكهرباء

قال السيد مصعب المدرس الناطق الرسمي لوزارة الكهرباء , بان دوائر التوزيع التابعة للوزارة ستتخذ إجراءات صارمة خلال الشهرين القادمين اتجاه المشتركين الذين لم يقوموا بتسديد ما عليهم من ديون عن استهلاك الكهرباء , وأوضح بان وزارته تشهد عزوفا للمواطنين عن تسديد الأجور خلال السنوات 2003- 2014 , مما ترتب عنه تراكم الديون بذمتهم لتبلغ ( 1,3 ) مليار دولار , وقال إن هذه الديون كافية لتغطية رواتب موظفي الوزارة لمدة عام ونصف , كما عرض الصعوبات التي تعتري مهمات قارئي المقاييس بسبب الظروف الأمنية والعلاقة غير الحسنة التي يلقوها من المواطنين مما يجعل القارئ يقوم بزيارة واحدة للمستهلك كل 60 يوم .
وما يمكن استنتاجه من التصريح , إن وزارة الكهرباء ودوائرها تعاني من سوء العلاقة مع المواطن الذي يعبر عن سخطه من الوضع الكهربائي من خلال الامتناع عن دفع أجور الكهرباء, فقارئ المقياس الذي كان يستقبل من الناس بالترحيب وتقديم أصول الضيافة البسيطة تحول إلى زائر غير مرحب به وأحيانا لاتفتح له الأبواب لغرض إجراء القراءات , وفي أفضل الأحوال فانه يجابه بالعديد من التعليقات اللاذعة , كما إن اغلب العشوائيات ليست فيها مقاييس بالأصل وتعتمد على ( الجطلات )  , ولانتوقع بان تمتلك دوائر الكهرباء القدرة على حجب الخدمة عن المشتركين لأنها ستجابه بالمقولة الشائعة ( إذا أردت أن تطاع فاطلب على قدر المستطاع ) , ولعل هذا مادفعها إلى تأجيل تعريفة أجور الكهرباء الجديدة التي أصدرتها قبل سنين وشهدت اعتراضات المواطنين .
وهذه المشكلة لم تكن بعزل عن اهتمام  وإبداعات العراقيين , فقد ابتكر احد المبدعين من التدريسيين في الكلية التقنية الهندسية في النجف معالجة علمية وعملية لها , وقد قام مع فريق عمله بتصنيع جهاز المقياس الكهربائي والالكتروني الرقمي , وهو مطابق للمواصفات القياسية العالمية وبإمكانه التحكم بالوحدات المستهلكة من خلال نظام الدفع المسبق ويترافق عمله مع نظام مراقبة وإدارة تلقائي لاستهلاك الطاقة الكهربائية لدى كل مستهلك , كما انه مناسبا للظروف المناخية في البلد , ويشمل نظام التعرفة المتغيرة وكذلك عرض جميع القراءات بشاشة غاية في الوضوح لجميع المشاهدات ( الجهد , التيار , التردد , معامل القدرة , الاستهلاك , اتجاه التيار ) .
ومن شان هذا الجهاز إثبات العبث لمقاومة عكس تسلسل المرحلة وكشف احتمال الفقدان والتوصيل العكسي وحفظ المعلومات وتخزينها لمدة تزيد عن 24 شهرا , كما إن له مميزات المراقبة عن بعد للتحليل والتقارير عن إدارة الشبكة وتخطيطها واحتوائه على شاشات تنفيذية , بما يمكن المستهلك من التعرف على مقدار الاستهلاك لكي يتحكم به بضوء المبالغ مسبقة الدفع , والجهاز منتج محلي يضاهي المنتج في المناشيئ العالمية وبتكاليف قياسية ويتفوق في مواصفاته العلمية على الأجهزة المعروضة من قبل الشركات الأجنبية , وقد تمت العناية بالشكل النهائي للجهاز بشكل يدل على انه بمواصفات جودة مطابقة لجميع المعايير , وقد خضع الجهاز إلى التحقق والتقييم لغرض إثبات قدرته على التطبيق .
وقد عقدت هيئة التعليم التقني ندوة علمية خلال شهر آذار الماضي , لعرض ومناقشة تفاصيل الجهاز بحضور مجموعة من الأساتذة المتخصصين وبحضور ممثل عن وزارة الكهرباء , وقدم الفريق الذي تولى تصميم وتصنيع الجهاز بعرض التفاصيل العلمية المتعلقة بالمزايا والاستخدامات وجميع الاحتمالات في الاستخدام , وخلال الندوة تمت مناقشة الجوانب العلمية بخصوصه و أشادت بالمزايا التي يوفرها في خدمة المستهلك والجهات المعنية بالسيطرة والتوزيع في وزارة الكهرباء , ولم تشخص أية ملاحظات علمية أو تطبيقية سلبية بخصوصه , حيث توصلت المناقشات إلى أهمية اعتماده من قبل المشتركين كبديل عن المقاييس الحالية كونها تؤدي غرضا واحدا وهي القياسات والتي هي عرضة للتجاوز عليها , وأكثر ماتم التركيز عليه هو كيفية تقبل المواطن لنصبه لأنه سيكشف التجاوزات وسيحمله تكلفة (الكرم ) في تجهيز الآخرين بالمجان .
لقد مرت 12 سنة ووزارة الكهرباء شبه عاجزة عن استيفاء أجور الكهرباء والتحكم باستهلاك المواطن, والحقيقة إن هذه الأجور واجبة الدفع من قبل المستهلكين رغم إنها  لاتشكل 10% من التكاليف الحقيقة لإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء , كما إنها تجند أعدادا كبيرة من الموظفين في دوائر التوزيع في بغداد والمحافظات لإجراء القراءات ميدانيا وإصدار القوائم دون جدوى , فهل ستبقى على هذا الحال أم تنتقل إلى الوضع الالكتروني المقترح الذي سيستغني عن كل تلك الإجراءات ؟؟ , فمن الممكن لهذه التقنية الحديثة في بلدنا والشائعة في العديد من البلدان أن ترى النور من خلال مباركتها من قبل وزارة الكهرباء وإقرارها في مجلس الوزراء وإشاعة استخدامها إعلاميا كوسيلة منقذة لترشيد الاستهلاك وتقليل الأحمال .
 وقد لايكون غدا هو الموعد لبدء التطبيق بالنظام المقترح , وإنما ضمن المدة التي ستحددها خطة التطبيق التي يمكن صياغتها لهذا الغرض , وهذا الوقت يمكن أن يستثمر من قبل الجهة المصنعة في أنتاج الأعداد المطلوبة من الأجهزة وبأسعار معتدلة تناسب جميع المستهلكين , وقد أبدت هيئة التعليم التقني التي تبنت فكرة إنتاج الجهاز التي انطلقت من إحدى تشكيلاتها استعدادها لتقديم جميع التسهيلات الممكنة بهذا الخصوص , وبذلك قد تنتهي مأساة العلاقة غير الايجابية بين المواطن ودوائر الكهرباء , كما يمكن التخلص من المشكلات المتعلقة بالتفريط في استهلاك الكهرباء , وكل ذلك يتم بالاعتماد على الطاقات المحلية وبدون أية شبهات بالفساد باعتبار إن العقد سيكون بين الكهرباء والهيئة , كما إن ذلك سيمثل دعما للطاقات المبدعة في العراق .