يعاني مجتمعنا الإسلامي معاناة شديدة، في كثير من الضروريات اللازمة للحياة، وبالخصوص الأمور الإجتماعية التي تهتم بحياة الناس وضرورياتهم،
ونرى اليوم أنواع التمايز بين أفراد البشرية على أسس عرقية ومادية وشكلية، ومن ناحية الغنى والفقر، بينما نلاحظ الدين الإسلامي الذي نعتقد به جاء لإزالة تلك الظواهر التي تميز بين أفراد المجتمع، وجعل الناس أمة واحدة بقوله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وهذا خير دليل إن التمييز فقط في التقوى، أما ألوان البشرة وإختلاف لغة الخطاب فهي من أيات الله بقوله تعالى (ومن أياته إختلاف ألسنتكم وألوانكم)،
ولكن اليوم في مجتمعنا نرى التمييز الواضح بين العربي والأعجمي لغرض عادات وتقاليد لم ينزل الله بها من سلطان، وهذا مالم يأتي به القرآن بل أتى (خلقناكم من نفس واحدة)، وجاء الرسول الأكرم رحمة للعالمين وليس للمسلمين أو لفئة معينة، وفي المجتمعات الغربية لم نرى تلك التمييزات، بل نجد العكس تماما حتى قال العلامة الدكتور الوائلي (وجدت في الغرب إسلاما ولم أجد مسلمين)، ويقصد بذلك أن في الغرب صفات الإسلام من الصدق والأخلاق وأحترام الأديان والإنسانية وتكريم الإنسان خاصة، وممارسة الطقوس الدينية بحرية من دون إساءة أو إيذاء للأخرين،
بينما في مجتمعنا الإسلامي، يوجد القتل والسفك والدماء وهتك الأعراض والتكفير والإعتداء على حقوق الأخرين، وهذا ما يرفضه الدين الإسلامي المحمدي الحنيف،
فنحن نحتاج لإصلاح النفس أولا قبل إصلاح المجتمع، ولذلك نرى في مقولة الامام الحسين (إنما خرجت لطلب الاصلاح)، ولو نتعمق في تلك المقولة، لنرى لو لم يكن الحسين مصلحا لما طلب الإصلاح في أمه جده، وذلك لأن الإنسان المصلح يدعو للأصلاح ولتحقيقه ولا يرغب بظلم وباطل، والحسين هو حفيد الرسول وممن نعتقد بعصمته الكبرى فيلزم عليه إحلال الإصلاح في المجتمع، لأنه نائب رسول الله وولي الله بالولاية الطولية، ومن واجبات الولاية الطولية هي إحلال الإصلاح في المجتمع، كما نأمل ذلك بولده الحجة (يملأ الارض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا)، وذلك نوع من الإصلاح للمجتمع،
وبذلك حينما نصلح إنفسنا، سوف نكون قادرون على إصلاح المجتمع وبنيانه على الإصلاح، ونحقق ما يريده الإسلام.
ويلزم علينا اليوم أن نسعى، لنجد الحلول لكثير من المشاكل الاجتماعية، التي نعيشها في مجتمعنا ومنها الفقر وحالات الشواذ والسرقة والتعدي على حقوق الاخرين، وهتك الأعراض والزنا، وكثير من المشاكل التي يدعو الاسلام لأزالتها أن كنا مسلمون (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا)،
ويعد الفقر من أهم الأسباب لتلك المشاكل، الذي جعل من الزانية تدعو الناس إليها، وجعل من الصغير يضطر للسرقة، حتى قال أمير النحل والمؤمنين علي (عليه السلام) (لو كان الفقر رجل لقتلته) ، وذلك لبيان التأثير الإجتماعي للفقر في المجتمع، ويعد السبب الرئيسي في إنحراف كثير من أبناء مجتمعنا الإسلامي والمدني،
فالله تعالى يدعو للسلم والسلام، والتعايش السلمي وضمان السلم الاهلي، ويريد تعدد الأطياف والطوائف، حتى صرح تعالى إنه لا يريد هدم الصوامع والكنائس، بل يدعو لها بقوله (لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد)،
فالله تعالى يريد التعبد له في المساحد والصوامع، ويريد أمة واحدة، ويقبل العبادات من كل العباد وبطرقهم الخاصة وبنياتهم المخلصة الصالحة، فالجميع يعتقد إنه على صواب ولا أحد يعتقد إنه على خطأ ويسير عليه،
وأكد رسول الله (ص واله) على الأهتمام بأمور المسلمين، وضمان تكافلهم الإجتماعي لضمان عيشهم بعز لا بذل، حتى صرح وقال (ليس مني من لم يهتم بأمور المسلمين وأن صام وصلى وحج)، وهذا بيان إن الدين الإسلامي ليس عبادة وصلاة، إنما أخلاق وتكافل إجتماعي وتعاون ومواخاة (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان)، ومن أهم هذه التكافلات هي ضمن حياة المسلمين بعز وحفظ كرامتهم، وإكساء عريانهم وإشباع جائعهم،
ونرى في شهر الصوم المسؤولين السياسيين الذين يدعون التدين، وإنهم صائمون قد يرشون الملح على جروح الفقراء من الشعب والمسلمين، وذلك بالعيش بالرفاه والنعيم ومعالجة عليلهم في عظمى مستشفيات العالم أن أشتكى من جرح أو ألم، ويعملون مأدبات إفطار من بيت مال الشعب والمسلمين مع التبذير، بينما في نفس الحال توجد عوائل فقيرة عفيفة تطرق أبواب، لغرض الحصول على رغيف من الخبز لإفطارها ولسد جوعها وجوع إطفالها، فهؤلاء سياسي الصدفة، الذين جاءوا بإسم الدين لكي يحققوا مآربهم به، وليصعدوا على أكتافه بإسمه، بواسطة الطبقات الغافلة من الشعب المظلوم.
وعنه (عليه الصلاة والسلام) من بات شبعانا وجاره جائعا ليس مني وأن صام وأن صلى وأن حج.