لاتبدو الاجواء المخيمة في إيران طبيعية وعلى مايرام حيث تجري الاستعدادات من أجل إجراء إنتخابات الرئاسة في 18 من حزيران/يونيو القادم، إذ وبعد الموقف المتشدد الذي أعلنه مجلس صيانة الدستور بشأن شروط جديدة على الترشيحات والتي يمکن تفسيرها على إنها تأتي متناسقة ومتفقة مع سياسة الانکماش التي يريد المرشد الاعلى للنظام تنفيذها وجعل النظام بموجب ذلك منغلق على نفسه أکثر، فإن تضييق دائرة النظام ليس هناك مايمکن أن يطمئن خامنئي على إنها تمر بسلام خصوصا وإن هذه الانتخابات لاتواجه فقط مشکلة مقاطعة الشعب لها وإصراره على المضي قدما في مقاطعته الصريحة التي شرع بها في إنتخابات مجلس شورى النظام العام الماضي، بل إنها تواجه مشکلة الاختلاف والانقسام بين صفوفه عموما وحتى في الدائرة الضيقة لخامنئي نفسه بحيث يمکن القول بأن المشکلة تتجاوز مجرد عملية تصدع في النظام بل إنه أکثر من ذلك.
النظام الايراني الذي يريد إستغلال هذه الانتخابات وتوظيفها من أجل ممارسة الضغط على المجتمع الدولي والحصول على مکاسب وإمتيازات في مفاوضات فيينا، ويسعى أيضا لإستخدامها بصورة توحي على قوته ومن إنه لايزال يمسك بزمام الامور کما کان في السابق، خصوصا وإن عزلته الدولية أقوى وأکبر من أية فترة سابقة بل وحتى إن التغيير الذي حصل في واشنطن بعدم إنتخاب ترامب حيث کان يحلم النظام الايراني بذلك، فإنه لم يحدث أي تغيير مفيد بالنسبة لطهران إذ لازالت العقوبات على حالها ولاتزال العزلة الدولية مستمرة وکأن أي شئ لم يتغير، ولذلك فإن هذا النظام المعروف بمناوراته وألاعيبه من أجل خداع المجتمع الدولي وتمويه الامور، فإنه يريد من خلال الانتخابات هذه القيام بإبتزاز للمجتمع الدولي وذلك بالإيحاء بأن المتشددون قادمون ولاريب من إنه سيقوم وفيما لم تتوفق المفاوضات خلال هذه الفترة الى المزيد من التشدد بعد الانتخابات التي قام خامنئي من خلال مجلس صيانة الدستور بهندستها أصلا.
الاختلاف يتصاعد في داخل النظام وبصورة ملفتة للنظر إذ وبعد ترشيح علي لاريجاني لنفسه والمواقف الغاضبة المعلنة من جانب جناح الاعتدال المزعوم ومن ثم إبعاده بعد ذلك، وبعد قيام مجلس صيانة الدستور بعدم الموافقة على ترشيح أحمدي نجاد وإبعاده من الانتخابات، فإن التصريحات الغاضبة التي أدلى بها والتي صب من خلالها جام غضبه ليس على مجلس صيانة الدستور فقط وإنما على النظام بحد ذاته، قد أعطت إنطباعا بأن أوضاع النظام ليست على مايرام وإن المخاوف من قيام ثورة ضده هي جدية وليست مجرد توقعات خصوصا بعد أن قام الشعب بأربعة إنتفاضات عارمة ضد النظام وهتف بالسقوط والموت للنظام ولخامنئي نفسه، إذ أن أحمدي نجاد الذي کان أحد أعمدة النظام وکان الوجه المدلل لخامنئي هو بنفسه يصرخ بوجهه وبوجه النظام برمته قائلا:” كما قلت قبل خمس سنوات إنني أحذركم، هناك فيضان! فيضان جارف سيجرفكم ويأخذكم معه. لا تهاجموني غدا. أنا مثل ذلك الراعي الصغير الذي يقف على التل ويرى أن هناك فيضانا قادما ويخبركم بذلك. فجأة يحل 11 شباط آخر من الجانب الآخر!.” ويقصد ب11 شباط الثورة الايرانية التي أسقطت نظام الشاه، ولايقف عند هذا الحد بل إنه يقوم بتهديد النظام علنا وعلى المکشوف قائلا:” أنا أعلم بمخططات ما وراء الكواليس، لكن إذا أردت أن أفضحها الآن فيأتون بمضادها ضد الأمة، لكن في القريب العاجل سأكشف لكم عن نفس المخططات بإذن الله. من هم وما هي الخطة التي ينوون تنفيذها ضد الأمة.” ومن دون شك فإنه يمکن القول بأن هناك أکثر من مفاجأة ممکن حدوثها من جراء هذه الانتخابات!