18 ديسمبر، 2024 8:05 م

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ؟

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ؟

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ؟ Have We not opened your breast for you (سورةُ الشَّرح) رسالة عبر الرَّسول إلى المُرسَل إليهِ؛ جنس الإنسان عامَّة. قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي Said: O my Lord! Open for me my chest (سورَةُ طه 25) الآية الكريمة الَّتي تدبَّر فيها شاعر ألمانيا الأشهر غوته Johann Wolfgang von Goethe، وبالشِّعر العربي قبل الإسلام وبعد ظهوره، وترجمَ بيان الآيات ووضع «الدّيوان الشَّرقي» بَدءً بباكورة قصائده في سِن 23 مِن عُمره، يُمجّد فيها بالرَّسول الأعظم، يكاد يشهر إسلامه. وظل يعايش التعلّق بالإسلام طوال عمره. ولما بلغ الـ70 قال إنه يزمع أن «يحتفل في خشوع بتلك اللَّيلة المُقدَّسة التي اُنزل فيها القُرءان على النبي (ص)». ولدى صدر كتابه «الدّيوان الشَّرقيّ للمُؤلّف الغربي West–östlicher Divan»، قدّم له بقوله «لن يكره أن يقال عنه إنه مسلم»، وجاء في رسالتِه إلى صديقٍه عام 1772م: «إنني أوَدُّ أن أدعو الله كما دعاه موسى في القرءان: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي». وكتب إلى صديق آخر: «لمّا كُنتُ أتحدث عن بعض النبوءات، فيتعيَّن عليَّ أن أذكر أنَّ ثمَّتَ أُموراً تحدث في أيّامنا هذه ولم يكن مِن المَكنةِ أن يُسمح حتى للمُتنبئين التكهُّن بها. ومن ذا الَّذي كان بوسعه قبل سنوات قليلة أن يتنبأ بأنه ستقام في قاعة مدرستنا الثانويَّة البروتستانتيَّة صلاة إسلاميَّة، وبأنها ستشهد تلاوة سُوَر مِن القُرءان. إن هذا الذي حدَث واقِعاً. إذ عايشنا جماعة من البشكير يُقيمونَ الصَّلاة، وشَهدنا إمامَهم واحتفينا بأميرهم في دارَةِ المسرح». وحدَّث غوته ابنه عن الأثر الَّذي تركه ذلك على أبناء جُمهوريتِه فايمار، وكتبَ: «إن عدداً كبيراً مِن السّيدات المُتدينات ذهبن إلى المكتبة العامّة لاستعارة الترجمات القُرءانيَّة». انشراح صدر غوته لخاتم الإبراهيميَّة الحنيفيَّة السَّمحاء الإسلام الأصيل، ألهمَ الأُوربيين وبدَّدَ الصور التي توهمَها الغرب في حروبه الصَّليبيَّة، وطفقت ترجمات معاني القُرءان تترى إلى الصُّدور بعد صدود وتُنشَر، وإحدى الترجمات وضعها المحامي البريطاني جورج سيل George Sale الَّذي أرفق ترجمته بدراسة مُكرّسة سيرة الرَّسول (ص) وأعلنَ غوته أنه اهتدى إلى السَّكينة بآيات القُرءان بعدَ شأوٍ مِنَ الشَّك، وبكلِمة التوحيد، وتجلى الله في الطَّبيعة، وأن سُبحانه يُخاطب الناس مِن خلَـل الرُّسُل، وبأنَّ الإيمان بالدِّين الحقّ في البر والخير والإحسان.

شاعِر روسيا الأشهر بوشكين Alexander Pushkin
​أيضاً كتبَ عن ظهور دعوَة الرَّسول الكريم: «وناداني صوتُ الله مِن عَلٍ – انهض أيُّهذا الرَّسول وتأمل – لبِّ إراداتي – واذهب في البحار والفيافي – والهب بدعوتك قلوب العالمين».

مُواطنه الرّوائيّ الرّوسيّ تولستوي Leo Tolstoy عبَّرَ عن روح الصَّحراء الصّافيّ والمَشرق الصّادق، فكتب: «إذا جئنا إلى الدِّين الإسلاميّ الفاضل على المفضول العهد الجَّديد، وإلى الفطرة السّامية لأبنائكم فإنني أؤيد هذا مِن كُل قلبي، وقد يكون صدور هذا الكلام من شخص يُقدر المنقبة المسيحيَّة غريباً، لكن عليّ أن أقول بأنني موقن تماماً بأنَّ الإسلام يبدو الفاضل على العهد الجَّديد الذي تقدمه الكنسيّة بدرجة لا يمكن قياسها ولو وضع أمام أيّ شخص حُرّيَّة الخيار لكان على كُلِّ شخص عاقل اختيار الدِّين الخاتم الذي له إلهٌ واحدٌ ونبيٌّ واحدٌ، وليس خيار الدِّين بثالوثه الغائم على الفهم والإدراك، وبرهبانيّه صكوك غفران الذنوب وبشعائره الدِّينيَّة، وباعترفات لشفاعة اُمّ المسيح وبعبادة صور القدّيسين العديدين. إن كُل فرد من الأفراد، بل إن الإنسانيَّة جمعاء، وكذلك الشُّعور الدّيني الذي يُشكِّل قاعدة حياة الناس يتجه نحو التكامل ونحو النضوج. وكُل شيء في الحياة يتطوَّر ويتكامل. أمّا تطوّر الدِّين وتكامله فيتم باتجاهه نحو النقاء والبساطة، وكونه مفهوماً، وتخلّصه مِن كُل ما يجعله غامضاً. لقد سعى جميع مُبلغي الأديان وواضعو أُسُسها مُذ القِدَم إلى تطهير الحقائق الدِّينيَّة مِن كُل ما يجعلها عائِمة». تقول الأديبة “فالاريا بروهوفا Valeria Bruhova”: «إن تولستوي أسلم في أواخر حياته بعد قيامه بدراسة الإسلام، وأوصى أن يُدفن كمسلم، لعدم وجود شارة الصَّليب على شاهد قبره وقد بذلت الحكومة القيصريَّة جَهدها في إخفاء هذه الحقيقة؛ خوفاً من انتشار خبر إسلامه، الذي سيحدث تياراً مِن حب الإسلام بين أفراد المُجتمع الرّوسي، المُعجبين بكتاباته». ومع أن روايات تولستوي طُبعت كُلّها مرّات مُتعددة، إلّا أن الرّسالة الصَّغيرة لم تُطبع ثانية. وبعدَ العصر السُّوفييتي تمَّ طبع الرّسالة بالرُّوسية عام 1990م، وفي عام 2005م قامت دار نشر تركية في إسطنبول بترجمة هذه الرّسالة إلى اللُّغة التركيَّة. أن تولستوي لم يُعجب بالفلسفة الماديَّة التي طرأت بين المُثقفين الرُّوس آنذاك، ولم يجد فيها ما يشبع عقله وقلبه وروحه، بل فضَّلَ الإسلام عليها. لعل رسائله التي كتبها إلى إحدى القارئات، توضح مدى إعجابه بالإسلام، ورُبتما اعتناقه له على أغلب الظَّن. روح الإسلام هذا، لم يتلبس إبليس ضياع الشَّرق وأحزاب الأعراب الأشدّ نفاقاً وشِقاقاً، ضياعٌ أضاعَ فطرته السَّليمة وأضاعنا داخل وخارج العِراق، وهذه “واقِعة ذات صلة”: عام 1964م وُلِد «هِشام علي أكبر إبراهيم العلوي»، تعلَّم الطّب في ظِل تسلّط صدّام، الجَّعفري جعلَ العلوي عام 2016م سفيره في أنقرة فلم يُعالج مَهام عمله فنقله سفيراً في لاهاي. عام 1966م

(عام انتماء الجَّعفريّ في كُليَّة طِبّ الموصل إلى حزب الدُّعاة)

خليل علي اُستاذ اللُّغة العربيَّة في الاعداديَّة المركزيَّة في بغداد. عام 2018م بائع جرائد يفترش جرائده على رصيف مدخل قاعة لحضور حفل تكريم كبير استشاريّ امراض القلب في المُستشفى الملكي بلندن طبيب القلب الدّكتور ضياء كمال الدِّين، لزيارته العِراق بعد غياب اكثر من 15 عام. تذكر ملامح بائع الجَّرائد العجوز لدى دخوله القاعة، جلس وذهنه بقي مع بائع الجرائد. نودي على اسمه بحلول فقرة تقليده وسام الابداع قام من مكانه، ولم يتوجه إلى المنصّة بل إلى خارج القاعة. راح الكل ينظر اليه في ذهول. اما هو فقد اقترب من بائع الصُّحف وتناول يده فسحب البائع يده وقد فوجئ وقال: عوفني يا ابني ماراح افرش هنا مرّة اُخرى، ردّ عليه بصوت مخنوق: انت اصلآ ماراح تفرش مرّة اُخرى، أرجوك بس تعال وياي. ظل البائع يقاوم والدكتور يمسك بيده يقوده إلى داخل القاعة. تخلى البائع عن المُقاومة وهو يرى عُيون الدّكتور مُغرورقة بالدُّموع وقال: مابك يا ابني؟. لم يتكلَّم الدّكتور وواصل طريقه الى المنصة وهو ممسك بيد بائع الجرائد والكُل ينظر إليه في دهشة ثم انخرط في نوبة بُكاء حارة واخذ يعانق الرَّجل ويقبل رأسه ويده ويقول: انتَ ما عرفتني يا اُستاذ “خليل”؟، أجابه: لا والله يا ابني العتب على النظر… فردَّ الدكتور وهو يُكفكف دموعه: انا تلميذك “ضياء كمال الدِّين” في الإعداديَّة المركزيَّة… كُنتُ الأوَّل دائمآ… وكُنتَ انتَ مَن يشجعني ويتابعني سنه 1966م ونظر الرَّجل إلى الدّكتور واحتضنه. تناول الدّكتور الوسام وقلَّده للاُستاذ وقال للحضور: هؤلاء هُم مَن يستحقون التكريم… والله ما ضعنا وتخلَّفنا وجهلنا إلّا بعد إذلالنا لهم… وإضاعة حقوقهم وعدم احترامهم وتقديرهم بما يليق بمقامهم وبرسالتهم السّامية.