أَربَع سنوات تكفي في المنصب الَوظيفِي

أَربَع سنوات تكفي في المنصب الَوظيفِي

استقرتْ التعليماتُ الحكوميةُ السابقة،على استبدالِ بعضِ العنوانينِ العليا في الوظيفةِ العامة؛ مديرَ عامِ صعودا لكلٍ منْ أمضى (4) سنواتٌ في منصبه، مهما كانَ أداؤهُ الوظيفيُ والخدميُ ، للمحافظةِ على الموظف والوظيفةُ العامة من الانحراف من القانون، وهذا ما أقرهُ اجتماعُ مجلسِ الوزراءِ في الاجتماعِ المحافظين، في جلستهِ المؤرخةِ في27/7/ 2025، الذي نصتْ إحدى توصياته: ” قيام المحافظينَ بإعدادِ دراسةِ بصددِ إجراءاتِ التغييرِ الوظيفيِ للمديرينَ العامينَ والأقسام، الذينَ مضى عليهمْ أكثرَ منْ (4) سنواتٌ ” .
يكونُ المسؤولُ الجديدُ في بدايةِ استلامهِ المنصبِ الوظيفيِ متحمسا لأداءِ عملهِ بالشكلِ المطلوب، منْ متابعةٍ، حرص، مراقبةٍ ، ومحاسبةٍ للكادرِ الذي بمعيته، ليحققَ النجاح الذي يصبو اليه، وهذا ما ينعكسَ ايجابا على التقييمِ له منْ قبلُ إدارته العليا، لذلك، يتصرف أكثرَ حرصا وسرعة في تنفيذ البرنامج الحكومي المكلف به في انجاز أعمال دائرته.
أنَ معرفة المسؤول في مدةَ بقائهِ في المنصبِ لأربعَ سنوات، سيدخله في سباق مع الزمن، لتقديم انجازاته للمواطن والمسؤول عنه ، ويعتبره امتحانا له، أما النجاح ، أو الفشل .
أما ، حينَ تمرُ سنينَ عديدة، وهو في منصبه الوظيفي، فإنهُ يفقدُ تدريجياً حماسه، في إجراء التغيير والتطوير المطلوب لعمله ، ليصل إلى مرحلةٍ العمل الروتيني، ربما ينشغل في أمور شخصية بعيداً عن العمل المكلف به، إذ، يبدأُ التفكيرُ في كيفيةِ تنمية وتطوير مصالحه الخاصة، ويركز في هدفه في كيفية الإستمرار في المنصبِ الوظيفي لسنواتِ عدة.
إنَ هذهِ المدةِ الزمنية للمنصب الوظيفي، البالغةَ أربعَ سنوات، كافية لتقييم الموظف المبدع من السلطة التنفيذي، وإن التغيير مهم جدا لمن أكملها من الموظفين المشمولين بها، وهذا يتطلب تشريعها بقانون، لتشمل كل المناصبِ الوظيفيةِ في الدولةِ منْ الرئاساتِ الثلاثِ والوزراء والمحافظينَ والدرجاتِ الخاصةِ ، بلْ، إنَ تفصلُ بالنصِ القانونيِ عند التكليف الوظيفي للشخص ( استنادا إلى. . . يكلفَ السيدُ الفلانيُ بالمنصبِ الفلاني. . . منْ تاريخ. . . إلى تاريخِ كذا ) للمحافظةِ على الموظف العام من الانحراف الإداري، ليترك المنصبِ الوظيفي بعد إكمال المدة الزمنية المذكورة، وهوَ مرفوعٌ الرأس، دون أن يتلوثْ بملذاتِ ومغرياتِ المنصب الوظيفي، أما في حالة استمراره في المنصب الوظيفي، ربما يتحولُ إلى ديكتاتورٍ، تلتزمهُ مافياتُ الفساد، وهذا ما نلاحظهُ في بعضَ الأحيان، عندما يتمُ تغييرَ مسؤولٍ ما تخرجُ عشيرته، وليسَ زملائهِ في الوظيفةِ بالتظاهرِ، للمطالبة بإعادته للوظيفةِ العامة، وكأنما الوظيفة مخصصةٌ للعشيرةِ الفلانية، أوْ يتحولُ المسؤولُ بعدَ تنصيبهِ إلى شخصٍ، يبحثُ عنْ الشهرةِ بفساده الوظيفي، لتصله، التهاني والتبريكاتِ منْ قبلُ أصحابِ المصالحِ أوْ المجبرينَ على ذلك من موظفيه الصغار، كما حصلَ لإحدى المديراتِ العامِ في إحدى الوزارات، أوْ قيام جهة سياسية بالاعتراض على تغييره ، وتفضل استمرارهُ في المنصبِ الوظيفي، لتحقيقِ مآربها، وتتدخلَ عسكريا، لمواجهةِ قراراتِ الإدارةِ العليا منْ أجلِ إرجاعهِ لمنصبه، كما حصلَ في تغيرِ منصبِ أحدِ المديرينَ العامينَ في بغداد.
منْ هنا، نطالبُ بتشريعٍ بقانونِ لتحديد المدةِ الزمنيةِ للمنصبِ الوظيفيِ منْ مديرِ عامِ صعودا البالغة (4) سنوات حصراً، منْ قبلِ السلطتينِ التنفيذيةِ والتشريعيةِ وبالسرعةِ الممكنة، وبالإمكانِ أنْ يقدمَ مسودةَ مشروعِ القانونِ منْ قبلِ الجهاتِ الرقابيةِ في الدولةِ ممثلةً، بديوانِ الرقابةِ الماليةِ أوْ هيئةِ النزاهة، للإسراعِ في تغييرِ بعضِ السادةِ المسؤولينَ التي لمعتْ أصواتُ زوجاتهمْ في وسائلِ الإعلامِ أكثرَ منْ نشاطاتهم.
لقد حصلت العديد من التجاوزات والمخالفات لبعض المسؤولين في مرافق الدولة المختلفة، نتيجة الاستمرار بالمنصبِ الوظيفيِ لأكثرَ منْ أربعِ سنواتِ ، بعد أن تم التستر عليها وغلق التحقيق الاداري، بمساعدة شهادات الزور لمن يحيطون به من زبائنه، وإظهارَ براءتهِ منْ التهمِ التي يدانُ بها، وهمْ الذينَ لا يعلمون المراقب الأول؛ رب العباد ( سبحانهُ وتعالى ) لأعمالهم الدنيئة، واستماعه في كل يوم إلى نداء المظلومين.
لنذكرهم في قوله تعالى: ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ( . وكذلك ؛ قوله تعالى: (ولَا تَحسبَن اَللَّه غَفَلا، عَمَّا يَعمَل الظَّالمون، إِنَّما يُؤخِّرهم لِيَوم تَشخَص فِيه الأبْصار ) .
تفقدَ عدالةَ الأرضِ أحيانا في الاستجابةِ إلى شكوى المظلوم، لأنها غالبُ ما تكونُ مزيفة. ويعتريها الظلم، وقلبَ الحقائقِ والتزوير، والاتهامُ الباطلُ دونَ مخافةِ الله. وهذا ما عبرَ عنهُ شاعرنا الكبيرَ المرحومَ (كريمْ العراقي) في قصيدتهِ (عدالةُ الأرضِ) ، التي نستلُ منها بعضَ الأبياتِ الشعرية.
عدالة الأرضِ مذْ خلقتْ مزيفةً والعدلُ في الأرضِ لا عدل ولا ذمم
والخيرِ حملَ وديعْ طيبٍ قلقٍ والشرِ ذئب خبيثٍ ماكرَ نهم
كلِ السكاكينِ صوبَ الشاةِ راكضةً لتطمئنَ الذئبَ أنَ الشملَ ملتئم
كنَ ذا دهاءٍ وكنَ لصا بغيرَ يدٍ ترى الملذاتُ تحتَ يديكَ تزدحم
المالَ والجاهَ تمثالانِ منْ ذهبَ لهما تصلي بكلِ لغاتها الأمم
والأقوياءُ طواغيت فراعنةِ وأغلب الناسِ تحتَ عروشهمْ خدمَ