لم تطل الفرحة بسکان ناحيتي السعدية و جلولاء التابعتين لمحافظة ديالى بعد خروجهم من بين براثن إرهابيي الدولة الاسلامية”داعش”، ليجدوا أنفسهم بين براثن إرهابيي الميلشيات المنضوية بين صفوف مايسمى بالحشد الشعبي، حيث بدأت أعمال تفجير المساجد و نهب البيوت و الاعتقالات التعسفية و الخطف و تصفية الحسابات، وکأن شيئا لم يتغير سوى المظهر، فقد ولى داعش الادبار، وحلت الميليشيات في مکانه.
هذا التطور السلبي الجديد يأتي بعد فترة قصيرة من إفتتاح فيلق القدس الايراني لغرفة عمليات له في قضاء الخالص بمحافظة ديلى حيث يشرف عليها قائد ذلك الفيلق و يقوده هادي العامري، زعيم منظمة بدر المعروف بصلاته و علاقاته و إرتباطاته الوثيقة جدا بالحرس الثوري، وقد تم إفتتاح غرف عمليات عسکرية أخرى تابعة لها في المناطق التي يتم فيها طرد قوات تنظيم داعش، ومهمة هذه الغرف”من خلال الميليشيات الشيعية”، هو نسف البيوت و جرف البساتين من أجل الحيلولة دون عودة سکان هذه المناطق الى بيوتهم، وفي نفس الوقت يتم إستقدام عوائل من جنوب العراق لتحل مکان سکان هذه المناطق.
النقطة الهامة و الجوهرية التي تتجاهلها الحکومة العراقية و تغض الطرف عنها، هي ان الميليشيات الشيعية المسلحة جزء من المشکلة و الازمة الطائفية ـ الدموية التي تحيق بالعراق ولايمکن لطرف يشکل جزء و جانب اساسي من المشکلة او الازمة أن يساهم في حلها و معالجتها مطلقا، خصوصا وان هذه الميليشيات تستخف و تستهين بالحکومة نفسها، حيث أن حکومة العبادي و بعد أن قامت بحظر تردد السيارات التي لاتحمل أرقاما، قامت الميليشيات في أعقاب ذلك بإستعراض إستفزازي لها في بغداد بسيارات و حافلات من دون أرقام و هم يرددون شعارات طائفية!
خطورة دور الميليشيات الشيعية وکونها تشکل تهديدا للأمن و الاستقرار في مختلف الاماکن التي تتواجد فيها، دفعت حتى الاکراد الى رفع أصواتهم إحتجاجا على تصرفات و نشاطات هذه الميليشيات المشبوهة التابعة للنظام الايراني و الموجهة أساسا من قبله من أجل أهداف و أجندة خاصة بالنظام نفسه وليست له من أية علاقة بالشعب العراقي ومصالحه الاساسية، إذ أن”إتحاد علماء الدين الاسلامي” طالب في بيان له قوات البيشمرکة الکردية بإعلان موقف رسمي مما وصفته في بيانها بهذا الصدد”هناك ميليشيات جاءت من خارج كردستان(إقليم شمال العراق) ومن وراء البيشمركة تقوم بشكل وحشي وتحت ستار مواجهة الإرهاب بتجاوز كل الخطوط الحمراء والحدود وتكمل ما بدأه داعش في قتل وإبادة وهدم ممتلكات
المواطنين”، ومن هنا، فإن ضرورة إعادة النظر في دور و نشاط هذه الميليشيات خصوصا في ماتقوم به عقب طرد داعش من أماکن(سنية) على وجه التحديد، وان المطلوب کحل مؤقت هو عدم إشراف هذه الميليشيات لامن قريب ولامن بعيد على أي أمر او موضوع يتعلق بمناطق سنية خرجت من تحت سيطرة داعش، فالعراق بحاجة الى لم الشمل و رأب الصدع و لعق الجراح و ليس شحذ السکاکين و تأجيج الحقد و الکراهية، وان السؤال الذي يجب أن نطرحه: لماذا السکوت و الصمت عن غرف التخريب و الجريمة التي يشرف عليها سليماني و يقودها العامري؟!