الـخشــيــــــــــــــــــة:
يخشى المرء أن تنطلي أحابيل طغموية(1) خطيرة على السيدين عمار ومقتدى بعد أن إنطلت عليهما مقدماتها التي تمثلت باللعب على شهية إبعاد المالكي عن الطريق، وهو الأمر الذي يسيل له لعاب جميع المناوئين لأهداف متنوعة من مصالح فردية وجمعية كلها منافية للمصلحة العامة وعلى رأسها الطموح لتأسيس حكم العوائل والطموح لتشتيت أطراف التحالف الوطني وجماهيره وإثارة قتال بينها. ومن بين المصالح الأخرى تصفية حسابات يقف على رأسها التوقيع على إعدام المجرم الطغموي رأس النظام البعثي صدام؛ وإخراج القوات الأجنبية وإستعادة الإستقلال والسيادة الوطنيتين الناجزتين وبالتالي إفشال مخطط إستراتيجي عالمي معروف؛ وكسر ظهر الإرهاب مقارناً بما كانت عليه سطوتُه بوجود (150) ألف جندي أمريكي ذي أرقى تدريب وتجهيز وظهير تقني في العالم ومع ذلك كانت تحصل (300) عملية إرهابية يومياً؛ النجاح في إعادة بناء الدولة الديمقراطية الفيدرالية ودفعها لمراحل جيدة نحو الأمام رغم العراقيل التخريبية؛ تمكين الشعب من بلورة هويته الديمقراطية وإجتثاث الهوية الطغموية المفتعلة للعراق؛ الحفاظ على الثروة النفطية وتطويرها وتطوير الزراعة ووضع برامج رصينة لكافة الوزارات تقريباً؛ رفع المستوى المعاشي للجماهير؛ عدم المساهمة في تدمير الدولة والجيش السوريين؛ ومنع تصفية القضية الفلسطينية ومحور المقاومة؛ وعدم إفتعال حرب ضد إيران وغير ذلك من الإنجازات التي جاءت وسط بحار من المصاعب الطبيعية والمفتعلة والتخريب الطغموي المتعمد(2).
طرح الطغمويون القضيةَ للسيدين مقتدى الصدر وعمار الحكيم وكأن كل شيء سيكون على ما يرام لو إبتعد المالكي أو أُبعد عن رئاسة الوزارة فهو، في وصفهم، مثير للمشاكل (السبب بتقديري: لأنه أراد تهديم مرتكزات الدولة الطغموية وأهمها القوانين البالية) ويعد ولا يفي بعهوده (بتقديري: يقصدون إمتناعه عن تسليمهم السلطة) وأنه قد نال من كرامة السنة وسبب جرحاً عميقاً في داخلهم (ويقصدون كرامة الطغمويين وليست كرامة السنة) .
ثم نادوا: أين ذلك “البطل الشهم” إبن العوائل العريقة من التحالف الوطني الذي ينتصر للكرامة المهدورة لإخوانهم السنة والحصول بالمقابل على الأمن المفقود؟!!!
صرح السيد أثيل النجيفي محافظ نينوى وشقيق أسامة رئيس مجلس النواب بما يلي: “إذا تمسكت دولة القانون ولم يعارض بقية الشيعة الولاية الثالثة للمالكي فهي رسالة صريحة للسنة، والكورد بأنهم لا يريدون التعايش معنا”.
وقبل ذلك وبتأريخ 28/2/2014 صرح السيد أثيل نفسه وهو “العابر للطائفية” : إن المكون الكردي هو الاقرب لكتلة متحدون “مذهبيا وجغرافيا وحضاريا”.
إنها لعبة حاذقة وإبتزاز رخيص يراد منهما ضرب أطراف التحالف الوطني ببعضها البعض هبوطاً إلى مستوى الشارع لينشب القتال بين الضحايا بتلاوينهم سواءً ضحايا نظامهم الطغموي بالأمس أو ضحايا حليفهم الإرهابي منذ السقوط حتى هذا اليوم.
كل المؤشرات تشير إلى أن الخلايا، في أكثر من عاصمة إقليمية وعالمية، المتخصصة والمستأجرة لإدارة الحروب متعددة الأوجه على العراق (الحرب الإرهابية وحرب التخريب من داخل العملية السياسية وحرب الفساد وحرب الإشاعات والفبركات والتهويش والدعايات وحروب المياه الخارجية والداخلية)، تقدمُ الأفكار لتوضع موضع التطبيق الميداني وتدرس النتائج وتعدَّل الأفكار والخطط بموجب التجربة. واللعبة الحاذقة الأخيرة هي من بنات أفكار هذه الخلايا.
بدأ الطغمويون (ملتحقين بالإرهابيين) بمهاجمة الديمقراطيين الدينيين منذ كانون ثاني 2005 من منطلق: عجم، عملاء إيران، صفويين، شروك، طائفيين، فاسدين ….إلخ، مستوحين تجربة أيام ثورة تموز المجيدة حين وصموا أنصار الثورة الوطنية الديمقراطية بالشعوبيين والعجم وعملاء موسكو.
جاءت هذه المقاربة، الساندة للفعل الإرهابي، بمردود عكسي إذ زادت لحمة الجماهير وتفانيها في سبيل الدفاع عن الديمقراطية الوليدة لأنها الكفيلة بوضع حد لممارسات التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية، وزادت من دعم الجماهير لحكومتها المنتخبة.
هنا بدلوا مقاربتهم وصاروا يولولون على “كرامتهم” المهدورة و”الظلم” الذي لفَّهم و”التهميش” الذي أصابهم، وصاروا يثيرون همم أبناء العوائل العريقة لرفع الحيف عنهم. وكما ركزوا بالأمس على مهاجمة شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم بكونه شيوعياً ورقمه في الحزب الشيوعي (28) وإسمه الحزبي (مطر) فإنهم إلتزموا بهذا النهج النافع الذي أثبت جدواه أيام الحرب الباردة وعمالة الطغمويين للإمبريالية – إلتزموا به اليوم وركزوا على شخصية رئيس الوزراء السيد نوري المالكي كمستبد ودكتاتور. غير أن الديمقراطية وشفافيتها وحرياتها تطيح بأعتى المؤامرات وأطاحت بها فعلاً كما أطاحت بها نضوج المواطن العراقي سياسياً بعد إطلاق الحريات كاملة بعد سقوط آخر وأوحش نظام طغموي في 2003 فشعر المواطن أن تركيز برنامج أي تحالف على نقطة واحدة فقط وهي إطاحة رئيس الوزراء يعني ركاكة ذلك التحالف حتى ولو كان رئيس الوزراء سيئاً فما بالك ورئيس الوزراء المرادة إطاحته هو نوري المالكي الذي سيقترن إسمه، شاء من شاء وأبى من أبى، بإعادة بناء الدولة العراقية التي هشمها النظام البعثي الطغموي وأكمل الإحتلال تهشيمها، وبإستعادة الإستقلال والسيادة الوطنيتين وتثبيت الأسس الديمقراطية للدولة والحريات إلى حدود بعيدة لم يشهد العراق أبداً مثيلاً لها، وإكتساب العراق هويته الوطنية الديمقراطية الجديدة، ولكن للأسف صدَّق البعض تهمة الإستبداد لأنه أراد التصديق إذ وجدت أذاناً صاغية لدى السيدين مقتدى وعمار، وإنطلت اللعبة والإغراء عليهما وإختلطت المقاييس وضاعت القيم وصار تجريح الذات وسيلة لإقناع المتسترين على الإرهاب بالبراءة من الطائفية وبحسن النية المعروفة سلفاً والمضحوك عليها تهكماً والمستهان بها أبداً طيلة العهود الطغموية، فًإنضم مقتدى وعمار إلى جوقات النيل من المالكي وصارا يشتمان ويلعنان ويتوعدان عسى أن يرضى عنهما الطغمويون وتنتهي الطائفية!!!. إنها السذاجة بعينها وهي التي لطمها الشعب أيما لطمة يوم 30/4/2014 عبر صناديق الإقتراع والقادم قد يكون أكثر كارثياً إذا لن تحصل الإستفاقة من هذا السبات.
على السيدين مقتدى وعمار إحترام رأي الجماهير الذي عكسته صناديق الإقتراع وهي الآلية التي فرضها السيد علي السيستاني على الأمم المتحدة عبر ممثلها السيد الأخضر الإبراهيمي الذي تلقى ورفض آلية أخرى قدمتها هيئة علماء المسلمين وهي آلية “أهل الحل والعقد” كما أوضح ذلك الدكتور مثنى حارث الضاري المتحدث بإسم الهيئة في حينه. عاد السيد السيستاني وأعلنها مرة أخرى بقوله “الشعب هو الذي ينتخب رئيس الوزراء” وذلك يوم 29/5/2014 حين أبلغ أحد مساعديه هذا الجوابَ إلى السيدين أسامة النجيفي وأياد علاوي اللذين دعياه إلى تحديد رئيس للوزراء غير المالكي!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته : “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): أرجو أن ينتبه السيدان مقتدى وعمار إلى السؤال التالي:
ما الذي يجعل شخصاً كالسيد عدنان حسين المدير التنفيذي لصحيفة “المدى” يغفل كل الإنجازات الهائلة المذكورة ويقول في فضائية (الحرة – عراق / برنامج “بالعراقي”) بتأريخ 5/6/2014 إن المالكي لم يقدم أي شيء لمدة ثماني سنوات ولا نريد أن نضيع المزيد؟!!
ويقول: لو كانت له علاقات طيبة مع السعودية لحرست له الحدود!!!!
أسألكما يا سيدان:
كم من السنين والعقود نحتاجها لكي يوافق كل العراقيين على رئيس وزراء كما طالب السيد عدنان حسين في نفس الحلقة الحوارية أعلاه؟
لماذا لم يطالب السيد عدنان بشيء من هذا القبيل في كردستان وقد مضت الأشهر دون تشكيل حكومة؟
بدون أدنى شك أن السيد عدنان لا أعمى عين ولا أعمى قلب فهو حليفٌ لمعروف الهوى السيد فخري كريم، وهو المتدرب على يد صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية المروجة للفكر السعودي في المنطقة وهو رئيس النقابة الوطنية (نعم الوطنية!!) للصحفيين العراقيين – نعم إنه ليس أعمى فكيف أغفل تلك الإنجازات؟
أما يختبئ شيء ما وراء ذلك، أم هو رأي لساذج برئ؟
إفهما ما يراد لشعب العراق، والحليم تكفيه الإشارة.