أيامك سعيدة أخي الإنسان الفقير , المكبل بأصفاد الحاجات , والمأسور بالقهر والظلم والجور , والذي تشقيه لقمة العيش , وتنهكه الأيام , وكأنها أثقال هموم تتراكم على ظهره وصدره فتتقطع أنفاسه , وتمرغ روحه بجراح الآهات والحسرات.
أيّامك سعيدة أخي الإنسان الفقير , المهموم المكلوم , الدامع الحزين , الضعيف المسكين , الناطق بالأنين , الحائر الرهين , البائس السجين.
الذي يتبجح من حوله المُراؤن , والذين يمنعون ألف ماعون وماعون , ومهما أخذوا فهم لايشبعون , وبالشراهة والأنانية يتلذذون , وكأن الناس من حولهم أرقام وهو الأعلون.
أيامك سعيدة أخي الإنسان الفقير , فهل عندك عيد , وهل تلبس ثوبا جديدا , وتأكل ثريدا , وتعرف طعم الحلوى , ومعنى أن يكون عند الناس عيد.
فالإنسان منشغل بالمغانم , وعن الخيرات صائم , وبالمنكرات حالم , وعلى صراط الرحمة ناقم , ويحسب الدين عمائم , وأنت المَلوم وهو اللائم , وكأنه يراك من ذوي المآثم , وهذا هو جزاؤك الدائم, فتراه يصلي وفي الليل قائم , ويتعبد في محراب أمارة السوء التي تمنحه العزائم.
أيامك سعيدة أخي الإنسان الفقير , في زمن صار فيه اليسير عسيرا , والجاهل خبيرا , والمال وفيرا , والنهب كثيرا , والفساد قديرا , وأمة الضاد تتعاطى مريرا , وفرزدقها يقاتل جريرا , وداحسها وغبراؤها دامت مشيرا.
فالناس أشتات , شظايا وأمعات , يستثمرون في الويلات , ويستلطفون التداعيات , تأكلهم آفة ومن حولها آفات , ولا يعرفون إلا دروب العثرات , كأنهم أحياء لكنهم أموات , أنهكتهم الصراعات , وأفنتهم الكراسي الخائبات , دينهم دنانيرهم , ومناصبهم العاليات.
أيامك سعيدة أخي الإنسان الفقير , الجالس على أرصفة المآسي , الحامل للرواسي , الممرغ بالقواسي , الحالم بطعام جاسي , والساعي إلى مَن يؤاسي , ويكون الرحيم الكاسي , في زمن النكران والتناسي , والفجور والنفاق والتقاسي.
أطفالك يتباكون , وعن حقهم في العيش والحياة يتساءلون , ولماذا النفط وفير وهم يتضورون , ولماذا الأغنياء كُثرٌ , وأنهم يتحرقون , وإليهم بضائع التضليل والتخدير يسوقون , وكأنهم حتى بالهواء عليهم يتصدقون , فعن أي دين يتحدثون , وهم الأجشاع الذين لا يُطعمون , وفي غيهم ورغائبهم منغمسون.
أيامك سعيدة أخي الإنسان الفقير , فكلهم متدينون , وبأحزابهم يتبخترون , وبما كسبوا فرحون , وبالآيات يعرفون , يقولون ما لايفعلون , وتأمل إذا كانوا بشيئ منها يفقهون!
“وآتِ ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا” الإسراء:26
“فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير” الحج:28
ومن أقوال الإمام علي:
“إن الله فرض في أموال الأغنياء أقواتَ الفقراء , فلا جاع فقير إلا بما متّع به غني”
ويقول إمرؤ القيس:
“وما يدري الفقير متى غناه
وما يدري الغني متى يموت”
تحية لأخي الإنسان الفقير المُعاني الكسير , فلا تحزن ولا تبتئس , فهم الفقراء الأشقياء , وأنت الغني الأمير.
و”إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله” النور:32
وأملنا أن نتعلم مهارات الخلاص من الفقر , والتحرر من الفساد , وإبتكار الآليات الرشيدة لتوزيع الثروات الوطنية , بعدل ونزاهة وصدق وإخلاص صادق.
وكل عام وفقراء الأمة أقل عددا , وأفضل حالا!!