مشروع قانون مجلس النوّاب الذي تمّت قراءته الأولى في جلسة المجلس يوم أمس الأحد , شّكل صدمة ليس فقط لمشاعر أبناء الشعب المطالبين بالإصلاح وتقليص الامتيازات الخرافية للمسؤولين الكبار , وترشيد النفقات بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي للبلد في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية وانخفاض الإيرادات العامة , بل صدمة للقيم والمبادئ والأخلاق والمشاعر , وتحد صارخ لمشاعر الناس ومعاناتهم , ورئاسة الجمهورية التي اعدّت مشروع هذا القانون المستّفز لمشاعر الناس , أرادت إيصال رسالة للشعب العراقي المبتلى بهذه الطبقة السياسية الفاسدة مفادها , أيّها العراقيون سواء قبلتم أو لم تقبلوا .. نحن حكامكم وأسيادكم , وأموال النفط لنا ولعوائلنا , نتمتّع ونترّفه بها ولتذهبوا أنتم ومعاناتكم ومستقبلكم إلى الجحيم .
أنا أعلم أنّ الكثير من أعضاء مجلس النوّاب الشرفاء يرفضون ما جاء في مشروع هذا القانون من امتيازات لا منطقية ولا معقولة , وأعلم أيضا أنّ مشروع هذا القانون سيرفض بالكامل بالرغم من الحاجة الماسّة لقانون جديد لمجلس النوّاب يحل محل القانون القديم , ينّظم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية , ويرسم بشكل واضح دور وواجبات رئاسة المجلس ولجانه المختلفة ودور وواجب كل نائب في العملية التشريعية والرقابية وفق ما جاء في بنود الدستور العراقي , ولهذا فمن المستحيل أن تكون رئاسة الجمهورية التي أعدّت مشروع هذا القانون , لا تعلم بردود الأفعال المتوّقعة , وأنا أجزم أنّ إرسال مشروع هذا القانون من قبل رئاسة الجمهورية وبهذه الصورة إلى مجلس النوّاب لمناقشته , يقع في واحد من أمرين , أمّا أنّ رئاسة الجمهورية تريد إثارة مشاعر الغضب لدى الشارع العراقي ضد مجلس النوّاب , أو أنّ رئاسة الجمهورية أرادت من خلال هذا المشروع توجيه أنظار الشارع العراقي وإشغاله بمشروع هذا القانون من أجل تمرير شيء خطير يتعلّق بأمن البلد واستقراره , وإلا فما الغاية من استفزاز مشاعر الناس بهذا الشكل اللا أخلاقي والبعيد كل البعد عن معاناة الناس وهمومهم والتي تتراكم يوما بعد يوم , في الختام أقول .. إنّ إرسال مشروع هذا القانون بصيغته الحالية من قبل رئاسة الجمهورية , سيبقى وصمة عار بحق من كتبه , فسحقا لمن ساهم بكتابة هذا المشروع العار وسحقا لكل من لا يشعر بمعاناة الناس وهمومهم وِّرون العربية