لا أفهم ولا أستطيع أن أُفسّر ظاهرة غريبة تنتاب الفاسدين واللصوص وهم يقومون بتصوير أنفسهم بأحلى إبتسامة وكأنّ الصورة إشهار للفساد أو إعلاناً عنه..تُرى هل هو للإستفزاز أم الرياء أو حتى للتباهي؟ ربّما هي جميع هذه العوامل مُجتمعة.
شِعاراتهم الجوفاء وهُراء الحديث في الدفاع عن حقوق المكوّن والطائفة والمذهب ماهي إلّا إكسسوارات تزدان بها وجوههم التي تحمل ألف قِناع للخداع والتضليل.
مُتلوّنون كما تقتضي مصالحهم ورغباتهم، تملئ وجوههم الوقاحة وهم يقفون أمام كاميرات التصوير لِتوثيق لحظات نَشوتهم أو لإشباع رغباتهم المريضة ونفوسهم الجائعة دوماً إلى السُلطة والمال.
قطرة الحياء والخجل غادرت جِباههم وهم يرون شُهداء الواجب وقد تضمّخ بِدِمائهم تُراب الوطن، بينما يتنقّل أولئك بطائراتهم الخاصة لِمُشاهدة مُباراة كرة قدم، هل بقى للحياء معنى؟ وماذا أبقوا للغيرة والشرف في معايير الرجولة والوطنية لِبلدهم؟.
يلتقطون الصور مع زوجاتهم وهم في أبهى زينة وأغلى الثياب وأرقى الماركات، بينما يعيش مواطنيهم وأولئك السُذّج والمخدوعين بِعذّب كلامهم عن المُغيبين والمُختطفين.
يخدعونهم بهذه السَفسطة من الكلام وهم الذين يُتاجرون بِدمائهم ويسرقونهم وينهبون قوت اليتامى والأرامل، وبعد تتمة الحديث هل بقى لهم من الشرف مايتحدثون به؟.
صورهم من حيث نلتفت نراها في الفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي وحتى في كوابيسنا، فقد أصبحوا كوابيس أحلامنا المُفزعة التي نرجو أن نستيقظ منها ولا نذكر منها شيئاً.
أحدهم أُلتُقطتْ له صورة مع زوجته في مدرج لوسيل القطري في نهائيات كأس العالم لكرة القدم وكأنه يُخبرنا في هذه الصورة بإبتسامة المُنتصر على جموع الفقراء والجياع من شعبه، مثل العبيد الذين يستخدمهم في مزارع القطن ليوفّروا له ولزوجته أرقى الماركات وأغلى الملابس والكثير من المجوهرات.
في ليالٍ كثيرة يسدل الظلام ستاره على وطني لِتخرج طيور الظلام وخفافيش الموت وذئاب الليل تنقض على حُرّاس الوطن وحُماته وتنهش بأجسادهم، في حين يتجوّل من يدّعون حُماة المذهب وقادة المكوّن بطائراتهم الخاصة لِمُشاهدة مُبارة كرة قدم.
في الماضي كان اللص والسارق يختبئ بظلام الليل لكي لايراه أحد، كان يستحي أن يُشار له بأصابع الإتهام، أمّا الآن فالسُرّاق واللصوص يلتقطون الصور..أليست هذه لعنة من لعنات القدر أو إبتلاء هذا الشعب بهم؟.