يقولون أنه عندما يُمسي الظلام حالكاً يكون الليل، وعندما تستعر المأساة في قلوب الفقراء تُصدر ألحان الضحكات الساخرة، وعندما يتعاظم الكذب والتدليس فأعلم أنك في حضرة السياسة.
نعم..هذا هو بعض الواقع الذي رسمه لنا القدر وأوجد هذه المفارقات في تلابيب حياتنا إن كانت في أبيضها أو أسودها، ذلك هو التصارع أو التناقض أو حتى محاولات وطرق السخرية التي إبتكرها أولئك الساسة الذين يتحكمون في حياتنا وأمورنا اليومية، ذلك هو المشهد السياسي القائم في بلدنا بالرغم من كل محاولات التبرير والتجميل للواقع الذي نعيشه.
وكم تغمرنا السذاجة والأستغفال إذا إعتقدنا أو تصورنا أن هؤلاء الذين يتحدثون عن الولاء للوطن وخدمة المواطن والتضحية من أجل البلد أو أولئك المتربصين أو المنتفعين من عالم السياسة لافرق والذين يرسمون لنا قصصاً وأعمال درامية توحي بأنهم المنقذين لنا من براثن الفقر والجوع والضياع، فأن صدّقنا تلك المسرحيات المتكررة فهناك حقيقة لاتكون إلا في إتجاه واحد وهي أننا يجب أن نتحمل أوزار الأخطاء جميعها وليس أولئك المغامرين بمصائرنا واللاعبين بخيوط السياسة.
لقد علمتنا السنين العجاف أن الكثير ممن أمتهن فن السياسة القذر من زعامات الأحزاب والمكونات والقوميات كان شعارهم الأول والأخير هو تقاسم السلطة والنفوذ والمال وتبادل المصالح في السرقات واللصوصية بحيث إنعدمت فيهم معدلات الوطنية والأنتماء للوطن إلى مادون الصفر للكثير من الفاعلين الأساسيين في الحكم إلى أن سقطت عنهم أخيراً ورقة التوت التي كانت تحميهم، لكن المصيبة أن هؤلاء الممثلين أو اللاعبين يُعاد تكرارهم في كل تجربة فاشلة يُعتقد لها النجاح ليكون الأستنتاج المؤكد إن الذي يحصل سيكون تقليداً متوارثاً في عدم تغيير الواقع.
إن اقتراب موعد الأنتخابات المقدس لدى ساستنا الأفذاذ الذين يجدون في هذه المناسبة فرص مكررة للملهاة والضحك على الذقون ومحاولات التمثيل لمشاهد توحي بحبهم وإهتمامهم بذلك الفقير والجائع وإستعدادهم لمساعدته وبذل الغالي والنفيس من أجل إرضائه وربما تصل بهم الوعود إلى محاولات إيداع الناخبين في الجنة من أجل التصويت لهم ولعناوينهم في تناقض تام مع سلوكياتهم ونرجسيتهم في المغامرة بالوطن والمواطن.
أحزاب السلطة أصبحت اليوم متفوقة في إختبارات تخطي مفاهيم الكذب والخداع وتضليل الناس في نفس الوقت الذي إنفرط عقدها وتحاول جاهدةً أن تُغلق الأبواب والشبابيك بوجه التغيير وتجاهد من جهة أخرى في إقناع المواطن بالإنفتاح إنها سياستهم التي أوصلت الجميع إلى الحضيض.
أيُها الساسة…المواطن لايحتاج إلى طرقكم المبلطة أو أموالكم التي تنثروها عليه أيام الأنتخابات أو هداياكم، هذا المواطن بات يكره وجوهكم وخداعكم، المواطن بات يحتاج إلى الصادق والمنقذ له من آفات الجوع والفقر والبطالة ولايبحث عمّن يسخر منه وهو يبحث عن قوته، المواطن بات يقول اليوم للسياسيين أنتم سبب فقرنا وخرابنا ودمار بلادنا فأوقفوا هذه المهزلة فنحن لا نأكل وعودكم ولانشرب كلامكم، لأنكم كما تسخرون من حياتنا وجوعنا وفقرنا فأننا نسخر من وجوهكم المنتفخة كأنتفاخ كروشكم.