23 ديسمبر، 2024 12:39 م

(( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ *))
سورة ص: 41 ـ
لم يكن ايوب الثالث قرينا وشبيها بالأيوبيين المقدسين الذين اتى ذكرهما في الكتب السماوية والأساطير ، الأول هو أيوب النبي بن موص بن رازخ بن روم بن العيص بن اسحاق بن إبراهيم الخليل والثاني هو ايوب السومري الذي وردت قصته في الاساطير السومرية في مشابه مقارن بذات قصة النبي ايوب في الكتب السماوية . وأيوب الثالث هو ما اطلقناه نحن المعلمون على واحد من ابناء قريتنا ( أم شعثه ) وأسمه الحقيقي هو ( أيوب أثليث ) .

أيوب نعرف محنته من ملامح ولده ( يوسف ) التلميذ في مدرستنا ، عندما يجئ في بعض الأيام وقد امتلأ وجهه حزنا وكآبة فنعرف أن مصيبة جديدة حلت بأيوب واغلبها موت واحدة من جواميسه الذي تكرر موتها في ماشية أيوب دون سواه من أهل القرية . وكنت كلما اطالع الملامح الحزينة لوجه الطفل تسكنني قناعة أن الحزن والنحس يلاحق كل أيوب في هذا العالم. وكم تمنيت أن اتلو قصيدة ايوب السومري التي وجدوها على واحد من الواح سومر وليقارنها مع قصة النبي أيوب ويضع نفسه ثالثا كممثل للبشر في تحمل اقدار المحنة والحزن.

أيوب الثالث أجاب ذات يوم على مواساتي له : أن كنت تعرف صبر أيوب فتعلم منه ، وربما ايوب علته في خسارة كل ماله وقروح جسده من مرض في بدنه ، انت معافى يا أيوب ، والحلال يعوض ما دمت سالما.

قال :وأنا راض لأنها قسمته ثم رفعه رأسه الى السماء .

في ذات اللحظة تذكرت قصيدة السياب وهو يناجي بالحمد ربه رغم البلايا :لكَ الحمد أن الرزايا عطاء ..وأن المصيبات بعض الكرم .

ربما أيوب الثالث يظن مصيبته كرما لهذا ابتسم بوجهي ومضى الى مراعي ماشيته وكانه يعلم أن واحدة ( ستفطس ) في يوم قريب.

سافرت الى مهجر بعيد وتركت ايوب قريتنا وقد صار مثلا بين المعدان وقد سرقوا تسميتنا له وصار الجميع يناديه (أيوب الثالث ) وكنت اعلم أن جواب الرجل في مواساتي له سيجعلهُ يعبر محنته وسوف يتوقف موت دوابه مع قوته وايمانه.

يوم أتيت الى شواطئ الوطن وزرت القرية التي كنت اعمل فيها معلما كان من بعض أسالتي اين انتهى المطاف بأيوب الثالث ؟

 أحدهم أجابني : ايوب توقف الموت في دوابه وكُثر حلاله ، لكن ولده يوسف قتل في حرب حفر الباطن ، ويوم اتوا بنعش ولده ،رفع رأسه الى السماء وقال :ربي موت الدواب أرحم مصيبة من موت الأبن . ثم انه لم يكمل ايام مأتم ولده فلقد توفي في اليوم الثالث وقد أوصى بتسمية ابن ولده يوسف الذي لم يزل في بطن أمه إن كان ذكرا بأسم  أيوب الرابع……!