كارتات المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات دخلت كل بيت في العراق وبكميات كبيرة جداً، إذ أن معدل حصة العائلة العراقية من هذه الكارتات تقدر بخمسين إلى ستين (كارت)، وإذا علمنا أن معدل عدد أفراد العائلة العراقية لا يتجاوز خمسة أفراد، نعرف أن عدد الكارتات المطبوعة يبلغ عشرة أضعاف عدد الشعب العراقي، وهذا يعني على أقل تقدير أن عدد الكارتات المطبوعة من قبل المرشحين حوالي 300 مليون كارت، ويعني أيضا أن 300 مليون عراقي قطعوا عهوداً لمرشحين، ويعني أيضا أن هناك 299 مليون 999 ألف كاذب تقريباً !
وكثرة هذه الكارتات في البيوت شجعت الأطفال على الإستفادة منها واستخدامها في لعبة ( الذب): تلك اللعبة التي يتقابل اثناءها طفلان يحمل كل منهما عدداً من أوراق اللعب ويبدأ كل واحد منهما برمي ورقة فوق ورقة رسيله التي رماها قبله، و اذاما حدث أن تشابهت ورقتان، فإن الاوراق المرمية على الأرض تكون من حصة الطفل الذي رمى الورقة المشابهة. وقانون هذه اللعبة معروف عند استخدام أوراق اللعب المعروفة، فعددها ثلاث عشرة ورقة مكررة أربع مرات بالاضافة الى جوكرين. لكن القانون التبس على الاطفال عند استخدام كارتات المرشحين. وذلك لكثرة المرشحين، مما دعا الأطفال إلى ابتداع قوانين جديدة، قسموا المرشحين فيها إلى مجاميع، كمجموعة المعممين و مجموعة المعكلين و مجموعة اصحاب القوط (المقوطين) و ومجموعة النساء، ثم قسموا النساء الى محجبات وسافرات. ثم بدأت تعبيرات هذه القوانين تنتشر وتسمع بكثرة، مثل( المعكل ياكل المعكل) و ( ابو القاط يشيل أبو القاط)و(والمرية تكَش المرية)، لكن الخلاف الأكثر شيوعا في هذه اللعبة يحدث عند الرمية الاولى التي من خلالها يتم تحديد من يلعب أولا. فأي من هؤلاء المرشحين يكسب في الرمية الأولى؟ هل هو المعكل أم ابو القاط، أم المعمم. أم المرأة؟
بعض الأطفال يرى أن المعمم يجب أن يكسب، وبعضهم يرى التفوق للمعكَل في الوقت الحاضر، وقليل منهم يرى أن (أبو القاط) أفضل، والأقل هم من يرون أن المرأة أفضل. و إن الأكثرية التي ترى أن المعمم يجب أن يكسب قد اعتمدت على نتائج الإنتخابات السابقة، أما حجة الأقلية فانها ترى أن الإنتخابات السابقة ليست مقياسا يعتمد عليه ، فلم تعد اللعبة القديمة تنطلي على العراقيين.
والذي أشكل علي وأنا أحاول حل مشكلة بين طفلين رمى أحدهم كارت لمعكَل بينما رمى الثاني كارت آخر لمرشح بعقال وقاط في آن واحد، إذ وقفت حائراً أمام تحديد تفوق أحدهما لذلك ابتدعت فقرة تقول بتسمية الأخير بالجوكر الذي يكَش الأول والتالي لأنه استطاع ركوب الموجة…
أما المشكلة الثانية لدى الأطفال فهي سؤالهم الدائم عن أيهما يكسب المرأة المحجبة أم السافرة، وجوابي الدائم بأن المرأة المحجبة تكسب في الوقت الحاضر، لكن معظمهم يرى غير ذلك، مما دعاني إلى التفاؤل بمستقبل العراق. أما سؤالهم عن أيهما المتفوق المرأة أم الرجل، فالجواب واضح، وهو أن المرأة تأكل الرجل، عفواً تكوّت الرجل.