19 ديسمبر، 2024 12:00 ص

أيهما الدولة مسعود أم العراق؟ – (نقد ذاتي) و تكملة لما جاء في مقال الوجه الآخر لكردستان العراق

أيهما الدولة مسعود أم العراق؟ – (نقد ذاتي) و تكملة لما جاء في مقال الوجه الآخر لكردستان العراق

مع جميع النقاط المهمة التي أشار لها الكاتب العراقي شيرزاد شيخاني في مقاله ” الوجه الآخر لكردستان العراق”.. ألا أنه جعل ممن سمّاهم (الطبّالين والزمّارين من الكتّاب العراقيين المساندين للبارزاني) المادة الرئيسية التي يدور حولها المقال .. كما ختم الكاتب بأن مسعود يتصرّف حتى مع أقرانه داخل الإقليم بأنه “دولة”.. رغم أن الظروف المحيطة بل تصرفات مسعود نفسها، يستحيل معها أن يتحوّل الاقليم الى دولة تتمتع يوما ما بعضوية كاملة في الأمم المتحدة.

هناك حقيقة لا يتجاهلها سوى هواة السياسة ممن لا يعلم الأثر الكبير الذي يلعبه الإعلام في صناعة الحدث، ولا أعتقد بأن الكاتب شيرزاد يختلف معي، بل هو الآخر تأكله الحسرة على ما يجري لكنه بلا شك لا يريد أن يبدو بصيغة الواعظ للحكومة العراقية، أو قوى المعارضة داخل الإقليم،  مثلما أراد بهذا المقال أن تدرك الدولة العراقية أهمية أن يكون لها جدار اعلامي واق من الصدمات والمفاجآت وبالطريقة التي يتصرف بها مسعود رغم أنه ليس بدولة بل ومن غير الممكن للظروف الحالية أن تؤهله ليكون دولة مع ذلك وعلى العكس من بقية اطياف العراق.. نراه يصر على النظر الى نفسه  كـ«دولة» ويرسخ في أذهان العاملين معه والتابعين له «قولا و فعلا» بأنه كذلك…!

ومع ذلك فقد نجح مسعود في بناء مصد إعلامي منتظم ضمن أطر إعلامية تمنحه القدرة على التواصل وتمنح أفراده امكانية الإستفادة المادية والمعنوية من هذا التواصل البنّاء.. وفي نفس الوقت إستطاع تعطيل خطوات الدولة العراقية في هذا المجال.

بمعنى آخر تجد الأقلام المصطفة مع مسعود قد أخذت حقوقها القانونية بالكامل فضلا عن الهبات والمكرمات والوسائل التي تضبط حركة وخطاب هذه المجاميع الإعلامية المؤثرة وبما يجعل من عملية استثمار وتوظيف أدوارها شيئا يسيرا إرتبط  الشعور المصطنع بالمسؤولية،  بشئ آخر هو المصلحة المتحققة من عملية الإلتحاق بهذا الفيلق الاعلامي المتزن (ظاهريا) في مساره والمنضبط في خطابه وفق ما تتطلبه المرحلة من إسناد اعلامي على مستوى الكم والنوع.. بل وما زالت أبواب هذا الفيلق مفتوحة على مصراعيها لإستقطاب المزيد   الملتحقين الجدد

في حين تجد أن الأقلام العراقية التي نذرت أقلامها في سبيل مساندة العملية السياسية الديمقراطية في العراق، و رفد خطوات بناء الدولة العراقية على أسس حديثة ، هي الطرف الأكثر تضررا سواء على المستوى المادي أو المعنوي..

لا نأت بجديد عند القول بأن طبقة الكتّاب العراقيين وخصوصا (الأقلام الحرة) التي انفردت في مواقفها الواضحة من العملية السياسية في العراق اليوم أو فيما مضى، هي الطبقة الأكثر تضررا على الصعيد المادي ورغم القوانين التي سُنّت في هذا المجال ألا أنها لازالت تعاني من صعوبة نيل تلك الحقوق بذرائع شتى .. يقف الروتين أولا عائقا أساسيا في عملية إستفادة هذه الطبقة من القوانين المشرّعة حديثاً.. ولربما أيضا يشكل جهل أو تجاهل الحكومة لأهمية هذه الطبقة الواعية والمخلصة عاملا أساسيا آخر في تعطيل فعلها المؤثر .. ليؤدي بالنتيجة الى تشتت هذه الأقلام أو تفشي الشعور بالإحباط لدى القسم الأكبر من أفرادها… وليس مستبعدا أن تكون هناك أياد خفية داخل الحكومة تُسهم في تعطيل وكبح أي محاولة من الممكن لها أن تؤطر الفعل الإعلامي لهذه الطبقة وبالتالي السعي لإخراجها بالتدريج من حلبة الصراع السياسي والإعلامي ..الأمر الذي سيكون مؤداه التلاشي التدريجي لدور هذه الطبقة في دعم مسار الدولة العراقية.

فرغم عدم شرعية الحالة الأولى التي تخص مسعود بارزاني والتي أشار لها الكاتب العراقي شيرزاد شيخاني لكن التزام مسعود تجاه من أطلق عليهم ((الطبّالين والزمّارين من الكتّاب العراقيين المساندين للبارزاني) من شاكلة (فؤاد حمه خورشيد : الذي يرى بأن “مسعود أسمى من أن يُنتقد وما يفعل ذلك الإ السوداويون وناقصو العقول”)، نعم التزام مسعود تجاه هؤلاء هو التزام يرقى الى مستوى أن يوصف بأنه (إلتزام دولة)  سواء من الناحية المادية أو الإعتبارية .. ومن الطبيعي لجهدِ كهذا أن يكون مثمرا وفعّالا خاصة مع التوظيف الأمثل له والإعتراف بأهميته وشخصيته المعنوية والإقرار بحقه في الإجتهاد لمواجهة الاعلام المقابل

لكن وفي الجهة الأخرى التي نحن بصددها فالشرعية الوطنية والإخلاقية التي يمتلكها الكتّاب العراقيين المساندين للعملية الديمقراطية وعملية بناء الدولة تكاد تنكفئ على نفسها يوما بعد آخر سواء نتيجة العوز والحرمان الذي لم يشفع لهؤلاء في نيل حقوقهم القانونية (التقاعدية، أو ما أقرته قوانين الهجرة والمهجرين أو السجناء السياسيين أو إعادة الممتلكات المصادرة من عوائلهم وغير ذلك الكثير) ، أو على الصعيد المعنوي (الإحباط) نتيجة إفتقار هذه الأطراف لأطر إعلامية ترعاها الدولة العراقية (ولا نقول الحكومة) تسمح لهم بالتفاعل والتواصل البنّاء، وتسهم في رسم خطوط عامة تحول دون تقاطع جهودهم الإعلامية.

ومن ثم يمكننا القول أن ما إنتهى اليه الكاتب العراقي شيرزاد شيخاني من أن دولة مسعود لا وجود لها سوى في مخيلة مسعود وحده، مع التسليم بذلك، فان الحال يصبح مثمرا إذا كانت العلاقة بين مسعود وفيلقه الإعلامي ترتقي في أطرها الأساسية الى مستوى أطر الدولة، نعم مثمرا إذا ما قورن بالحال المقابل الذي يشعر معه المؤيدون لمشروع الدولة والعملية الديمقراطية وخاصة (عراقيو الخارج) بأنهم أمام جهات حزبية متناحرة أسلمت زمام أمور الإعلام ومسؤولية رسم العلاقة بين الطرفين الى نقابات واتحادات اعلامية تدير كواليسها أذرع إخطبوطية نشأ وترعرع قسم منها في أحضان النظام السابق، في حين يشكل القسم الآخر منها آطراف تعد مصالحهم الشخصية البوصلة في عملية الإلتفات للآخر. فضلا عما تحتويه هذه النقابات من مظلوميات في الداخل أيضا مماثلة لما نطرحها الآن، و ما زال كلا المظلوميتان لم يلتفت اليهما أحد في الوقت الذي يأخذ فيه مسعود مؤيديه بالأحضان..! فلا يلومنا أحد إن قلنا ” أن العراق ما خلا مسعوداَ هو الإقليم، وأن مسعود بمفرده هو الدولة!

الوجه الآخر لكردستان العراق المنشور في عراق القانون (شيرزاد شيخاني)
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=25448