تعاقبُ الطواغيت على العراق، جعله منقسما على نفسه، والشعب ليس مدركاً، أنهم مجموعة من المرتزقه والحاقدين، يسعون سعيهم من أجل تفتيت لحمته، وسرقة خيراته، وتقسيمه الى دويلات وإضعافه، وغاياتهم لا يدركها إلا الأراذل التابعون لسياسة التقسيم، فخارطة العراق رسمت على سجادة، تمت حياكتها بيد السفهاء وبمساعدة أشباه الرجال، من الساسة المحسوبين عليك يابلدي.
كنا نتصور أن الحلم قد تحقق، وأصبح حقيقة ملموسة، فتهدمت أركان الطاغوت، وإنجلى الظلام، وحل الصباح، وجاءنا البعيد كي يمسي قريباً، فمن كنا نرجو منه عوناً، إنقلب فرعوناً.
الساسة الذين يرتدون الازياء الرسمية، وفي داخلهم دماء الضحايا، يتساقطون عبر الخطب التحريضية، عندما أهملوا مشاعر شعبهم، وأصروا على إقصاء الطرف الأخر المعتدل، لذا فليس من المعقول، أن تكون بقايا الحلم الصامت، الملطخ بسياسة رعناء، هو القادر على إنقاذ البلاد والعباد، في الوقت الذي تكون فيه غير مستعدة، لإصلاح سياستها الداخلية.
الإعلام ايضاً، بعد أن لبس لباس الساسة، وذهب ربيعه الأخضر، أمسى خريفاً، لأن الأقلام المأجورة كانت تمجد لهذا الصنم، على أن سقوط إمبراطوريته، المليئة بالزيف والضلالة، حلم لا يتحقق، متناسين أنه إنفراجاً للطريق، وثأراً لشهداء الحرية الحمراء، حين بات المنجز الوطني مهماً، وخطيراً، وكبيراً، لإعادة تصحيح التأريخ، الذي قاده رجال أمسوا ملوكاً، في سلوكهم الجهادي، ومسيرتهم الغراء، فكانوا نوافذ مشرعة للصهيل، قادرة على صنع التغيير.
القضاء لا يقل شأناً عن الإعلام كلاهما تسيسا، وسارا بنفس الطريق، عندما كان الإعدام ينفذ بتوقيع قلم، دون محاكمة عادلة تنصف الناس، فذهب كثير من الأبرياء ضحية للقرارت التعسفية، وولاء القضاة كان للشخوص، وليست لهم صلة بما أنزل الرحمن، من آيات قرأنية، جعلت من القاضي ممثلاً لرحمة الخالق، ليحكم بين الناس بالعدل (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).
نفس الشخوص الإعلامية والقضائية، عادت لتتصدر المشهد من جديد، فتسنمت مناصب عليا، أهلتهم أن يسوقوا لزيف إعمالهم، وهم يصفقون ويمجدون، لكل من تصدر وجلس على كرسي الحكم، حتى لو كان دكتاتوراً، فإنساق العراق الى ما لا يحمد عقباه، فعندما تكون مرآتك مشوهة، ووجهك قبيح، والمكان مظلم، ستنظر الى نفسك، دون أن تميز الملامح المخيفة، فلن تجد سوى خيال لشخص محسوب على الرجال، وهو من أشباه الرجال!
إن قمع الصفيح الساخن، وصلوات الخائفين، والأماكن الحجرية المظلمة، لم تعرف رحمة الحكام أبداً، لذا أخرجت لنا أحراراً وشرفاء، سكنوا الجنوب وكان معهم أبناء الغربية الأصلاء، والشيوعيون، والقوميون، وقد طالتهم يد الخيانة والغدر، بسبب سعيهم الجاد للوصول الى عالم أبيض، لبلد تجمعه خارطة العراق فيكَون دولة كريمة.
المواطنون الأبرياء في عراقنا، كانوا ينتظرون اليأس والموت، من جراء تصرف الحكومات التي تعاقبت عليه، ولم تنصفهم منذ أكثر من خمس عقود، ورغم يأسهم وخوفهم، تجدهم يداً بيد، فكانوا الحل للعبور فوق الطائفية، وهي ما أعادت التوازن للعراق، وحفظت كرامة المظلومين، والمحرومين، وأبعدت شبح الذل، عن عقول الهاربين من بطش الحكم الجائر.
ختاماً: المظلوم أصبح ظالماً بعد أن تسنم مراكز القيادة، مستعيناً بنفس أدوات الظلم السابقة، ولكن بمسميات جديدة، والثمن يدفعه المواطن البسيط دائماً، وكأني بالدنيا تقول له: يوم عليك ويبقى عليك، لا تفكر أن يكون لك!