يحكى أن رجلاً كان من أجود العرب في زمانه، فقالت له إمراته يوماً: ما رأيت أشد لؤماً من أصحابك! قال: ولمَ ذلك؟ فقالت: أراهم إذا إغتنيت لزموك، وإذا إفتقرت تركوك! فقال لها: وهذا والله من كرم أخلاقهم، يأتوننا بحال قدرتنا على إكرامهم، ويتركوننا عند عجزنا بالقيام بواجبهم، فقال أحد الحكماء لها: انظري كيف بكرمه جاء بهذا التأويل، حتى جعل قبيح فعلهم حسناً، وظاهر عذرهم وفاءً! أهذا ما تريدونه من العراق، ليبرر أفعالكم أيها النواب المعتصمون؟!إن سلامة النية راحة في الدنيا، وغنيمة في الأخرة كما قيل قديماً، (ولترتاح إحسن الظن بالآخرين، وإلتمس إليهم سبعين عذراً)، كما يوصينا أمير المؤمين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، وإن ما فعله بعض أعضاء مجلس النواب، في جلستهم التأريخية من إعتصام زائف، هو ليس من الحرية السياسية والإصلاحية في شيء، بل تسيب خطير أريد من خلاله، إفتعال أزمة وسط أزمات الأمن المفقود، والإقتصاد المتذبذب، فأي أعذار سنلتمسها لكم، وأنتم سبب الفساد والفوضى جملة وتفصيلاً؟!حينما تتحد الأهداف والأفكار ببودقة واحدة، ستتصاغر الجهود لأجل شعبنا وأرضنا، فالأولوية هي إدامة زخم الإنتصارات، ودعم الإصلاحات بكل ما أوتينا من قوة وشجاعة، لنرهب بها أعداء الإنسانية والديمقراطية، من مرتزقة الإرهاب والفساد، وليس إثارة الفوضى السياسية بغية تحقيق مكاسب حزبية، ثم هل سينسى الشعب مجازر سبايكر، والصقلاوية، والأيام الدامية التي جرت على بلادنا؟ وهل هناك أعذار، تبررتناسيكم لهذه المآسي وغفلتكم عنها، أيها المصلحون الفاسدون؟ نعم هناك عذر إنه المال الحرام، الذي تحبونه حباً جماً! أروع ما طرحته القوى المعتدلة، وأبرزها المجلس الإسلامي الأعلى، ضرورة إعلان إنتصارنا العراقي، في الجهاد الأكبر، وهو النصر على النفس الأمارة بالسوء، مثلما حققناه بجهادنا الأصغر في ساحات الشرف، تلبية لنداء المرجعية، لحفظ الأرض، والعرض، والمقدسات، (فالعراق كبير بما يكفي ليكون لنا جميعاً، بكل تنوعاتنا الجميلة، وطوائفنا الأجمل، وقومياتنا الأكثر جمالاً، وألا يمتد اليأس لنفوسنا، لأنه يصنع نصراً، ولا يقوّم إعوجاجاً، ولا يحي مشروعاً)، إنها كلمات أعلنها قائد شاب صاحب مشروع عادل، لايتفق ومصالح الفاشلين!نلتمس لهذه القيادة المعتدلة العذر، لأن الآخرين يقومون بتدليس مبادراته وتمييعها ورفضها، لأنها لا تصب بإنهارهم الملوثة، فهم يقرأون القرآن لختمه وليس لفهمه، هذا إن كانوا يمتلكون، أصلاً شهادة تؤهلهم للقراءة! فقد قال النبي (صلواته تعالى عليه وعلى أله): (إذا إلتبست عليكم الأمور، كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن) لكن هؤلاء المعتصمين حنثوا باليمين الدستورية، التي مثلوا بها أمام الشعب لخدمته، وسنسأل: كم عذراً يبرر إعتصامكم، لكننا لن نلتمسها لكم، لأن جرائمكم أكثر من سبعين جريمة؟!