مما يحز في النفس العراقية الأبية التي عجنت ساسة الصدفة وخبرتهم على مدار أكثر من عقدٍ من الزمن وهي مدة كفيلة بتمييز الغث من السمين هذا بالطبع أن كان هناك سمينٌ أصلاً ، أن تطفو على السطح دعايات انتخابية تصيبنا بالغثيان ولن نطيل سنتحدث عن انموذج واحد فقط حاول استغفال العقول والضحك على الذقون والعزف على أكثر من وتر بدءاً من الوتر الطائفي ثم الديني فالعلماني مما جعل الأمر يبدو في غاية السذاجة وكما يقول المثل : من أراد أن يحظى بالكل خسر الجميع ، حيث آثر المرشح أن يجعل دعايته في المناطق ذات الغالبية الشيعية تقول : انتخبوا الآشوري معتنق الإسلام على ولاية محمد وآل محمد ، ثم اختار عنوان لدعايته في المناطق ذات الأغلبية السُنيّة : انتخبوا الآشوري معتنق الإسلام على دين محمد (ص) ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل اختار عنوان آخر لدعايته في المناطق ذات التوجه الليبرالي تحت شعار : الدين لله والوطن للجميع …!!!؟؟؟
لن أعقّب على الأمر أو أعلق عليه ولكن الأمر يذكرني بحادثة مفادها ( يروى انه كانت هناك كنيسة يعلوها صليب غاية في الروعة ولكن مشكلة هذه الكنيسة ان القساوسة اتعبهم كثرة تنظيف الصليب من فضلات الطيور حتى تبادرت فكرة الى احد هؤلاء فراقب الصليب فاذا بلقلقٍ يقف على قدمٍ واحدة ويرفع الأخرى فاذا ما استرخى مطمئناً القى بفضلاته على هذا الصليب , يا ترى ما الحل ؟؟
فقال القس الحل عندي وبما أن الحادثة كانت في يوم صيفٍ حار بادر القس بوضع إناءين , الأول فيه لحم بعير والثاني فيه خمر واتخذ مكاناً يكمن فيه ليراقب ما سيؤول اليه حال طائر اللقلق وفعل اللقلق فعلته المشينة ملقياً بفضلاته على الصليب لينزل بعدها فيأكل من لحم البعير المالح بطبع الحال ولشدة العطش شرب اللقلق المسكين اناء الخمر ليكون فريسة سهلة بيد القس المبتلى بتنظيف الصليب وما ان اطبق القس بيديه على رقبة اللقلق حتى خاطبه قائلاً قبل ان يملص عنقه : لو كنت أيها اللقلق نصرانياً ما فعلت فعلتك على الصليب ؟ ولو كنت يهودياً ما أكلت لحم البعير ؟ ولو كنت مسلماً ما شربت الخمر ؟ فقل لي على أي دينٍ أو مذهبٍ انت …؟؟؟!!!
رغم المرارة التي تعتصر قلوبنا وفداحة خسارة أهل العراق في هذه الأيام التي تحل فيها فاجعة احتلال العراق وضياع بغداد عاصمة الخلافة حاضرةُ الدنيا ودنيا الحضارة يا لها من فاجعة والله انها غصّةُ الشفاه الأليمة وجرح القدر الدامي ونكبة العمر السقيمة إلا أن بغداد علمتنا أنها ستعود لتنتفض من جديد أقوى مما كانت عليه وتنفض عنها غبار الذل والخور والتأريخ يشهد ، وعودة الى المرشح الآشوري الذي كان واضحا منذ البداية وقدم ما في جعبته بلا أدنى تورية ، لكن ماذا نقول لمن رفع القتل والثأر شعاراً لدعايته أو لمن يطالب بالتوازن في القتل بين مكونات أهل العراق أو ذاك الذي يدعوا لتحرير العراق من الأكراد ؟ وماذا عمّن أوصلهم الشعب الى قبة البرلمان فجعلوا دماء أهل العراق تجارة رائجة يكسبوا بها العمارات والبروج والفلل والأرصدة في مصارف العالم ، وماذا عمّن تجلبب برداء الدين وواقع الأمر أنهم غيلان تسترت بالإسلام ، وماذا نقول لمن يوزع الهيل أو الطرشي أو البطانيات أو الملازم الدراسية أو المبردات أو الدجاج المشوي أو أكياس المساعدات التي تحمل صوركم وشعاراتكم …….. كان الأولى بكم أيها المرشحون توزيع الأكفان على أهل العراق الذي حولتموه الى بحر من الدماء وأشلاء متناثرة وجثث متفحمة ففي كل بيت نائحة ثكلى وجعلتم أهل العراق ضحايا لسمومكم وللأوهام التي تُعشعش في أدمغتكم ، كفاكم ضحكاً على الذقون ودعوا العراق لأهل العراق .
اللهم كن لأهل العراق ولا تكن عليهم
اللهم هيئ للعراق من يأخذ بيده الى بر الأمان
حفظ الله العراق وأهل العراق