يقولون، إن السيد المسيح كان يسير في مكان من البرية ومعه حواريوه الذين يسمعون له، ويتبركون به، ويتعلمون منه، حين صادفوا جثة كلب ميت على جانب من الطريق، فسألهم أن يصفوه؟ وكان كل واحد منهم يركز على الصورة البشعة التي تظهر لجثة الكلب. فمنهم من وصف جلده المتفسخ، ومنهم من حكى عن قدميه المتيبستين، وآخر وصف حركة الدود على رأسه. لكن النبي المسيح العظيم، قال لهم، أنظروا الى جمال أسنانه..
في قرية عنكور القريبة من ضفاف بحيرة الحبانية الشهيرة في العراق، وكنت زرت الحبانية قبل عقدين من الزمن، وكانت معي بنت حلوة تظهر محاسن زنديها، وترتدي تنورة، وكان شعرها المتهدل يكاد يطير في الفضاء، وكنت أزور الحبانية للمرة الأولى وأمر بالفلوجة للمرة الأولى، وكان الناس ينظرون لصاحبتي بإندهاش فهي مسفرة عن شعرها، ويبدو بياض ساقيها، وكانت الشمس تضرب زنديها فيضيئان للناظر المتحير، وحينها إشترينا شيئا من السوق وأسرعنا الى السيارة المتوقفة التي إنطلقت بنا بسرعة الى الصحراء، في قرية عنكور حدث شئ ما مدهش وسار، لكنه صادم، وهي رسالة على مايبدو من الله للبشر ليعرفوا إن الكلاب قد تكون أفضل منهم، وأكثر روعة، وقدرة على ضرب الأمثال.
نقل لي من أثق به وأحترمه وهو رجل كبير السن ومحترم، إن جماعة تنظيم داعش دخلوا القرية في وقت مضى، وكان هناك بيت فيه رجل كبير ومعه ضيوف، فقتلوهم جميعا، وقطعوا رؤوسهم وخرجوا، وكان على عتبة البيت كلب أقعى وهو يلهث، وكان أهل ذلك البيت فروا كبقية أهل القرية الى مكان بعيد، وتركوا دورهم وممتلكاتهم، وبعد مغادرة رجال داعش المكان إنسل الكلب الى الداخل، وعرف من بين الرؤوس رأس صاحب البيت الذي عاش على عتباته، يأكل الطعام، ويشرب الماء، وينام هانئا، وينبح كلما شعر بخطر، أو رأى قادما من بعيد.
فجأة تناول الكلب رأس صاحب الدار الملقى الى جانب الجسد المضرج بالدم بفكيه، وحمله الى مكان بعيد عن القرية ووضعه في مكمن يعرفه، وعاد الى الدار، ومرت الأيام حيث دخلت قوات الجيش العراقي الى القرية وعاد أهل البيت الى بي
تهم، ولم يجدوا شيئا سوى الكلب وكان مستلقيا على عتبة الدار، وحين نظر إليهم أخذ يحرك ذيله مسرورا بهم، ثم أخذ يعدوا مسرعا خارج القرية، ليعود بعد برهة وهو يحمل رأس صاحب الدار ويضعه عند أقدام أهل البيت.
أيها الكلب كن صديقي.