رجاني بعض الأصدقاء قبل أيام للتقليل من المقالات والأخبار والصور المحزنة عن واقع العراقيين البائس وأوضاع العراق المأساوية بظل حكم الفاسدين والمفسدين في الأرض وقد جاء أغلبهم على ظهر الدبابة الأميركية وتعاون مع رعاة البقر ردحا طويلا من الزمن وتبادل معهم الهدايا والمنافع والمغانم والعزائم والولائم – بالصوت والصورة – لتحقيق مصالحه وتنفيذ أجندته ومن ثم إنقلب عليهم بعدما تقاطعت مصالحهم ظنا منه – أن دخول الحمام كخروجه – فوعدتهم بمقال يتحدث عن مخاطرعودة ثقافة الكاوبوي ثانية وسبل التصدي والمواجهة ،اذ لطالما ذكرني الرئيس الأميركي المتغطرس بثلاثة أفلام هي الأشهر ولاشك في عالم الويسترن والغرب المتوحش حتى باتت من كلاسيكياته ، أولها فيلم “من أجل حفنة من الدولارات ” بطولة كلينت ايستوود ، وثانيها فيلم ” الطيب والشرس والقبيح ” والذي كان قد عرض في صالات بغداد بعنوان “الصالح والطالح والشرير ” للممثل ذاته برفقة لي فان كليف ، وثالثها فيلم “العظماء السبعة “بطولة يول براينر وتشارلز برونسون وستيف ماكوين ،والذي حولته السينما المصرية بدورها الى فيلم ” شمس الزيناتي ” فيما بعد ، هذه الأفلام الثلاثة أظهرت الوجه القبيح جدا لراعي البقر الأميركي وإن كانت تنوي العكس من ذلك وحاولت تسويق أبطالها بصورة المدافعين عن الحق ضد الباطل ، وبهيأة المنافحين عن الخير ضد الشر ، وكلما شاهدت ترامب بوجهه – الأبقع – وتابعت تغريداته على تويتر وأنصَتُّ الى تصريحاته المتعجرفة وتأملت مليا في طلته الكئيبة من خلال الشاشات الفضائية كلما حامت تلكم الافلام من حولي مجددا بشخوصها ومضامينها لتجسد لنا ما يعرف بـ” السباغيتي ويسترن ” أو أفلام الكاوبوي الاميركية بإخراج ونكهة ايطالية فضلا عن أفلام الكاوبوي الهوليوودية التي تعتمد بمجملها على حركة الكاميرا الدقيقة والموسيقى التصويرية الرائعة وعنصر المبالغة والاكشن – يعني البطل بإمكانه أن يقتل 10 أشخاص بمسدس قدرته الاستيعابية 6 طلقات ..وبإمكانه أن يقتل خمسة اشخاص من خلفه من دون أن يلتفت اليهم حتى ويكفيه أن يغير تجاه المسدس الى الخلف فقط ليقوم بالمهمة على أفضل ما يرام .. شلون ما أدري ؟! ” أفلام أأسف لمتابعتها مارست دورا هائلا في غسل عقول أجيال وأجيال من خلال قلب الحقائق رأسا على عقب حتى اننا كنا بتأثيرها المغناطيسي نشجع – من كل عقلنه – راعي البقر الشرير ضد الهندي الأحمر الطيب ..جنود المارينز الغزاة ضد ثوار فيتنام من أصحاب الأرض ..جنود التاج البريطاني المحتلين ضد قبائل الزولو الجنوب أفريقيين !
ترامب ومذ صعوده المشؤوم غير المرحب به الى سدة الحكم وهو يجسد يقينا بل قل يلعب دور الكاوبوي بكل ما تعني الكلمة من معنى ، اذ أن عشقي لهذه الأفلام التي خدعتنا طويلا وكنا نتسابق الى دور العرض السينمائي في بغداد لمشاهدتها أولا بأول يوم كانت هناك دورعرض قبل أن تتحول الى “محال جملة ومفرد لبيع البراغي والأقفال والزناجيل وقطع الغيار في زمن المغول الجدد ممن يرحون فدوه للمغول والتتار والفاينكنغ العتك !” بذريعة الحرمة مع إنهم قد إفتتحوا ملاه وكباريهات ليلية وصالات قمار وروليت لا تبعد سوى أمتار قليلة عن دور العرض تلك ، أقول لقد خدعتنا طويلا لأن قبائل الاباتشي ونظراؤهم كانوا يظهرون في تلكم الافلام على أنهم الاشرار فيما ترامب – عفوا – كلينت استوود وجوليانا جيما ، جون وين، وغاري كوبر ، كيرك دوغلاس ، يول براينر ، تشارلز برونسون هم قدس الاقداس وحماة الفضيلة ، إنهم سالخو رؤوس الهنود الحمر فيما كنا نصفق ونصفر ونملأ سينما الخيام وسميراميس وغرناطة وأطلس ضجيجا كلما ظهر البطل لإنقاذ البطلة من براثن المتوحشين ” شعب اميركا الشمالية الاصلي المظلوم قبل أن يهاجر اليها جد جد ترامب بحثا عن الذهب وجلود الحيوانات وهربا من الملاحقة القانونية وحروب الكاثوليك والبروتستانت في أوربا التي جاؤوا منها زرافات ” واذا بنا نكتشف وبعد عمر طويل بأننا كنا نشجع المتوحشين ضد الخيرين المساكين من الهنود الحمر الطيبين فيما كنا نتناول الشامية و- لفات الفلافل والعنبة – والدوندرمة والشعر بنات ، فرحين بإرساء دعائم الخير والقضاء على الشر !!
أيها الكاوبوي ترامب shut your mouth فنحن حضارة عمرها 7 الاف عام ، ونحن أمة عمرها 1441عاما كانت تحكم العالم كله من بغداد الى الصين يوم كنت أنت وجدك صانع الخمور ، ووالدك كبير المراهنين والربويين كما هو معلوم من سيرتك الشخصية مجرد – صفر باليد حصان – فلا تهددنا بقطع أرزاقنا وحصارنا في كل مرة وتطالبنا بدفع تعويضات إحتلال بلادنا وسفك دمائنا وتدميرنا طيلة 30 عاما بين فينة وأخرى ، اذا كان هناك من يتوجب عليه الدفع – كاش موني – فأنت وقومك ولاشك من عليه أن يفعل ذلك صاغرا…لا نحن do you understand what I’m saying ؟!
أقول أغلق فمك ياترامب لأنك و في تغريدات وتصريحات عديدة أكدت أنه و”إذا ما أجبرت القوات الأميركية على مغادرة العراق ، فسنفرض عقوبات كبيرة عليه لم يروا مثلها من قبل ستكون عقوبات إيران بجوارها شيء صغير، وان اميركا أنشأت في العراق إحدى أغلى منشآت المطارات في العالم وإذا ما غادرنا فعلى العراقيين أن يدفعوا الأموال مقابل ذلك، وان لدينا الكثير من أموالهم فهناك 35 مليار دولار في حساب مصرفي فيدرالي في بلاد العم سام “.
تصريحاته تلك جعلتني أعيد قراءة فقرات مطولة من كتب هاجمت – صاحب الكذلة الشقراء – وحققت أعلى المبيعات وأهمها كتاب (الخوف) للصحفي الأمريكي بوب ودورد، وكتاب (المعتوه ) للمساعدة السابقة في البيت الأبيض أوماروسا نيومان ، كتاب ( نار وغضب داخل بيت ترامب الابيض) للمؤلف الأمريكي مايكل وولف ، وكتاب ( الحصار.. ترامب تحت القصف) للمؤلف نفسه ، كتاب (الخيانة والانقسام) لمندوبة الولايات المتحدة السابقة بالأمم المتحدة نيكي هايلي ،والتي فضحت إدارة ترامب وكشفت عن انقسامها ومحاولتها الإلتفاف عليه والتحالف ضده بالتزامن مع محاولات غرمائه الديمقراطيين عزله عن منصبه والحد من طيشه وتهوره الذي لا يتوقف عند حد قط ،لأتعرف عن كثب على هذا – المخلوق – الذي وصفه كتاب ( ترامب بلا قناع ) لمؤلفيه مايكل كرانش ومارك فيشر، بأنه ” كان فاشلا ومشاغبا ومؤذيا في دراسته وعنصريا بروتستانتيا مقيتا يحتقر الأعراق والقوميات ما خلا العنصر الأبيض ، ما يفسر أسباب كرهه للمسلمين والآسيويين والأفارقة وسكان أميركا الجنوبية ” .
وأقول لترامب قبل أن تطالبنا بدفع تعويضات لخزانتكم عليكم أولا أن تدفعوا تعويضات لمليون وربع المليون عراقي قضوا في الحصار الغاشم الذي إستمر 13عاما ظلما وعدوانا من جراء نقص الغذاء والدواء ،الحصار الذي تم فرضه من قبل قادة ( الجماجم والعظام ) بزعم إمتلاك العراق لأسلحة دمار شامل أنكرتها جنابك شخصيا واصفا غزو العراق بأنه” كان خطأ جسيما ” وأن” الذهاب إلى الشرق الأوسط كان أسوأ قرار أتخذ في تاريخ بلادنا، لقد خضنا حربا بذريعة باطلة تم دحضها لاحقا وهي أسلحة دمار شامل، لم تكن هناك!! فمالذي تغير بين عشية وضحاها ، وبناء عليه عليكم أن تعوضوا العراق ما خسره من مصانع توقفت أو دمرت أو حوسمت بسببكم ، عليكم أن تعوضوا العراقيين ما جرفتموه من مزارعهم ، ما أحرقتموه من بساتينهم ، ما لوثتموه بيورانيومكم المنضب وفسفوركم الابيض من ماء وتربة وهواء ، ما مزقتموه من نسيج مجتمعي كان متينا قبل أن تطأ أقدامكم أرضنا ، ما أثرتموه من نعرات طائفية وقومية ومذهبية بيننا لم يكن لها وجود الا عند النزر اليسير منهم ،ما هربتموه من نفط وغاز وكبريت وفوسفات ، ما سرقتموه من ذهب وعملة صعبة وآثار ومخطوطات ومكتبات ومتاحف ولوحات ، ما تسببتم به من هجرة الكفاءات وفرار الخبرات ،ما نهبتموه من خزائننا ، ما يتمتموه من أطفالنا ، ما رملتموه من نسائنا ، ما عذبتموه من أسرانا وما فضائح سجن ابو غريب منا ببعيد ، ما فجرتموه من مساجدنا ، مدارسنا ، جامعاتنا ،معالمنا ، ما قتلتموه من أئمتنا وخطبائنا وضباطنا ومثقفينا ودعاتنا ، ما سفكتموه من دمائنا ، ما أرعبتموه من أطفالنا ، ما ثكلتموه من آبائنا وأمهاتنا ، ما أعقتموه من رجالنا ، ما عطلتموه من شبابنا ، ما هجرتموه من أهلنا بعضهم لما يزل بعد في مخيمات النزوح وسط الفيافي والقفار،سل البول بريمر وضباطكم وجنودكم كم من أموال الخزائن والمصارف والمشاريع والعقود الوهمية نهبوا؟ سل بلاك ووتر وشركاتكم الأمنية وقوات المارينز كم من الأبرياء في شوارع بغداد والمحافظات بدم بارد قنصوا ؟ سل بوش اللعين وبطانته ” لماذا إحتلوا العراق وبكل شذاذ الآفاق ومن جميع بقاع الارض قدموا ؟ “إجاباتك عن كل هذه التساؤلات الحائرة من شأنه أن يضع النقاط على الحروف ويعطي كل ذي حق حقه .
وقد تناهى الى أسماعنا دعوات لخروج تظاهرات مليونية حاشدة للمطالبة بإخراج القوات الاميركية من العراق ولهؤلاء قادة وأتباع ولكي لاتسيس تظاهراتهم ولكي لايكون خروجها بالضد من تظاهرات التحرير السلمية وبقية الميادين المطالبة بوطن حر وإصلاح شامل وحكم رشيد ، ولكي لاتتهم التظاهرات المناهضة للوجود الاميركي بالإنحياز والتحيز لإيران على حساب العراق ومصالحه العليا ، ولكي لا يساء الظن بأنها إنما خرجت للضغط وفرض الارادة في تسمية رئيس وزراء جديد متحزب وغير مستقل مزدوج الولاء والجنسية يخرج من رحمها سيرفضه متظاهرو الجانب الاخر ولا ريب كليا ، أقول “على كل واحد منكم أن يسأل نفسه لماذا لم تخرج مثل هذه التظاهرات المنددة بالوجود الاميركي وبهذا الحجم طيلة 17 عاما ؟ لماذا كانت القوات الامريكية تسمى بقواميس بعضكم وعلى ألسنتهم ( قوات حليفة ..قوات صديقة ..قوات تحرير ) ولم تسم بإسمها (قوات إحتلال ) طيلة الفترة الماضية وياويله وسواد ليله من يتجرأ لوصفها على حقيقتها أمامكم ؟ لماذا كنتم تؤاكلونهم ، تشاربونهم ، تشاركونهم ، تحابونهم ، تساندونهم ، تحالفونهم ،تترجمون وتجسون لهم اذا كانواغزاة محتلين ، وماذا ستقولون لرب العالمين ؟ ماذا ستقولون للملايين ، كنا غافلين وإنتبهنا ، كنا سكارى وصحونا ، كنا عاصين وتبنا ، كنا عميانا فأبصرنا ، صما فسمعنا ، بكما فنطقنا ، نياما فإستيقظنا ..أم ان المتغيرات المتسارعة في عموم المنطقة كان لها القول الفصل في حرف البوصلة وفصم عرى الحلف المرحلي لإنتفاء الحاجة اليه فضلا عن تغيير المضامين والعناوين ؟ وأضيف ليس المطلوب المطالبة بإخراج القوات الاميركية من العراق فحسب بل كل القوات الاجنبية مع دفع ..الدية لكل صاحب مظلمة وسجين رأي ومفصول سياسي ومغيب ومفقود ومختف قسرا ومُهَجر ونازح وناشط مطالب بحقه ،وكل عاشق وطن وصاحب قضية ! اودعناكم اغاتي