سوف آتي من الآخر كي لايطول السرد ويعاد اجترار مواضيع طرحها الاعلام حتى نضبت. الحل ياسيدي العبادي في هذا المخاض العسير الذي سيلد عنه تقسيم العراق او اضمحلاله كدولة واحدة او معافاته واعادته الى سكة التعايش السلمي بين اثنياته المتناحرة. علينا ان نعترف ان أحد أهم اسباب عرقلة تشكيل الحكومات واستمرار الفساد هو الصلاحيات التي يتمتع بها مسؤولو السلطة المركزية والاموال التي يمكن ان تدر على روساء الكتل واحزابهم من خلال وزرائهم في الحكومة. يدعي رؤساء الكتل دائما انهم ضد المحاصصة لكن عراكهم وصراعهم ومساوماتهم خلف واحيانا امام الكواليس تستغرق اشهرا قبل تشكيل اي حكومة. فالذين يدعون انهم ضد المحاصصة من قادة الكتل وبعض اعضائها هم أما يحاولون الاستحواذ على كل شيء بمفردهم بحجة اختيار الاكفأ او التكنوقراطي, أو يعلنون ذلك للاستهلاك المحلي لان هذا ماتطالب به المجاهير ويضمرون عكسه, أو انهم أعداء للوضع السياسي الجديد في العراق وكل ماأفرزه من نظم وتجارب سياسية، وجل هؤلاء من ايتام البعث المتضررين والمنتمين الى المنظمات الارهابية السنية والشيعية على حد سواء.
كي ننهي صراع الديكة على دمنة المناصب الحكومية العليا في السلطة المركزية، علينا أولا تجريد هذه المناصب من صلاحياتها المطلقة والاموال التي تغدقها على احزابها لتغطية نفقاتها وقادتها وكسب ولاء الجماهير قبل كل انتخابات. كيف يمككننا فعل هذا؟ من خلال الآتي:
أولا: تقليص الحكومة الى اصغر حد ممكن والغاء كل الوزارات التي ابتدعت لارضاء الكتل المتنازعة – خصوصا وزارات الدولة – والغاء مناصب الدرجات الخاصة التي تحاصصتها الكتل السياسية في كل وزارة والابقاء على الوزرات السيادية او التي لايمكن تجزئتها أو الغائها كالدفاع والنفط والخارجية والموارد المائية.
ثانيا: فك ارتباط المديريات التابعة لاي وزارة والعاملة في المحافظات والحاقها وميزانياتها التشغيلية والاستثمارية بحكومات محافظاتها.
ثالثا: توزع ميزانية الوزارة على مديرياتها في بغداد والمحافظات ( المرتبطة حديثا بالحكومات المحلية) وحسب تعداد سكان المحافظة او المنطقة التي يغطيها نشاط تلك المديرية.
رابعا: ينحصر عمل الوزير الفيدرالي بتقديم الدعم الفني والاشراف على تنفيذ المديريات في المحافظات ومتابعة الخطط التي تقدمها المديريات لكيفية انفاق الميزانيات كشرط لتسلمها. كذلك تتولى الوزارة التنسيق مع الاطراف الدولية في حال حاجة مديرية في محافظة ما للتعاقد مع طرف دولي لتقديم خدمة ما.
خامسا: للوزارة حق محاسبة المديرية عندما تتلكأ في تنفيذ الخطة التي قدمتها قبل تسلمها للموازنة, ولكن لايحق للوزارة فرض او رفض اي مشروع تقوم به المديرية لان هكذا صلاحية ستربك عمل المديرية مثلما هو الحال الآن.
سادسا: للسلطة المحلية – وليس الوزارة المركزية- حق التصرف باراضي وموارد المحافظة بما لايتعارض مع حقوق المحافظات الاخرى اذا كانت مواردا طبيعية مشتركة كالماء والنفط والمعادن…الخ
سابعا: اذا تطلب مشروع او مورد او خدمة ما التنسيق بين اكثر من محافظة، تتولى الوزارة المعنية هذا التنسيق وتكون حكما عادلا في فض النزاعات او الخلافات المتعلقة بهكذا مشاريع او موارد او خدمات.
ثامنا: الغاء الرواتب التقاعدية والمخصصات لكل مسؤول حكومي منتخب واعادته الى خدمته السابقة لانتخابه لمنصب حكومي حين انتهاء دورته.
ثامنا: العمل على لامركزية الخدمات الاساسية، كالكهرباء على سبيل المثال وتخويل مديريات الكهرباء في المحافظات بتوفير الكهرباء لمواطني المحافظة التي تقع فيها واعطاءها حق فصل كهرباءها عن الشبكة الوطنية.
لقد نص الدستور العراقي على تبني النظام الفيدرالي ولكن الحزب الحاكم منذ عام 2005 – حزب الدعوة- عطل العمل بالدستور كي يستحوذ قادته على المال العام ويبتز العراقيين بلقمة عيشهم. لذا فان هذا الاقتراح لايضع حدا للفساد والمماحكات السياسية فحسب، بل سيساعد على تنفيذ مواد دستورية عطل العمل بها. فلو تم تطبيق هذه السياسة، ساضمن لكم انهاء الفساد والمحاصصة والاختناقات السياسية وسستتوفر الخدمات الاساسية في بغداد والمحافظات العراقية الاخرى بشكل اكثر انسيابية. ان للامركزية فوائد جمة منها ،على
سبيل المثال وليس الحصر، تحميل حكومات المحافظات مسؤولية الفشل بعد اعطائها الصلاحيات اللازمة لخدمة مواطنيها وحينها سوف لن يتظاهر احدا أمام المنطقة الخضراء بل سيتظاهرون امام مباني حكومات محافظاتهم وستلعب الحكومة المركزية دور الوسيط الوطني الضامن لانسيابية الخدمات ونزاهة وكفاءة الحكومات المحلية وهذا مايجب ان يكن دورها حسب النظام الاتحادي الامركزي. كذلك سوف ينتهي والى الابد الصراع الطائفي والحزبي على المواقع العليا في الحكومة المركزية لانها ستصبح رمزية فلا صلاحيات تمارس ولا أموال تسرق[email protected]