16 ديسمبر، 2024 6:23 م

أيها السوريون الأحرار تذكروا سورا!

أيها السوريون الأحرار تذكروا سورا!

في الثاني من مارس/ آذار 1985كان الباحث الفرنسي “ميشيل سورا”* عائدا إلى بيروت للقاء زوجته السورية ماري معمار باشي، وطفلتيه, وحالما خرج من المطار تعرض لعملية اختطاف تبنتها لاحقا منظمة الجهاد الإسلامي، وطالبت بالإفراج عن أنيس النقاش ( 1951-2021) ورفاقه المحتجزين بتهمة ارتكاب عملية مسلحة في باريس*.

في العام 2012 وبعد انطلاق الثورة السورية قامت عائلة “سورا” بجمع أبحاثه ونشرها باللغة الفرنسية، وفي 2017 نشرت ترجمتها العربية بعنوان (سوريا، الدولة المتوحشة).

خُطف ميشال سورا في بيروت وأُعلن مقتله في 5 آذار 1986، لكن اسمه بقي حيا . فمع اندلاع الانتفاضة السورية، 2011، برز اسمه باعتباره عالم اجتماع ومستعرباً كشف في وقت مبكر الطابع القمعي للنظام السوري، وتحوّلت خلاصاته، إلى ما يشبه النبوءة لما وصفه بـ”الدولة المتوحّشة”.

نزع عن الأسد وسلطته الصدقية تجاه عقيدة حزب البعث وشعاراته: وحدة، حريّة واشتراكية، إضافة إلى العلمانية والتقدّمية. ومن خلال الرؤية الخلدونية، نظر سورا إلى الطوائف وعلاقة الريف بالمدينة، وإلى الطبقات وأثر نظام الأسد في علاقاتها وأدوارها وتوجّهاتها، وإلى أجهزة الاستخبارات ووظائفها والجيش وموقعه ، وإلى العنف وأشكاله .
وتوصل إلى تشخيص النظام بـ”الدولة المتوحّشة”. مستندا في ذلك إلى انحياز جلي للقرار الفلسطيني المستقل؛ كاشفا عن أن الأسد وسلطته، بزعم أنهما يمثلان التقدمية العربية “الاستبدادية”، معاديان له.

لم ينفصل رأي سورا في الأسد وسلطته عن نظرته إلى المدينية في المشرق العربي. و خصّ مدينة طرابلس اللبنانية بدراسة ترصد مواقف الأسد وسلطته تجاهها وآثار ذلك في السياسة والاجتماع.

على الرغم من أن آراء سورا المؤيدة للعرب وقضية الشعب الفلسطيني سببت له كراهية مقيتة من أنصار إسرائيل ومحبّيها في فرنسا وفي أوروبا كما أشار كاتب مقدمة ” الدولة المتوحشة” جيل كيبل. إلا أن الجهة الخاطفة لم تخجل ، في بيان إعلان وفاته، بوصفه “الجاسوس”. ولم يكن ذلك لتبرير الفعل وتغذية أيديولوجيّة العداء للإمبريالية فحسب، بل لنزع العلمية عن أبحاث سورا ودراساته .
المعروف أن “الجاسوس” لا يكتب بموضوعية إنما بتوجيهات وغايات استخبارية.

سورا، عالم الاجتماع الذي قرن البحث النظري بالدراسة الميدانية، وجمع بين منهجي كارل ماركس وابن خلدون، تجاوز الخطوط الحمراء في تشريحه سلطة حافظ الأسد و هيمنتها. ولعلّه أدرك ذلك وما يسبّبه من مخاطر على حياته، فنشر دراساته وأبحاثه عن “سوريا الدولة المتوحّشة”، في الأشهر التي سبقت خطفه، في مجلة “إسبري” (Esprit)، موقّعة باسم جيرار ميشو.

عاد، في 1975، إلى دمشق باحثاً في المعهد الفرنسي للدراســات العربية.
و المفارقة أنه كتب أطروحة الدكتوراه عن ساطع الحصري، أحد مؤسّسي القومية العربية التي يقول نظام الأسد إنه يسترشد بها. وتلك كانت احدى محطات الدراما التي عاشها سورا.
بات معروفا بعد سنوات من مماطلة السلطات السورية بتسليم رفاته الى ذويه، ان عالم السياسة والاجتماع الفرنسي المساند للقضية الفلسطينية، قضى تحت التعذيب في احدى أقبية آل الأسد الذي بنى سجونا ومقرات تخابر اكثر من المدارس كما أفاد مؤخرا الفنان دريد لحام معترفا بأنه كان حذرا في الكشف عن مكنوناته خوفا من البطش شأن ملايين السوريين.

إذ يفرح السوريون بنهاية الاستبداد، نتذكر سورا، شهيد الحقيقة والمدافع الفذ عن حقوق الشعب الفلسطيني الذي انتقم منه النظام ” القومي التقدمي” في دمشق وكالة عن الموساد.
الكتاب استشراف مبكر للاستبداد في بلد السوسن والياسمين.
لاتنسوا مأساة سورا في طوفان الفرح
سلام مسافر

* أنيس نقاش اعترف أنه تلقى تعليمات من الاستخبارات الإيرانية لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق شابور بختيار لكن محاولته فشلت.

* في 22 آذار/مارس 1985 تم خطف ميشال سورا خارج مطار بيروت بعد عودته من باريس برفقة جان ميشال كوفمان. بلغ عدد المخطوفين الفرنسيين آنذاك خلال الحرب اللبنانية أكثرمن خمسة رهائن – سورا الوحيد الذي تم إعدامه – وكان الخاطف واحد، منظمة الجهاد الإسلامي التي عرفت لاحقاً باسم «حزب الله». في 5 آذار/مارس 1986، أعلنت الجهة الخاطفة إعدام الرهينة «الجاسوس» ميشيل سورا… ولم يتم الكشف عن جثمانه حتى تشرين الأول/أكتوبر 2005 وتم تسليم الرفات إلى الدولة الفرنسية في آذار/مارس 2006 أي بعد أكثر من ستة أشهر على الكشف على الجثة.

ولد ميشيل سورا في بنزرت في تونس سنة 1947، وبقي فيها حتى أحداث 1961 لكنه غادرها قسرا بعد أن قامت قوات المغاوير الفرنسية بقصف واقتحام مكتب البريد الذي احتمى فيه عدد من المناضلين التونسيين من طالبي الاستقلال ، وقتلت الأبرياء الذين أعدموا أمام ناظري سورا.

المصدر : ويكيبيديا ومواقع أخرى

أحدث المقالات

أحدث المقالات