19 ديسمبر، 2024 4:16 ص

أيها السوريون احذروا سرقة ثورتكم من قبل لصوص الأحزاب الجدد باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان!

أيها السوريون احذروا سرقة ثورتكم من قبل لصوص الأحزاب الجدد باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان!

صدق الثائر الفرنسي الشهير “جورج جاك دانتون” عندما صرخ بوجه جلاديه بمقولته الشهيرة وهو أمام مقصلة الإعدام ” أن الثورة تأكل أبنائها ” مستكملا في الوقت نفسه المثل الفرنسي الذي مفاده  ” من السهل أن تبتدئ الثورات ولكن من الصعب أن تنهيها بسلام ”

“الثورة يصنعها الشرفاء، ويرثها ويستغلها الأوغاد” الثائر تشي جيفارا

أسئلة كثيرة يتداولها المجتمع السوري في تفكيرهم ومخيلتهم حاليا بأن الثورة التي أنهوا فيها حكم نظام استبدادي وطاغية يمكن أن تختطف وتسرق منهم في غفلة من الزمن ,ومن قبل بعض السياسيين وقادة الأحزاب الطارئين , تحت ستار وشعار يتخفى بثوب الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية الحزبية , التي سوف يحاول هؤلاء جاهدين ومن ورائهم بعض الدول الغربية والاقليمية بهدف إيجاد موطئ قدم لهم في ظل نظام حكم “فجر سوريا الجديد” واستمرار لتنفيذ أجندتهم السياسية والاجتماعية والعقائدية , بحيث سيكون من الصعوبة بالمستقبل بمواجهتها بعد أن رسخت وجودها وحضورها داخل بعض أطياف المجتمع  وقد تنفذ كذلك من خلال الانتخابات النيابية أو الرئاسية ودعم شخصيات بعينها دون أخرى تكون غير مؤهلة للحكم , ولكنها في نفس الوقت تكون مسنودة من جهات خارجية بالدعم الإعلامي والمالي لغرض فرض رأيها وتصوراتها على بقية أطياف المجتمع حتى ولو اضطرت إلى استخدام السلاح أو شراء الذمم بالمال.

السوريون الآن يتخوفون من المجهول القادم ويواجهون امتحان عسير وصعب في كيفية إدارة بلدهم وكيف سيكون شكل الحكم ونظامه , البعض يتخوف بأن يمتطي القادة السياسيين للوصول للحكم بالاستفادة من العملية الانتخابية الديمقراطية وعند وصوله إلى كرسي الرئاسة يتحول إلى النظام الاستبدادي وتجدين المجتمع وإخافته مرة أخرى بنشر الإشاعات المغرضة والفوضى لتحقيق هدفهم ,ولكن يجب على السوريين أن يبتعدوا قدر الإمكان وبالأخص في هذه المرحلة عن الطائفية والمذهبية والتحزبات الدينية والعقائدية والاهم لهم حاليآ هو فرض هيبة الدولة على الجميع من أجل الأمن والأمان والتمسك بالوحدة الوطنية ورفض أي محاولات خارجية أو داخلية قد تنتج من البعض لإشعال الفتنة بين أبناء الشعب الواحد.

 التخوفات المشروعة والتي تتطلب معالجتها سريعا من قبل الجهات ذات العلاقة وأذا ظهرت لدى المجتمع والتي نرى بوارها بالأفق حاليآ , وهم ينظرون إلى أطياف المعارضة وما كانت عليه سابقا وما آلت إليه لاحقآ بعد التغير ووصولها إلى سدة الحكم . 

يمكن أن نلخص هذه المراجعة وبالمقارنة بين ما كانت عليه بالماضي وما ستصبح عليه بالحاضر والمستقبل في نقاط , عسى ولعلى أن تأتي بنتيجة , وان تكون سوريا فعلا قد تحولت من النظام الشمولي الاستبدادي إلى نظام الديمقراطية والتعددية الحزبية على أساس مبدأ الوطن الواحد والمواطنة والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبعيدا عن الإملاءات الخارجية :

1)بما أن البعض سوف ينادي بعلو صوته ويجادل سياسيا لغرض ان يتمثل ويكون نظام الحكم بالتعددية الحزبية وإنشاء منظمات المجتمع المدني وكذلك مختلف مراكز الدراسات والبحوث الاستراتيجية التي قد تتخفى كلها تحت ستار شعارات براقة ومقولات من قبيل :” ضمان الحكم الديمقراطي الفعال , وإبداء الرأي والمشورة , وأن يكون للمواطن الحق في اختيار الحزب الذي سوف يمثله ” وغيرها الكثير والكثير , ولكن على أن يكون إنشاء الأحزاب والمراكز والبحوث وفق أسس الحفاظ على الوطن من التدخلات الخارجية وإيجاد قوانين وتشريعات صارمة مبنية على الشفافية والنزاهة, وبالأخص في قضية التمويل المادي لهذه الأحزاب ,وأن يكون هناك أشراف قضائي على عملها وتقديم كشوفات دورية للجهات الرقابية , لان بعض الدول الإقليمية أو الغربية ستجد لديها منفذ وموطئ قدم ومحاولة لغرض تنفيذ اجندتها من خلال بث الأفكار سواء كانت سياسية أو عقائدية أو دينية أو مذهبية وخلف ستار حقوق الإنسان وحق إبداء الرأي الأخر المعارض.
2) بداية الثورة عام 2011 شهدت الساحة السياسية تحولات متسارعة ومتشعبة في كثرة وتعدد المجموعات والتنظيمات والحركات المسلحة وغير المسلحة , وطغت فيما بينها بعد ذلك , انقسامات حادة ورؤية غير واضحة المعالم وضبابية , وكلها كانت تنطق بأنها سوف تحقق مطالب الثورة من خلال شعارات الحرية وكرامة الإنسان والعدالة الاجتماعية , وبعضها قد استفادت من الدعم الخارجي وبالأخص قادتهم وتم تقديم أنفسهم على أنه الممثل الشرعي والوحيد للثورة السورية , بعض من هؤلاء القادة كانوا شخصيات غير معروفة سابقًا أو طارئين على العمل السياسي مما جعل أن يثار حولهم الكثير من التساؤلات وعن دوافعهم الحقيقية وراء ركوب موجة الثورة ودعوتهم بالتغيير بدون ان تكون لديهم أي خلفية اجتماعية أو سياسية معروفة سابقآ.
3) بعد عدة اشهر من بداية الثورة ايقنت بعض الدول الإقليمية والغربية بأن يجب يكون لها دور للدخول إلى المعادلة الجديدة التي أظهرتها الثورة السورية للعالم , ولتقديم الدعم وتبني فصائل وأحزاب وحركات مسلحة ومنظمات مجتمع مدني كانت تدعو جميعها للتغير نظام الحكم , وكان الهدف من هذا الدعم يتمثل بمحاولة مسبقة لتثبيت اركان مصالحها الاستراتيجية الخاصة , مثل الولايات المتحدة ، تركيا ، السعودية، قطر , إيران وروسيا , هذه التدخلات بالتالي وما صاحبها قد أجبرت بعض قوى المعارضة على الدخول معها في تحالفات والتفاوض على شروط قد أعدتها سابقا لغرض ضمان مصالحها في المستقبل ، ومع مرور الوقت ساهمت في تحجيم وتبديد بعض ألأمال على وحدة الكلمة بين أطياف المعارضة وتحويلها من قضية شعب مضطهد تحت حكم استبداي إلى صراع إقليمي ودولي , وفي ظل هذا الوضع المتردي ظهرت على سطح الإحداث فجأة شخصيات سياسية مجهولة وتحمل أجندات خارجية ، مما خلق نوع من القلق لدى المجتمع والذي استفاد بدوره النظام المخلوع طوال السنيين الماضية باللعب على هذا الوتر وتخويف المجتمع من المجهول القادم , مما زاد من قلق وتخوف السوريين من أن الثورة قد تصبح وتتحول إلى مجرد إداة تتحكم فيها القوى الغربية والاقليمية وبدلاً من أن تكون وسيلة لتحقيق أهداف الشعب , مما خلق عدم تواجد وانعدامًا للتمثيل الموحد والمستقل وزادت من تعقيد الوضع أكثر مما هو عليه في حينها ، بحيث أصبحت بعض الأطراف المعارضة تسعى لتحقيق مصالح خارجية أكثر من تحقيق مطالب الشعب وهذا الضعف القيادي والتفاوضي للمعارضة في حينها قد فتح المجال للعديد من الأطراف الخارجية لتنفيذ اجدنتها الخاصة للتدخل بالشان الداخلي ,ونتمنى أن لا يكون مستمر حتى بعد تغير نظام الحكم.


4)خلال السنوات الأولى للثورة ظهرت بعض الحركات والتشكيلات العسكرية والسياسية مستغلة الفوضى التي حدثت في بعض المحافظات والمدن الرئيسية التي زعمت في حينها بأنها تمثيل الثورة، ولكن ظهر أن العديد منها كان يعاني من فساد مالي وإداري واستغلت الوضع للحصول على تمويلات خارجية و امتيازات ومكاسب شخصية على حساب القضية الرئيسة , مما أدى بالنتيجة إلى تراجع وانعدام الثقة بين صفوف الثوار انفسهم بهذه القيادات , وهذا الفساد المالي والإداري والمحسوبية خلق انطباعًا وقناعة لدى الكثيرين بأن هناك محاولة مشبوهة لغرض السيطرة على ثورتهم من قبل بعض الأفراد والتي أسهمت بأفعالهم في تقويض مصداقيتهم في وجوه وأحاديث المجتمع السوري والذين كانوا يتوقعون بدورهم أن تكون هناك قيادة ثورية حصينة من التدخلات الخارجية وشاملة لكافة أطياف وتوجهات المجتمع وتمثل تطلعاتهم المستقبلية بالحرية والعيش الكريم.
4)تنوع الاختلافات الأيديولوجيات والعقائدية بين فصائل وحركات وتنظيمات المعارضة التي شملت القوى الإسلامية واللبرالية والقومية واليسارية , وهذا التنوع في التوجهات وعلى صوابه وصحته بممارسة العمل الثوري ولكن بمرور الوقت ظهرت انقسامات حادة داخل بعض من أطياف المعارضة وصلت الى مرحلة التخوين فيما بينها والصدام المسلح , وقد أساءت هذه الافعال للثورة نفسها مما حد أن المجتمع بدأ تراوده شعور حقيقي وملموس بأن ثورتهم  قد تفرقت بين تيارات وتوجهات مختلفة متنازعة فيما بينها وتسعى لتحقيق أجندات خاصة بها على حساب مصلحة المواطن والوطن الذي ينشد التغير نحو الأفضل , ومما ما زاد الوضع تعقيدًا سابقا بعد ذلك باننا راينا ظهور عدد من “المعارضين” الذين بدأوا في التفاوض حتى مع نظام الحكم الرئيس المخلوع وبالنيابة عن قوى المعارضة الأخرى ولكن بدون أن يكون هناك أي تفاهمات مسبقة ووجود تفويض حقيقي لهؤلاء بالتحدث بالنيابة عن جميع أطياف المعارضة مما أسهم بالتالي في حينها بان سرقة الثورة بدأت من جهات داخلية وخارجية دون ان يكون للمجتمع دورا فيها او من يمثلهم من الفصائل وقد تندرج هذه التفاهمات السابقة سواء كانت سرية او علنية بان تاتي اكلها بالمستقبل ومن خلال استغلال ما سوف يدعون اليه بتعزيز مبدأ التعددية الحزبية؟.


5) أحد اهم واخطر وأكبر المخاوف لدى السوريين هو أن ثورتهم التي دفعوا فيها الغالي والنفيس طول العقود الخمسة الماضية من تحملهم نظام استبدادي وطاغية قد يقود بالمستقبل إلى إعادة إنتاج واستنساخ نظام قمعي من بعض القوى السياسية والإسلامية ,ولكن بأساليب وأسماء جديدة متخفي تحت ستار شعارات إسلامية أو ديمقراطية والذي يخشى من أن تحوّل ثورتهم بمرور الوقت إلى مجرد صراع على السلطة والحكم بين أطراف المعارضة وتكون لديها تحالفات وتفاهمات سابقة مع قوى إقليمية ودولية ومما سوف يعيد لهم إنتاج وتأسيس بنية تحتية لنظام قمعي جديد وبوجه اخر وقد يكون أسوأ من السابق وهذا ما سوف يستغله فلول النظام المنهزمين بالخارج في إعادة وتوجيه دعاية إعلامية مضادة لغرض خلق نوع من الفوضى والبلبلة داخل المجتمع .


6) أن تضحيات الشعب السوري وبعد كل هذه السنوات من القتل والتهجير والدمار والخراب في البشر والحجر وبشكل مأساوي، أدى بالنتيجة إلى حالة ونوع من الشعور بالتشاؤم والإحباط وبالأخص الذين ما زالو يبحثون عن ابنائهم في المقابر الجماعية وقد تتوجس لديهم خيفة مشروعة بالمستقبل ونراها تتراءى بالافق بانهم شعروا أن الكثير من القيادات المعارضة لم تواكب حجم التضحيات وهذا شعور خطير وله نتائج عكسية بان هؤلاء القادة أصبحوا في نظرهم جزءًا من عملية استثمار سياسي للأزمة وليس للحل ومما يفاقم الشعورلدى هؤلاء , بأن الثورة قد تم الاستحواذ عليها من قبل أطراف لا تمثل تطلعاتهم وهذا قد يشمل انعدام الشفافية في اتخاذ القرارات المهمة التي تمس حياة المواطن العادي لتعزز من وضعه الاقتصادي بالإضافة إلى التخوف من فشل القيادات في تقديم حلول فعالة للمشاكل المعيشية والإنسانية التي يعاني منها المواطن حاليا ، ومما قد يخلق حالة من التشاؤم والتذمر حول إمكانية تحقيق أهداف الثورة ومما قد تستغل هذه الأوضاع والظروف الاستثنائية من قبل أصحاب الاجندات الخاصة للتفريق وبث الاشاعات بين أطياف المجتمع وهذا ما لاحظناه خلال الأيام الماضية .

وأخيرآ وليس أخرآ من أن القلق والمخاوف الذي قد تنتاب السوريين من خلال “سرقة ثورتهم” بواسطة السياسيين الطارئين ينبع انطلاقًا من تجربتهم التي شاهدوها وعاشوها مع أطياف المعارضة في السابق وما هم رأوه من أقوالهم وافعالهم سابقا ومصداقية تطبيقها بعد ذلك كأفعال حقيقية على أرض الواقع ولكن من المهم والاهم على السلطة الانتقالية الجديدة إن تكون على بينة وحذر مما يحيط بها من تحديات خارجية وداخلية وطابور خامس وخلايا نائمة قد تستفيق من سباتها في أي لحظة لغرض خلق فتنة طائفية أو مذهبية بين أطياف المجتمع وتحت ستار تهميش وتحجيم طائفة على حساب أخرى , ويجب العمل بكل جهد بأن لا يشعر السوريون مع مرور الوقت بأن الثورة قد تكون في طريقها للتحول لمسار صراع على السلطة وكرسي الوزارة بين أطراف سياسية تدخل للعملية السياسية وغير قادرة على الوفاء تطلعاتهم كما كان موعود لهم سابقا وهذا التوجس المشروع من مبدأ “سرقة الثورة” قد يظهر معه القلق من أن التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب قد تُستغل من قبل قيادات سياسية طارئة لا تملك التفويض أو القدرة على بناء مستقبل جديد يتوافق مع تطلعاتهم في تحقيق الحرية والكرامة الإنسانية وظروف معيشية واقتصادية جديرة بهم والديمقراطية المنشودة واحترام حقوق الإنسان بالفكر والسياسة والعقيدة .

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات