23 ديسمبر، 2024 7:34 م

أيها البرلماني العراقي وطنيتك وشرفك أمام الامتحان التاريخي

أيها البرلماني العراقي وطنيتك وشرفك أمام الامتحان التاريخي

عشرة سنوات قد مرّت وحكومة إقليم كردستان وبصفقة سياسية مشبوهة تأخذ نسبة 17% من موازنة الدولة العراقية , وبموجب هذه الصفقة المشبوهة التي تصرّف فيها أياد علاوي بمبدأ ( وهب الأمير بما لا يملك ) , أصبحت هذه النسبة قانونا ملزما للحكومات المتعاقبة , وهي أكثر بكثير من حصة الإقليم الحقيقية التي كانت تستقطع من قبل مجلس الأمن الدولي بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء , وهي 13% من مجموع إيرادات مبيعات النفط , ومجلس الأمن الدولي لم يحتسب هذه النسبة اعتباطا أو انحيازا لنظام صدّام على حساب الشعب الكردي , بل إنّ هذه النسبة احتسبت وفق الاحصاءات السكانية الدقيقة , ومنذ ذلك الحين أي منذ حكومة أياد علاوي وحكومة الإقليم تأخذ 17% من الموازنة الاتحادية العامة ظلما وعدوانا على حق مساكين الشعب العراقي وفقرائه .
وخلال هذه السنوات المنصرمة كانت علاقة الإقليم بالحكومة في بغداد تنحصر فقط بمنهج الإقليم وسياسته القائمة على أساس نهب وسلب كل ما يمكن نهبه وسلبه من أموال الدولة العراقية بذريعة أنّ الإقليم هو جزء من النظام الفيدرالي العراقي , مع العلم إنّ الجميع يعلم علم اليقين أنّ الإقليم هو دولة منفصلة تماما عن الدولة العراقية , وسياسات حكومة بغداد لا تسري عليهم ولا تعنيهم بالمطلق , بل إنّ الكثير من سياسات الإقليم تتقاطع مع سياسات حكومة بغداد وتقف بالصف المعادي منها , كموقف حكومة الإقليم من تسليح الجيش العراقي وعقود نفط إقليم كردستان مع شركات النفط العالمية وغيرها من المواقف .
ولطالما طالب العراقيون الأحرار الحكومة الاتحادية برفع هذا الظلم والحيف عن أبناء الشعب واتخاذ موقف صارم وحازم يلزم حكومة الإقليم بالالتزام بسياسات الحكومة الاتحادية العامة وعدم الخروج عليها والتصرف بشكل منفرد وبعيد عن مصالح الشعب العراقي خصوصا فيما يتعلق بالثروة والسيادة والأمن , إلا أنّ هذه المطالبات كانت دائما تصطدم بعقبات الوحدة الوطنية وعدم إثارة المشاكل وتحشيد الطاقات لمواجهة خطر الإرهاب والقاعدة .
وخلال كل هذه الفترة المنصرمة كانت حكومة مسعود البارزاني تتصرف بحنكة بالغة وتلعب بذكاء على التناقظات والخلافات بين الكتل السياسية من جهة والصراعات الطائفية من جهة أخرى , فلا أحد يجرأ من كل القادة السياسيين أن يفتح فمه ويقول لمسعود لماذا تصرّفت بنفط الشعب العراقي بعيدا عن مصلحة الشعب العراقي ؟ ولماذا لا تسّلم النفط المنتج من حقول الإقليم لوزارة النفط الاتحادية وأنت تأخذ أكثر من حصتك من إيرادات نفط الشعب العراقي ؟ ولماذ لا تريد أن تعرف وزارة النفط الاتحادية كم برميلا من النفط تصدّر يوميا ؟ , فالجميع منشغل كل  على ليلاه , ولا يهمهم شئ سوى إزاحة نوري المالكي عن رئاسة الوزراء , أما حقوق الشعب ومصالحه فلتذهب إلى الجحيم .
أيها البرلماني العراقي الشريف والغيور , ها هو مشروع الموازنة الاتحادية العامة بين يديك , وهذا القانون قد وضع حدا لبلطجة مسعود البارزاني وعصابته الخارجة عن القانون , فأنت اليوم أمام امتحان وطني وأخلاقي وتاريخي , فتصويتك لصالح المشروع يعني إنك مع حقوق أبناء شعبك الضائعة , ويعني أيضا إنّك قد تجاوزت المصلحة الحزبية الضيقة إلى مصلحة الوطن والشعب العليا , التأريخ سيذكر بأحرف من نور كل من يصوّت بنعم لصالح مشروع قانون الموازنة العامة , والخزي والعار سيلاحق كل نائب لا يصوّت لصالح هذا القانون .
أيها البرلماني العراقي الشريف والغيور , إنها فرصة أبناء شعبك في رفع الظلم والحيف الذي لحق بهم منذ سنوات , فلا تخذل هذا الشعب الذي ائتمنك وأوصلك لما أنت فيه , الوطنية والشرف العراقي هي بتصويتك بنعم لمشروع الموازنة العامة , كن شجاعا وشهما واتخذ لنفسك موقفا يسّجل لك في التأريخ , وكفى رضوخا لابتزاز وبلطجة مسعود وعصابته الخارجة عن القانون , وفي الختام اتوجة بالتحية والاحترام للنائبتين البطلتين الشجاعتين عالية نصيف جاسم والدكتورة حنان الفتلاوي لموقفيهما المشرف من كل قضايا الوطن وتحدياته .