17 نوفمبر، 2024 2:44 م
Search
Close this search box.

أين منحة المثقفين يا حيدر العبادي ؟

أين منحة المثقفين يا حيدر العبادي ؟

ربما يتبادر لذهنك سؤال مقابل سؤالي يا سيادة رئيس مجلس الوزراء في الحكومة العراقية, وقد يكون بالضبط ما يتبادر بذهني ايضا, الا وهو عن أي ثقافة نتحدث ؟!, أي ثقافة تقدم كل هذه المهرجانات والندوات والدورات والمحاضرات إن لم تتضمن العمل الفعلي على رفع مستوى فنون المسرح والسينما, ان كانت المشكلة مادية فلا شك بتبرع كل المثقفين بما يسمى منح المثقفين التي يتسلمونها من قبل الحكومة العراقية, فلا يوجد مثقف لا يريد ان تزدهر الثقافة في مدينته حتى إن تطلب ذلك أن يساهم بما لا يملك في الأصل, وان كانت المشكلة إدارية فلا شك في عرض مساندة منقطعة النظير من قبل السياسيين في تسهيل بناء هذه الصروح الثقافية, لكن الخطوة الأولى رهن بالمثقف بكل تأكيد!.
من المستفيد من منحة المثقفين ؟, سعيت منذ انطلاقها على يد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, لأجل إلغاء المنحة المالية الحكومية الخاصة بالمثقفين, واستثمار الأموال في بناء دار عرض سينمائي ومسرحي حيث لا يوجد هكذا صرح ثقافي ومع هذا يوجد مثقفين يتسلمون منحة ثقافية.
سعيت منذ انطلاقها لأجل استبدال المنحة الحالية بسلفة بدون أرباح لإنتاج الإبداعات الثقافية, حتى يجد المثقف منتجا دون توجيه سياسي ومكانا لعرض إنتاجه لا يخضع لحكومة وبرامجها السياسية المتغيرة بطبيعة الحال الديمقراطي للتناوب السلمي على السلطة بل للدولة العراقية التي نحتكم جميعا الى دستورها الكافل لحريات التعبير ولا تحتاج الفنون والآداب أكثر من هذا الضمان لتقدم خطابا مستقلا عن كل الميول والاتجاهات, والفرق واضح بين السلفة والمنحة! , فلا مجال للفشل بحجج نخبوية الإبداع
المقدم, ولا بديل عن النجاح الجماهيري بعد الآن, والغريب ان ولا مثقف واحد من مستلمي المنحة قد وافقني الرأي!.
هل يوجد في العراق مؤسسات فنية ؟, المؤسسات حاليا هم كل من استلم من اموال الشعب العراقي أي ما يسمى منحة المثقفين والذين يجب عليهم اثبات صرف هذه الاموال فعلا في النتاج الثقافي والا يرجعوها للشعب .. وسابقى مطالب بذلك اليوم وغدا .. !, اين ذهبت منحة المثقفين التي تبلغ اكثر من اربعين مليار دينار عراقي سنويا ؟, اليست هي حصرا.. لمن مهنته الثقافة سواء مجال الفن او الادب ..؟, كم مثقف تسلم هذه المنحة لانتاج عمل ثقافي ؟ !, هل يمكن محاسبتهم ومطالبتهم بنتاج ثقافي يعادل ما استلموه ؟ !, هل كل المستلمين غير موظفين !, كيف يمكن تسلم راتبين من الحكومة بوقت واحد .. !, المنحة لمن يعمل في الثقافة وليس موظفا فكم ممن يعملون في الثقافة تسلموها فعلا ؟!, هذه هي الاموال المخصصة للثقافة والفن والادب وهذه هي طريقة ادارتها من قبل المثقفين الذين يتهمون الحكومات والاحزاب يوميا بمعاداة الثقافة العراقية!.بل ويتظاهرون مطالبين أين منحة المثقفين يا حكومة العراقيين ؟
هل أنت مثقف يستلم منحة حكومية في العراق ؟ , اجمعوا هذه المليارات وابنوا مطبعة أو مسرح أو سينما أو أوبرا, في الوقت الذي تمنحك الحكومة هذه المنحة لدعم الثقافة بوصفك احد أركانها أيها المثقف, وبنفس الوقت لم ولن ترضى عن نهج الحكومة حيال الثقافة, امنح أنت المنحة للثقافة العراقية ! , وإلا ما الفرق بينك وبين من تتهم بإهمال الثقافة في العراق, لديك الإدارة والمال والاستقلالية التامة من أي توجيه سياسي الآن ! . لما لا تساعد الحكومة ؟ , وان كنت تعمل ضدها لماذا تتسلم المنحة ! , ساعدها على ترتيب أولوياتها فأنت من النخبة التي ينتظر السياسي والمواطن ان يتعلم منهم ! , لأنك تعرف إن هكذا منحة من باب الاهتمام بالمثقف لا بالثقافة, أي صرف الأموال على شكل منح لذوات لا بناءا لموضوع, كالاهتمام بالعامل وإهمال المعمل, حتى يستيقظ يوما ما ولا يجده يحمل صفة العامل لانعدام وجود المعمل في الأصل, وهذا يبقيه رهنا ببرنامج حكومي تلو آخر على اختلافهم بالضرورة الديمقراطية للتناول
السلمي للسلطة, وهكذا انعدم الاستقرار الذي يعول عليه في بناء دولة المؤسسات, واهم تلك المؤسسات هي الثقافية بالنسبة للمثقف على اقل تقدير.
من امثلة المؤسسات التي تعد بلا سبب منطقي فنية وتصرف لها اموال ربما اكثر منحة المثقفين سنويا, النشاط المدرسي, مؤسسة تربوية تعليمية تعنى بالنشاط اللاصفي الفني والرياضي للتلاميذ والطلبة فهي ليست مؤسسة فنية يطالب كوادرها بانتاج اعمال فنية فلماذا هي مرتبطة بنشاط فني سواء بنقابة الفنانين او غيرها من خلال موظفيها لهذا الحد اكثر من ارتباطها بترجمة المناهج الدراسية للتلاميذ والطلبة فنيا من خلال المسرح المدرسي لتعينهم على استيعاب المواد العلمية والتربوية المدرجة ضمن مناهج الدراسة المقرة من قبل وزارة التربية العراقية., كلية الفنون الجميلة, ان هدف الكلية هو تدريس الفن بمنح شهادة البكلوريوس والماجستير والدكتوراه ضمن مهام وزارة التعليم العالي العراقية., نقابة الفنانين, ان النقابة مهمتها ادارة العملية الفنية في بابل من خلال المحافظة على حقوق الفنانين ومنحهم التراخيص والتسهيلات لممارسة مهنتهم.. بمعنى ان انتاج النقابة لاعمال فنية باسمها يعد احتكارا لمهنة الفن وخاصة عندما يكون المورد المتوفر لهذه الاعمال الفنية هي الحكومة العراقية.. ولا تتبع النقابة وزارة الثقافة لهذا الغرض بالذات أي ان تكون مستقلة تماما عن الضغط الحكومي لكي يتاح لها الدفاع عن حقوق الفنان العراقي بشكل مستقل عن التغيرات السياسية والحكومية.. وهي ليست مطالبة بانتاج اعمال فنية انما برعاية ادارية للفرق والتجمعات الفنية التي يتجمع فيها الفنانين لممارسة مهنة الفن.. لكن ما يحدث الان هو العكس تماما .. حيث يحتكر اعضاء النقابة مصادر التمويل وادارة الانتاج الفني .. بما يجعل كل فنان يسعى ليكون في موقع اداري فيها لكي يضمن لقمة عيشه .. ولا يصرخ أين منحة المثقفين يا حكومة العراقيين ؟ لابد ان يتغير الحال ويعي المثقف دوره حتى يفرض مكانته على الحكومات من خلال موقف ثقافي يطالب الحكومة بمحاسبة مستلمي المنحة من افراد ومؤسسات واعادة تلك الكليارات لبذلها ثقافيا بحق, فلا يصح الا الصحيح.

أحدث المقالات