18 ديسمبر، 2024 7:42 م

هناك أناس كالغيمة أينما حلت تصنع البهجة وتسعد الأرض بأمطارها.
أبو محمد شاب مكافح لا يملك من حطام الدنيا غير قوت يومه، ولكنه غني بقناعته. الابتسامة لا تفارقه، يبعث التفاؤل أينما يحل.
كان يجمع من قوته بعضًا من المال فيعد وليمة، ويجمع حولها الأصدقاء. ويجد في هذا العمل مصدر فرحة
حينما يجد الأصدقاء حوله.
أبو محمد رجل عطاء وإن قلت حيلته، فهو الشاب اليافع الذي داهمة المرض ليسلبه شيئًا فشيئًا قوته وقدرته على الحركة، حتى أصبح جليس الدار. ومع كل هذا الألم والصراع مع المرض لم يوقف عادته بجمع الأصدقاء ليسعدهم ويأنس بوجودهم، ولم يعطه المرض فرصة أطول حتى سلب منه كل قدرته، لتفارق الحياة غيمة كانت تمطر في أرض بور لا نفع منها.
الصحبة الذي قصر من قوته لأجلهم فقد جفوه في أخر أيامه، ولم يجد غير من كان صادقٍا وفيٍّا في صداقته.
رحل ولم يقف في وفاته غير صديقين.
أبو محمد حتى في موته كان عطاءً، فقد جسد لنا في غربته ووحدته رسالة، هي:
(الكثرة التي من حولك لاتعني الوفاء)
(الضحك المبعثر في مجلسك لايعني حبٍّا) (اجتهد في اختيار الصديق الصدوق المخلص ليصدقك القول، ويعفو عن زلتك، ويتقبلك كما أنت، ويقف بجانبك عند انكسارك، ولا يتخلى عنك في شدتك، ولا يطبل ويزمر عند خطئك، بل ناصح لك)
(لا تفرح بكثرتهم، عند المصائب أنت وحيد،
الصداقة الحقيقة ليست بأرقام السنين، بل الصداقة بصدق الموقف)

*(رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهب
ومن لا عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا )
الشافعي*