23 ديسمبر، 2024 10:21 ص

أين صارت معنوية الجيش العراقي؟

أين صارت معنوية الجيش العراقي؟

التقارير التي تتحدث عن کثرة حالات محاصرة وحدات الجيش العراقي و الفتك بأفراده من جانب مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي، وکثرة هروب الجنود او مغادرتهم لوحداتهم مقابل صفقات يبرمونها مع قادتهم، تسلط الاضواء مرة أخرى على جانب حساس و خطير آخر من المشهد العراقي الذي باتت الازمات و المشاکل تحاصره من مختلف الجوانب و تعصف به أيما عصف.

الجيش العراقي الذي کان مشهورا بمعنوياته القتالية العالية و صولاته و جولاته، يفتقد اليوم بحکم الاوضاع السياسية المتهالکة و عدم وجود قيادة سياسية يعتد بها و تتمکن من أخذ زمام الامور بقوة و إقتدار، وانما هناك وکما يعلم القاصي قبل الداني حالة من التراخي و الانفلات على أکثر من صعيد، ذلك أن أغلبية القوى و الشخصيات السياسية منشغلة بتصفية الحسابات و الصراع من أجل المصالح و النفوذ ليس من أجل مصلحة و امن و استقرار الشعب العراقي وانما من أجل غايات و أهداف ليس للشعب العراقي ناقة او جمل فيها.

ظاهرة الميليشيات المسلحة التابعة للنظام الايراني و التي صارت تهيمن على الاوضاع في العراق و تتقدم رويدا رويدا لتحل محل الجيش کما هو الحال في لبنان و مايحدث في اليمن، وکل ذلك بالاقتداء و الاحتذاء من تجربة النظام الايراني الذي جعل الجيش الايراني الذي کان خامس جيش في العالم مجرد ظل لقوات الحرس الثوري و التعبأة التي شکلها و التي تهيمن على الاوضاع بيد من حديد و تمتلك کافة الصلاحيات بيدها، وان تشکيل أکثر 50 ميليشيا مسلحة عراقية من قبل النظام الايراني و جعلها بنادق تحت الطلب توجه مرة بإتجاه سوريا لمقاتلة الشعب الثائر هناك الى جانب قوات النظام السوري الدکتاتوري، او توجه تارة أخرى لضرب المصلين بالمساجد او لقتل الابرياء العزل و تعليق جثثهم على أعمدة الانارة، تعيد الى الذکرى الماضي الدموي الاسود للحرس الثوري الايراني و الجرائم و المجازر المروعة التي إرتکبها من أجل فرض نفسه على الشعب الايراني في مختلف المناطق بسائر ارجاء إيران.

ان قصة إنهيار معنويات الجيش العراقي، وان کانت لها أسباب عديدة و مختلفة، لکن السبب الاقوى و الاهم يتعلق بالنظام الايراني الذي لعب دورا أکثر من قذر بتشکيل هذه الميليشيات التابعة له و قام بتوجيهها لتقتل و تصفية قادة و ضباط الجيش العراقي من مختلف الصنوف مثلما قامت هذه الميليشيات بتهجير أحياء و مناطق بأکملها لدوافع طائفية مقيتة، وان جنديا وفي ظل هکذا ظروف و اوضاع سائدة بالعراق عندما يتوجه الى الجبهات لقتال تنظيم إرهابي دموي کالدولة الاسلامية المزعومة، فمن الطبيعي أن تکون معنوياته تحت الصفر، خصوصا وان الجنود هم أساسا اولئك الافراد الذين لم يبيعوا أنفسهم کبنادق تحت الطلب

للنظام الايراني و ينخرطوا في تلك الميليشيات المشبوهة من کل النواحي، وان السؤال الاهم هو أين هي هذه الخمسين ميليشيا التي شکلها النظام الايراني ولماذا لاتتوجه کلها لمقاتلة الارهابيين؟ ولماذا هم باقين بين ظهراني الشعب العراقي و في داخل المدن ليقوموا بأعمال التصفية الجسدية و الارهاب و التغييرات الديموغرافية التي تهدد الامن الاجتماعي للعراق، والحق أن تنظيم الدولة الاسلامية منشغل بجرائمه و مجازره الارهابية في المناطق التي يسيطر عليها فيما تنشغل الميليشيات بالمقابل بنفس المهمة في مناطقها وکل له اسلوبه و طابعه الارهابي الخاص.

*[email protected]