قبل أن أبدأ بمقالي أقول للسيد عمار أنت تصر على إنك تستنير بسلوك المرجعية العليا (حفظها الله)، ولا يمكن لك أن تسير عكس طريقها، والمرجعية العليا أصبح سلوكها واضحاً للقاصي والداني بأنها أب لكل العراقيين، لا بل هي أصبحت مثالاً راقياً للإنسانية والتسامح، وقبل كل شيء هي تحب العراقيين وتتمنى لهم الرفعة … كل العراقيين من دون استثناء ولا تفرق بينهم على أي أساس، وتشجع على تولي المناصب الحكومية من قبل أشخاص طبعاً رجالاً كانوا أم نساءً يتصفون بالنزاهة والكفاءة والخبرة بغض النظر عن انتمائهم، ولكن ما رأيناه بالأمس القريب عندما رشحتم أتباعكم لتولي الوزارات، وما نراه اليوم في قضية منصب أمين العاصمة بغداد يثير فينا المقارنة بين الشعارات المرفوعة وواقع حال تطبيقها.
طبعاً الكثير من المواطنين يشك في المعلومات التي يقدمها الإعلام عن الأحزاب العراقية وطريقة عملها، ويعتبرها عملاً سياسياً تسقيطياً، لأنه يسمع من قادة هذه الأحزاب كلاماً يصل في بعض الأحيان إلى موازاة كلام الله سبحانه وتعالى، فهؤلاء القادة يتحدثون عن الوطنية في أبهى صورها، وعن تضحياتهم في سبيل خدمة المواطن، ويظهرون شعارات الزهد ونكران الذات، والتمسك بدعم بناء الدولة على أسس النزاهة والكفاءة والخبرة بعيداً عن التحزب والطائفية؛ فهم يدعمون المستقل إن كان على درجة عالية من الكفاءة والنزاهة والمهنية على حساب المتحزب. ولكن لابد للمواطن من متابعة أصحاب هذه الشعارات للتأكد من صحتها ومطابقتها للواقع من خلال ممارسات مطلق الشعارات وحزبه، وأدعو هذا المواطن أن يلاحظ مجريات قضية تعيين الدكتورة (ذكرى محمد جابر علوش) بمنصب أمين العاصمة بغداد من قبل السيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، ولنلاحظ مدى تطابق الشعارات مع واقع هذه الأحزاب.
فهذه المرأة العراقية تحمل شهادة الدكتوراه بالهندسة المدنية، وتشغل منصب مديرة قسم المشاريع في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وقد اشاد الكثير ممن عمل معها وبمعيتها بمهنيتها وتفانيها في انجاز أعمالها، كما أكدوا أنها تملك خبرة واسعة في مجال الهندسة المدنية والمعمارية وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية.
وتحمل علوش شهادة الدكتوراه ic3 في الهندسة المدنية.
وبدأت قصة ترشيحها إلى المنصب عندما قدمت كشفاً بالمشاريع التي أنجزت والتي مازالت قيد التنفيذ إلى الوزير حسين الشهرستاني وأعجب بإنجازها وقدم اسمها كمرشحة لأمانة العاصمة إلى السيد حيدر العبادي الذي رحب بالفكرة ووضع اسمها للمنافسة مع اسمين هما رئيس إدارة نادي الصيد (حسنين معلة) وعضو مجلس محافظة بغداد (محمد الربيعي) على لجنة عليا مشكلة من مجلس الوزراء والتي بدورها اختارت علوش أمينة لبغداد، وهنا نتساءل عن سبب هيجان المجلس الأعلى بسبب عدم اختيار مرشحه محمد أبو الكلش واو ، وهو أي المجلس وعلى لسان قائده السيد عمار الحكيم دائماً ما يتحدث عن النزاهة والكفاءة، وعن تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، فهل هذه الدكتورة وبالمواصفات التي تحملها لا تستطيع أن تخدم ومحمد كلش واو يستطيع؟ أم أنها مستقلة وكفوءة ونزيهة وهذا ما لا يمكن القبول به كونها لا تنتمي لحزبكم، والفرق يا سيد عمار بين اعتراضكم على تعيينها، ودعمكم لها لأنها كفوءة ونزيهة ومستقلة هو الذي يمثل مأساة العراق ومشكلته الكبرى، فلو كنتم قد دعمتم هذا الترشيح لأصبح الأمر وطنياً خالصاً ولا تشوبه شبهة الانتماء الحزبي المقيت الذي أصبح في العراق عنوان شؤم على الشعب، وعندما نضع موقفكم هذا مع موقف التخلي عن بحر العلوم وعدم إعطائه وزارة النفط تصبح الأمور واضحة للجميع حيث لا يمكن تعيين أي شخص في أي منصب مهما تكون مؤهلاته ووطنيته ما لم يكن من الذين آمنوا وعملوا الصالحات والحر تكفيه الإشارة.