23 ديسمبر، 2024 4:31 ص

أين ساسة العراق أس البلاء من رحمة الفقراء وتراحم الضعفاء ؟!

أين ساسة العراق أس البلاء من رحمة الفقراء وتراحم الضعفاء ؟!

اليوم أدهشني رجل مسن فقير بصنيعه الرحماني حين أسرني بسر مفاده ، أنه “يدفع مالا الى مراهق إعتاد صيد العصافير بطرق مبتكرة ومن ثم حبسها داخل القفص ليبيعها الى من يرغب بأكلها أو باقتنائها “، مضيفا ” أدفع له ثمنها كلها مقابل أن يطلق سراحها لتطير في الهواء عائدة الى أعشاشها عسى الله أن يطلق سراحنا ويفك أسرنا وأسرانا جزاء هذا الصنيع الذي أقوم به !”.

لقد دهشت حتى أنني لم أتفوه بكلمة ولم أنبس ببنت شفة وأنا أفكرفي سياسة العراق وهم أس الفساد والإفساد ومنبع المظالم كلها وبين هذا المسن الرحيم الذي أتعب بصنيعه الرحماني كل من بعده !

وأضاف اذا مررت بقرية أو حي ما ذات يوم ووجدت أن كلاب الحي السائبة المعروفة بشراستها لا تنبح عليك على غير العادة وكأنها تعرفك ، في ذات الوقت الذي ترى فيه أن الطيورعلى أشكالها والقطط الضعيفة المعروفة بهروبها من الغرباء لا تفزع عند رؤيتك فأعلم رعاك الله أن قلبك مطمئن بالإيمان وغارق في الرحمة ما يظهر سمته عليك وينشر عبقه كالرياحين على كل من حولك ، فكن من الراحمين قلبا وقالبا وسترى العجب العجاب !

وبناء عليه وللمرة الثانية ونتيجة لإنتشارالشح وإستشراء البخل وتحكم الأنانية وإمتناع الأغنياء عن إخراج الزكاة والصدقة،والجري المحموم مدفوعا بالجشع والطمع للحصول على المال بأي وسيلة كانت أذكر بأهمية القوة الرحمانية الراحمة لمواجهة القوتين الشيطانيتين الناعمة والغاشمة !

كل المواقع الالكترونية والصحف والمجلات التركية تتحدث اليوم عن شهامة الشاب السوري الذي أنقذ امرأة تركية وأخرجها وزوجها من تحت الأنقاض بعد إنهيار منزلهما بفعل الزلزال الأخير الذي ضرب البلاد ،هذا الشاب الجامعي السوري “محمود العثمان” وموقفه النبيل مع السيدة التركية “دوردانه أيدن” قد غير نظرة الآف الأتراك تجاه المهاجرين والنازحين السوريين فرج الله كربهم وأعادهم الى ديارهم وبلادهم سالمين غانمين،ووصل الأمر الى منحه وأسرته الجنسية التركية بقرار رئاسي ، هكذا تصنع الرحمة وتجتاح العقول والقلوب معا إجتياحا كالموج الهادر ليس بوسع أحد الوقوف أمامه وبناء عليه فأنا مصر على مبدأ “القوة الرحمانية الراحمة لمواجهة القوتين الشيطانيتين الناعمة والغاشمة ” فبغير الرحمة الواعية والحازمة لن ننهض ولن ننتصر وأنوه الى أن الرحمة والتراحم يجب أن تتحول الى منهج حياة ومشاريع مجتمع ولا أعني إقتصارها على الخصوصية والفردانية نحو إفتتاح جمعية خيرية هنا ، ومؤسسة إغاثية هناك جزى الله القائمين عليها خيرا ، وإنما أعني أن تتحول الرحمة بمفهومها الأوسع الى مشاريع مدروسة ،رصينة ،ناهضة ذات جدوى تجدها في كل مكان وزمان في ربوع الأمة حيثما رحلت وإرتحلت ،إنه منهج رباني ونبوي وقرآني لابد من تفعيله تفعيلا كاملا من دون أدنى توان ولا تراخ في زمن الأنانية والعدمية والشح المطاع والهوى المتبع وإعجاب كل ذي رأي برأيه بلغ فيه عدد المليارديرات 2.208 مليارديرا،إجمالي ثروات 26 منهم فقط يوازي ممتلكات وثروات 3.8 مليار شخص من الفقراء حول العالم بحسب تقرير”أوكسفام إنترناشونال”!

وليتحقق لهؤلاء الأثرياء السيطرة الكاملة على أولئك الفقراء فإنهم يلهونهم بكل وسائل اللهو البرئ منها وغير البرئ وإستخدام “القوة الناعمة “بما يعرف بستراتيجية “تسلية الثدي “الذي لايدر لبنا وبمعنى أدق اللهو الذي يشبه ملهاة الأطفال الرضع البلاستيكية = هب بياض !

علما أن مفهوم “القوة الرحمانية الراحمة ” يتسع كثيرا ليشمل كل المخلوقات من حولنا من دون إستثناء ولا يقتصرعلى البشر فحسب،وعلما أن الرحمة لاتتعارض مع الشدة في سبيل الحق بوجه الباطل وإنما تكملها لمواجهة كل من تسول له نفسه العمل على إيقاف سيل الرحمة الجارف ووضع العراقيل أمامه بمعنى ( أشداء ، رحماء ) .

ولعل من أشكال الرحمة وصورها الجماعية لتصبح عرفا يقلده القاصي والداني:

– ” فرن مدعوم للخبز والصمون ” يوزع أرغفته بين ذوي الدخل المحدود مجانا بواقع ثلاث مرات يوميا .

– مكوى مدعوم في كل حي سكني كبيرللغسيل الجاف يتولى تنظيف ملابس الفقراء والكادحين وكويها مجانا .

– محل مدعوم للخياطة يتولى خياطة ملابس الكادحين والأيتام والأرامل وإصلاحها مجانا .

– مطبخ مجاني مدعوم للجياع والمحرومين والكادحين والعاطلين بواقع 3 وجبات يوميا في سائر الأيام بإستثناء رمضان فإنه يتولى تقديم الفطور والسحور طيلة الشهر الفضيل.

– حلاق مدعوم مجاني للايتام والكادحين والمعاقين وأمثالهم .

– مضمد مجاني مدعوم للشرائح المهمشة والنازحين .

– صيدلية مجانية مدعومة مخصصة للمرضى من ذوي الدخل المحدود تتولى صرف الأدوية لهم بناء على دفتر خاص للامراض المزمنة يعتمد عندهم إضافة الى اعتماد -وصفة -الأطباء الاختصاص .

– إسكافي مجاني مدعوم يتولى إصلاح أحذية الكادحين والفقراء والمساكين وصبغها من دون مقابل .

وهكذا دواليك من سبل مبتكرة كل واحدة منها تصلح ان تكون سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها الى يوم الدين يتسابق فيها الموسرون لرعاية المحتاجين كل بحسب قدرته وإستطاعته ولايكلف الله نفسها الا وسعها في زمن أهدر فيه الفاسدون المتقاتلون على السلطة أكثر من 500مليار دولار من أموالنا من دون أن يحلوا مشكلة واحدة من مشاكل العراق المستعصية قط لأنهم ما جاؤوا على ظهر الدبابة الاميركية ليحلوا لنا مشاكلنا بقدر سعيهم الحثيث لتعقيدها وزيادتها بل وصناعتها أيضا،فهلموا بنا لنتراحم فيما بيننا بقدر تناحرهم ،لنصلح بقدر تخريبهم ، لنتوحد بقدر تشرذمهم ،لنعدل بقدر ظلمهم، لنثبت وطنيتنا وحبنا لأرضنا وتمسكنا بهويتنا بقدرعمالتهم .اودعناكم اغاتي