23 ديسمبر، 2024 2:27 م

أين ذهب مربي الطيور

أين ذهب مربي الطيور

في تاريخ الحكام قصص تروى عن أصناف منهم أحبوا النساء والخمر وسهر الليالي، ومنهم من كان يحتفل حتى الصباح، ويجتمع عنده المغنون والعازفون والفتيات الحسناوات، ومنهم من كان يحب القرود والأسود والكلاب.

هناك من أصحاب النفوذ والمناصب من تعلق قلبه بالطيور، ومنها الحمام الداجن، وأجمله وأذكاه الزاجل، وقد نظم الشعراء وغنى المغنون في الطيور ومنها الحمام:

أقول وقد ناحت بقربي حمامة

أجارة هل تشعرين بحالي

معاذ الهوى ماعرفت طارقة النوى

ولامرت منك الهموم ببال

وفي الغناء الشعبي الكثير من تلك الأغاني الرائجة التي تذكر الطير وتتغنى به.

أحدهم يشغل منصبا رفيعا في بلده الأفريقي، ينشغل إضافة الى عمله بتربية أسراب الحمام، وجعل موظفا عنده مسؤولا عن رعايتها وتغذيتها، والسهر على راحتها، وتوجيهها في طيرانها في سماء مقر المسؤول الذي يجلس منتشيا، وهو يراها تتقلب في السماء، وترفرف بأجنحتها الرقيقة.

فارق المسؤول حماماته ونشوته وفساده بعد قرار نقله الى مدينة أخرى، ولكنه تسبب بقتل عشرات المتظاهرين المحتجين على سوء مايعيشونه بسبب سوء الإدارة، وربما التكبر والتعمد، وخرج دون أن يجد من يدافع عنه، بينما طارت حماماته، وتفرقت في الأنحاء لا تهتدي الى سبيل، ولم تعد تلقى الرعاية التي كانت تلقاها منه عندما كان في متنفذا في المدينة الأولى.

الفساد وحش يلتهم كل مايمر عليه، ويحول البشر الى مجموعات من اللصوص والمرتزقة برغم إدعائهم الشرف والكرامة، وحسن الخلق، لكنهم في الحقيقة جزء من حالة السوء العامة التي تطبق على المجتمع، وتثير الغرائز فيه، وتبعثه الى الهاوية.