9 أبريل، 2024 3:40 ص
Search
Close this search box.

أين تكمن مشكلة العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

العراق بلد الحضارات قديماً …. نعم . العراق مَرَ بمراحل تأريخية معقدة أُحتلَت سيادته وكرامته ووجوده منذ الغزو المغولي لبغداد ولغاية الإحتلال الفارسي ومن ثم الإحتلال العثماني الذي دام لقرون عديدة دون أي مقاومة أو إجراء مؤثر للدفاع عن وجوده وكرامته ، أي إن العراق منذ ذلك الوقت لم يكن له أي هوية سوى عبارة عن بقعة جغرافية يعيش فيها أقوام معينة . حيث تأسس العراق كدولة مستقلة من الولايات العثمانية الثلاث (الموصل، بغداد، البصرة ) حيث كانت بغداد هي الولاية الكبرى والمهيمنة على باقي الولايات في الرقعة الجغرافية . كل هذا صحيح حسب مدونات التأريخ . ومنذ تأسيس الدولة تحت مسمى ” الدولة العراقية ” عام ١٩٢١ ولغاية عام ١٩٥٨ كانت الجهود مبذولة لإرساء معالم الدولة المؤسسية ونجحت بإمتياز النخب الحاكمة لإرساء معالم الدولة الحديثة بالرغم من سطوة النظم العشائرية والقبلية آنذاك على حركة المجتمع ، مع ذلك استطاعت النخب الحاكمة من جعل العراق بلد مؤسسات ومتحضر نسبياً مقارنة مع محيطه . ومن بعد عام ١٩٥٨ وتحول النظام السياسي من نظام ملكي نيابي الى نظام جمهوري غيّر مسار ومستقبل البلاد وتوالت عليه أنظمة كان آخرها نظام ديكتاتوري فردي دام لعدة عقود ولغاية عام ٢٠٠٣ . وخلال تلك الفترة تراجع العراق من جميع النواحي إقتصادياً وإجتماعياً وبُذِرت موارده المالية والبشرية وأستمرت معاناة المواطنين من جميع النواحي لتشوه أفكار وعقول أجيال عديدة وتترسخ فيهم قيم الخنوع والخضوع وعدم الكرامة والقبول بالإهانة من أجل ديمومة الحياة . ثم جاءت المعجزة عام ٢٠٠٣ ليستبشر العراقيون بأمل الخلاص من حكم ديكتاتوري فردي قاسي الى مستقبل واعد يُثبت فيه العراقيون أصالتهم وتوجهاتهم نحو التحرر والتطور والتحضر للحاق بركب الدول المتقدمة وذلك من خلالل تطبيق النظام الديموقراطي الحقيقي الذي أهداه التحالف الدولي لهم مجاناً بدون أي معاناة أو مقاومة أو تضحية من جانب العراقيين . إلا ان ما تحقق منذ ذلك التأريخ هو ظهور حقيقة العراقيين كمجتمع من ناحية ونخبه السياسية التي تولت إدارة البلد من ناحية أخرى . فقد أثبت معظم العراقيين مدى تخلفهم وعدم إدراكهم لمصالحهم وضحالة ثقافتهم في إختيار ممثليهم لإدارة شؤون البلاد ، فهم نتاج هؤلاء الأجيال التي نشأة وتَربت على الخنوع والخضوع والعيش بذل في ظل الحاكم ، وما أدل على ذلك إستمرار إختيارهم لنفس النخب التي حكمتهم وما زالت تحكمهم والتي أودت بمستقبلهم ومستقبل العراق لعقود قادمة وهم فرحين بغبائهم بالواقع المزري الذي يعيشونه . أما من ناحية النخب السياسية فمن المؤسف أن يُطلق عليهم هذا المصطلح ” نخب سياسية ” فهم في الحقيقة ” نخب إنتهازية أو نخب سُرَّاق أو نخب مافية أو الأصح نخب عصابات ” . فجميع هؤلاء ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في سرقة موارد البلاد وإستغلال وتوجيه إمكانياته الكبيرة لخدمة مصالحهم الشخصية أو العائلية أو الحزبية أو العشائرية أو المناطقية دون مراعاة مصلحة الوطن .
الخلاصة : بدون أي شك ، معظم العراقيين هم من أجيال الحقبة السابقة والحقبة الحالية وهم بدون شك جيل مرتبك ومتناقض في تكوينه وتفكيره وتوجهاته . بعبارة أخرى ان الجيل الحالي ، في معظمه ، هو جيل تائه يفتش عن هويته بشكل أعمى ولذلك يبقى هذا الجيل ولسنوات قادمة يفتش عن حقيقة إنتمائه : هل للقائد والرمز لكونه يعطيه لقمة العيش أم للوطن الذي لا يعطيه أي شيء .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب