22 نوفمبر، 2024 4:58 م
Search
Close this search box.

أين الشجعان ؟

-1-
من قال :
ان الشجاعة لا تكون الاّ في الحرب ، حين ينازل الشجعان أعداءهم من الفرسان ؟!
ان الشجاعة صفة نبيلة، تحمل صاحبها على التصدي لمواجهة الظلم والظالمين، والوقوف بقوة بوجه المفسدين والمنحرفين …
من هنا فان الكلمة الصادقة الجريئة ، في خضم المسارات الملتوية ، يكون لها وقعٌ متميّز ، ودويّ كبي،يُلحقها بالبسالة الفائقة في سوح الوغى …
ان مساحات الانتصار للانسانية المعذبة، والقيم الحقة المهدورة، ليست محدودةً على الاطلاق، بل ممتدةٌ الى كل المواقع التي تُنتهك فيها الحقوق ، وتُصادر الحريات، وتُنْتَهَبُ الثروات ،ويتسلطُ فيها (الأقزام) على معاقد الأمور…
إنَّ الفارق بين (الجبان) المهادِن للسلطويين المنغمسين الى الأذقان بحب ذواتهم ومصالحهم وامتيازاتهم، والذين يسومون الناس العذاب ،و(الشجاع) الذي يجأر بالحقّ ، ويندّد بالباطل ، غير هيّاب ولا وَجِل، لكبيرٌ، بكل المعايير والموازين، وتستوي في ذلك معايير الأرض والسماء .
-2-
وفي كتب السيرة والتاريخ ما لايُحصى من القصص والحكايات الباهرة ، الدالة على ان الأمة لاتخلو من رجال شجعان يؤثرون الحق على الباطل ، ويُصحرون بمواقفهم الجريئة، ازاء الممارسات السلطوية الغاشمة …
-3-
ومن تلك الحكايات البليغة :
حكاية (سعيد بن المسيب) مع أحد الجلاوزة المروانيين .
وسعيد بن المسيب من أبرز التابعين (ت105هجرية) وقد أطلق عليه (الذهبي) في كتابه تذكرة الحُفاظ ج1/44 لقب :
(شيخ الاسلام ، فقيه المدينة )
وقال عنه العجلي :
(كان لايقبل جوائز السلطان )
الحكاية :
كان سعيد بن المسيب جالساً بالسوق، فمرّ به رسولٌ لبني مروان – وبنو مروان معرفون بظلمهم للناس وطيشهم وممارساتهم المنكرة – فقال له سعيد :
مِنْ رُسُلِ بني مروان أنتَ ؟
قال :
نعم
قال :
كيف تركتَ بني مروان ؟
قال :
بخير
قال سعيد :
تَركتَهُم يُجيعون الناس ويُشبعون الكلاب ؟!
فاشرأب الرسول ..!!
يثول المطلب بن السائب :
(فقمتُ اليه ، فلم أزل أزّجيه حتى انطلق )
كانت مهمة (المطلب بن السائب) التدخل السريع، لازالة الاحتقان، ومحاولة التهدئة، لإبعاد شرور الجلواز المرواني عن ابن المسيّب
ثم قال المطلب بن السائب لسعيد :
” يغفر الله لك ، تشيط بدمك ؟
فقال :
اسكت يا أُحَيْمِق
فو الله لايسلمني الله ما أخذتُ بحقوقه “
ان أمثال المطلب بن السائب كثيرون ، فهم لايكتفون بالسكوت عن المظالم ، وانما يحاولون صدّ المصلحين عن ممارسة أدوارهم ، وصدّ الغيارى من الناس من العمل في ميادين المطالبة بالعدل السياسيّ والاجتماعي .
فمن يقرر اليوم الانخراط في صفوف المحتجين على المظاهر السلبية في أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة ، لايعدم ان يجد الكثيرين من زملائه وأصدقائه وجيرانه – ينهونه عن ذلك ، ويحذرونه بأشد عبارات التحذير والترهيب ..
لماذا ؟
أليس التظاهرات السليمة قد تكفل بها (الدستور) كحق لكل مواطن ؟
أليست التظاهرات والاحتجاجات السليمة وسيلة حضارية للمطالبة بالحقوق؟
أليست التظاهرات السلمية طريقاً لتذكير السلطويين بواجباتهم ازاء الشعب والوطن ؟
وقديما قيل :
{ ماضاع حقٌ ماوراءه مُطالِب }
ان الصمت ، الذي يُشبِهُ في كثير من الأحيان صمت القبور ، لن يجدينا نفعاً، بعد أنْ أصبحت أرواح الناس مهددَةَ بالازهاق، على يد العصابات التكفيرية الأرهابية، وبعد أن هان المواطن العراقي على السلطويين، حتى باتوا لايفكرون الاّ بحماية منطقتهم الخضراء ، ومضاعفة أرصدتهم النكراء ، في المصارف الأجنبية ، وعبر الحسابات السرية ….

[email protected]

أحدث المقالات