لماذا يصر القائمون على مايسمى بمهرجان بابل للثقافة والفن بألصاق الثقافة والفن بمثل مايجري في أطلال بابل التي حولها نظام متخلف الى قصور رئاسية تسلية للحواشي , مما جعلت منظمة اليونسكو تجدها فرصة لتشطبها من ألآثار العالمية , رغم أن بابلون لها صدى تاريخيا عند أبناء البشرية ومثقفيها وعلمائها المهتمين بتاريخ الشعوب .
ومثلما مسخ نظام العبث الصدامي المعنى السياحي لبابل , كذلك عملت دوائر السلطة المحلية والسلطة ألآتحادية التي أغرقتها المحاصصة الحزبية بأناس يحبون الحواشي وألآمتيازات , ويكرهون الثقافة لآنهم لايقرأون ولايعرفون من الفن ألآ هز الخصور والضحك على الجمهور الذي تخلف عن فهم الحضور المجدي والمنتج , وأستهوى التصفيق والصفير المزعج .
لماذا تبدو مدرجات المسرح البابلي شبه فارغة , ولماذا تكون مذيعة المهرجان تعرف الصياح الذي يشبه الصراخ ولاتعرف مخارج الكلمات والحروف وحسن أختيار التقديم الذي يضفي هيبة ورغبة في أستماع الضيوف كما تعرف المكياج الذي أعتبرته السماء تبرجا بزينة ؟ ولماذا تقدم القصائد على أنها كبيرة , وعند قرأتها تبدو أصغر من صغيرة , فلا الجمهور القليل يحفل بها , ولا المشاهد والمستمع تشده كلماتها .
لماذا تتم الدعوات وكأنها سرية , وتوزيعها بطريقة مخفية , فتصل الى من هم ليسوا أهلا للثقافة , ومن هم نكرات المجتمع الذين يشكل حضورهم خسارة تفقد من جرائها منتديات الآجتماع والثقافة مضمونها ويخفت بريقها حتى لاتعود تحظى بقناعة المراقبين والمتابعين للشأن الثقافي , وهذا هو النعي الحقيقي لثقافة بابل التي تبلبلت فيها ألآلسن , وأنزل فيها الملكان هاروت وماروت يحذران من فتنة السحر , فهل لنا أن نحذر من فتنة الرقص والغناء الماجن الذي يسمونه فنا وهو ليس كذلك , وهل من اللياقة وألآنصاف والعراق في حرب مع عصابات ألآرهاب التكفيري ويعلن التقشف كضرورة تنظيمية أقتصادية , وشهداء الحشد الشعبي والجيش قوافلهم تترى بمواكب حزينة الى حيث توارى , هل هو جائز بعد ذلك أن نجد من يتلهى ويلهو بعيدا عن ساحات الوغى , ومن يفعل ذلك أن هو ألآ ممن لايسمع ولايرى ولايفهم , ومن لايفهم كان كألآنعام بل هو أضل سبيلا.