تعد مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، والهدف الأسمى لبعثة الأنبياء عليهم السلام ، فقد قال النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ، و” إنما في لغة العرب تفيد الحصر والقصر”
وقد خص اللّه جل وعلا نبيه محمداً صلى اللّه عليه واله وسلم بآية جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب فقال جل وعلا “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ “[القلم:4].
فأن النبي صلى اللّه عليه واله وسلم حث على حسن الخلق، والتمسك به، وجمع بين التقــــوى وحسن الخلق، فقال عليه الصلاة والسلام: ( أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحســن الخلــق ).
لذلك فأن النبي صلى الله عليه واله لَخص مهمة رسالته بقوله: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
وقال عز وجل 🙁 وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
إن الله سبحانه وتعالى وصف نبيه صلى الله عليه وآله بأعلى وصف، ألا وهو الخلق الحسن وكتمان الغيظ، وعدم الفظاظة والقساوة،
لأن هذه كلها أوصاف لابد تتوفر في من يتصدى الى قيادة المجتمع لأن القائد ، الذي من صفاته الغضب لا يصلح أن يكون قدوة أو داعية إلى خلق ودين.
فالذي يؤثر في الإنسان هو القدوة الحسنة لا الحديث ولا الموعظة . قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام ( كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم )؛ أي بأفعالكم .
ومن أبرز صور الحلم: كظم الغيظ، ثم يعقبه في الترقي الى : العفو عن الناس، وتلك صفات المتقين أهل الجنة التي عرضها السماوات والأرض، ومن رزق الحلم ترقى في درجاته؛ فيصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه، ويحسن إلى من أساء إليه أقول : ويخطئ من يظن أن الحلم عجز، وأن العفو ضعف، وأن الإعراض عن الجاهل خوف وخور، ولا يقول ذلك إلا من تأخذه العزة بالإثم، وهو خلق ذميم يتنافى مع الحلم كما ترى.
ومن الصور الرائعة للحلم وكظم الغيظ والعفو ما حدث مع الإمام زين العابدين عليه السلام .
يروى أنه كانت جارية تسكب عليه الماء فسقط الابريق من يدها فشجه فرفع
رأسه اليها فقالت الجارية ان الله تعالى يقول ( والكاظمين الغيظ ) فقال : كظمت
غيظي ، قالت ( والعافين عن الناس ) قال عفوت عنك قالت ( والله يحب
المحسنين ) قال اذهبي فأنت حرة لوجه الله .
فأين هذه التربية لمارقة ابن تيمية مِن تربية الرسول الكريم وآل بيته الطاهرين وأصحابه الكرام (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)؟!!
فقد أثبت الأستاذ المحقق الصرخي في محاضراته في العقائد والتاريخ الإسلامي مستوى الصراع القبيح والخبيث لدى أئمة التيمية وسلاطينهم على الكراسي و الملك والنفوذ ، مبينًا الفارق الكبير والاختلاف الجذري بين سلوك وتربية ائمة ابن تيمية عن أخلاق وتربية النبي الكريم وآل بيته الطاهرين وأصحابه الكرام ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) . يتضح ذلك من خلال ما جاء في قول ابن العبري في تاريخ مختصر الدول وهو يصف أحوال السلاطين والملوك آنذاك الذين يقدسهم أئمة التيمية إثناء الغزو التتاري المغولي للبلدان الإسلامية ، حيث قال ابن العبري/ (242): {{(الظاهر بن الناصر): ولمّا تُوُفِّيَ الناصر لدين الله، بويع ابنه الإمام الظاهر بأمر الله في ثاني شوّال مِن سنة اثنتين وعشرين وستمائة (622هـ):
أـ وكان والده قد بايع له بولاية العهد، وكتب بها إلى الآفاق، وخطب له بها مع أبيه على سائر المنابر.
ب ـ ومضتْ على ذلك مدّة، ثم نَفَرَ عنه بعد ذلك، وخافه على نفسه، فإنّه كان شديدًا قويًّا أيِّدًا (قويًّا شديدًا) عالي الهمة، فأسقط اسمه مِن ولاية العهد في الخطبة، واعتقله وضيّق عليه.
وأكد السيد الأستاذ الصرخي حقارة وخبث ذلك الصراع السلطوي بين أئمة التيمية :
[[أقول: ما شاء الله!!! أحقر وأخبث وأقبح صراع على السلطة والكراسي والمُلك والنفوذ!!! فيضعُ الأبُ الابنَ في السجن، ويقتل الأبُ الابنَ، ويقتل الابنُ الأبَ، ويقتل الأخُ الأخَ!!!
فأين هذه التربية لمارقة ابن تيمية مِن تربية الرسول الكريم وآل بيته الطاهرين وأصحابه الكرام (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)؟!! أين هم مِن تربية الإمام علي للحسن والحسين (عليهم السلام)؟!! وأين هم مِن تربية الصحابة لأبنائهم؟!! .
جاء ذلك خلال المحاضرة الـ( 48 ) للسيد المحقق الصرخي الحسني من بحثه (وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري ) والتي ألقاها مساء يوم الجمعة الموافق 18 ذي القعدة 1438 هـ 11_8_2017م .