23 ديسمبر، 2024 7:08 ص

أين أنتم رجالات العراق اليوم .. من رجالات العراق أمس ؟

أين أنتم رجالات العراق اليوم .. من رجالات العراق أمس ؟

انهمرت دموعي أكثر من مرة.. وأنا أعيدُ قراءة وتدقيق مشروع كتابي الجديد الموسوعي الضخم لدفعه للنشر وهو : (رجالات العراق الجمهوري : سلطة قاسم .. البعث الأول .. الأخوين عارف .. البعث الثاني).. لنزاهة الكثير من رجالات العراق في العهد الملكي.. والعهد الجمهوري.. رجالات عراقيون مخلصون أفنوا حياتهم للعراق.. ولم يجنوا فلساً واحداً.. بعضهم لا يملك حتى داراً لسكنه وعائلته.. وبعضهم لديه داراً ورثها من أبيه.. أو بناه بكده قبل أن يصبح وزيراً..
استوقفني أحد قادة الجيش الكبار فنزاهته لا توصف.. حتى عندما يزوره احد أقرباؤه ويخرجون نهاية الدوام.. فلا يركب سيارته الحكومية.. بل يؤجر تكسي.. عيب أن يستغل سيارة الحكومة !!.. وزير آخر إذا طلب إجازة اعتيادية له من رئيس الوزراء فورق مكتبه حكومي.. وحرام أن يستعمله في طلب الإجازة.. فالإجازة قضية خاصة.. فكان يشتري ورق من المكتبات من ماله الخاص.. ووزير مالية لثمانية مرات لم يجني لا بيت ولا سيارة.. وعندما سؤل مرة.. ردً وهو يضحك (يمكن راتبي ما بي بركة).. والحقيقة أن زوجته رئيسة منظمة لمساعدة الفقراء.. كانت توزع نصف راتبه كل شهر إلى الفقراء بمعرفته وموافقته ..
رئيس وزراء لا يملك داراً.. وأخيراً بنى داراً ضمن قرض يسدد أقساطه سنوياً.. ورئيس وزراء آخر يذهب بنفسه بسيارته الخاصة لدفع قائمة أجور كهرباء منزله بلا حمايات ولا قطع شوارع ولا مزيقة.. رئيس وزراء آخر لا يملك داراً للسكن يرفض تسجيل اسمه لاستلام قطعة ارض حكومية للسكن لأنه خارج الضوابط.. المضحك انه هو الذي يوزع قطع الأراضي على المواطنين ..
عضو مجلس السيادة (يعني نائب رئيس جمهورية).. قدم استقالته معللاً ذلك بالقول: (بأنه لا يعمل شيئاً).. لم تقبل استقالته.. لكنه لازم بيته.. وبعد أشهر أرسلوا له رواتبه إلى بيته.. رفض استلامها.. وأعادها إلى رئيس الوزراء قائلاً: (حرام أستلم راتب بدون عمل !).. رئيس محكمة الشعب.. وهو من كبار الضباط.. يقيم وعائلته وعائلة أخيه في بيت أبيه.. مات ولم يستطع شراء بيت لعائلته ..
رئيس أركان جيش العراق.. وهو قائد فرقة عسكرية بنفس الوقت.. وكان أعلى رتبة عسكرية في العراق.. باعوا بيته الوحيد.. الذي ورثه من أبيه.. لعدم قدرته تسديد قرض العقاري.. وزير بعد وفاته باعوا داره لعدم قدرته وقدرة عائلته تسديد قرض العقاري.. وزير آخر كان يمنح نصف راتبه للطلبة الفقراء.. كي يظهروا أمام زملائهم الآخرين بمظهر يليق بهم.. مات ولا يملك داراً.. وزير لأكثر من وزارة في آن.. واحد يسكن هو وعائلته مع أبيه لعدم قدرته شراء دار لان عائلته كبيرة والراتب لا يكفي.. وزير داخلية وخارجية إضافة إلى انه ضابط برتبة عالية.. له خدمة أكثر من أربعين سنة.. لا يستطيع تغيير أثاث بيته المتهالك.. زرته (أنا كاتب هذه المقالة) العام 1987 لإجراء حوار معه.. استغربتُ.. بل خجلتُ.. فأثاث بيتي حديث وجديد.. مات هذا الرجل.. ولا يملك غير داره التي شيدها على قطعة الارض التي استلمها
كبقية الضباط في مدينة اليرموك.. الأنكى من ذلك رئيس جمهورية لا يملك داراً سوى ما ورثه من أبيه جزءً من دار.. ورئيس جمهورية آخر لا يملك سوى دار بناه على قطعة الأرض الحكومية.. التي وزعت للضباط، وبسلفة العقاري.. رئيس وزراء وخدمته أكثر من 40 سنة لا يملك شيئا.. يسكن داراً حكومية مؤجرة من قبله.. وعشرات المسؤولين الكبار واصلوا العمل ليل نهار في خدمة العراق.. ماتوا ولم يجنوا غير العمل الصالح لبلدهم.. أكن التقدير والاحترام.. وأقف إجلالا لأسمائهم اليوم ..
هكذا كان العراق .. عراق العزة والفخر.. وهكذا كان زمننا الجميل ..
ـ إذن هؤلاء هم رجال العراق .. أين أنتم يا رجالات عراق اليوم ؟ من هذه القمم ..
ـ ماذا نسمي سياسيو عراق اليوم ؟؟