قطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع أيران , وكثرت الحملات ألآعلامية التي تبعث على التوتر بين البلدين , من المستفيد من ذلك ؟
وبعيدا عن أعلام البلدين , وبعيدا عن المؤيدين لذا الطرف أو ذاك , هل لنا أن نرصد ما جرى ويجري بين أيران والسعودية بعين المنصف الذي يريد ألآصلاح ؟
وتمهيدا لذلك نستشهد بما قاله رسول الله “ص” لرجل من ثقيف حيث سأله قائلا :
يا أخا ثقيف : ما المروءة عندكم ؟
فقال الرجل نت ثقيف : ألآنصاف وألآصلاح يارسول الله
فال رسول الله “ص” : وهي فينا , ” أي أن النبوة هي رسالة أنصاف وأصلاح
ولايمكن للمصلح أن يكون ناجحا في عمله ما لم يكن منصافا , وهذه هي المروءة ؟
نحن نلاحظ اليوم أن الذين يدخلون على خط ألآزمة بين أيران والسعودية لايزيدونها ألآ توترا وعصبية , ولا سيما من الجانب العربي , وخصوصا الجانب الخليجي .
ورأينا بعض الفضائيات أعطت مساحات واسعة من ساعات بثها لمناقشة التوتر بين أيران والسعودية , ولكن القليل من تلك الفضائيات من أعطى للموضوع حقه من حيث مفهوم : ألآنصاف وألآصلاح ؟
بمعنى أخر : أن المروءة كانت غائبة عند أغلب الذين دخلوا على خط ألآزمة , يتساوى في هذا ألآمر : الدول , ومراكز ألآبحاث , والصحف , والفضائيات , وألآفراد .
ومن منطلق مفهوم : ألآنصاف , وألآصلاح , اللذين هما عماد أخلاقية ” المروءة “
يمكننا أن نعمل جردة للآحداث التي وقعت بين البلدين لنتبين : أيهما كان معتدلا , وأيهما كان متطرفا ؟
منذ بداية أنتصار الجمهورية ألآسلامية ألآيرانية عام 1979 م كان موقف السعودية سلبيا أمتاز بالبرود والريبة والشك وأنتهى بتحريض ودعم صدام حسين لشن حرب عبثية ضد أيران بعنوان حماية البوابة الشرقية للوطن العربي ؟
وهو عنوان زائف ومضلل أهدر مليارات من الدولارات وأزهق ملايين ألآرواح وزرع الكراهية في المنطقة , حتى أستمرت تلك الحرب العبثية ثمان سنوات .
ثم كانت أحداث العام 1987 في موسم الحج حيث قتل ألآمن السعودي مايزيد عن 500 حاج أيراني وأيرانية وجنسيات غير أيرانية لا لشيئ سوى أنهم مشوا في تظاهرة سلمية يعتقدها من قام بها أنها جزء من مفاهيمه ألآسلامية التي تدعو للبراءة من الكفار والمشركين والمنافقين والظالمين , وما كان يجب التصدي بالرصاص لآولئك المسلمين الحجاج , وكان بأمكان الحكومة السعودية التعامل بأساليب أخرى غير القتل المباشر , ورغم قساوة وعدوانية عمل السلطات السعودية لم تقم أيران بقطع علاقاتها مع السعودية .
وأستمر ألآعلام السعودي ومن معه مشككا وطاعنا بموقف أيران ومن معها حتى أعتبر ألآعلام السعودي ومعه ألآعلام الخليجي أن وقوف أيران الى جانب المقاومة الفلسطينية هو تدخل في شؤنها وتدخل في القضايا العربية ؟
وعندما دعمت الجمهورية ألآسلامية ألآيرانية المقاومة اللبنانية التي قادها حزب الله اللبناني بعد العام 1982 وهو عام أجتياح الكيان الصهيوني لجنوب لبنان وبيروت كان موقف السعودية سلبيا على عكس ما هو المتوقع من أي دولة عربية تنتصر للقضايا العربية ضد الكيان الصهيوني .
والملفت للنظر أن السعودية بدأت بوقت مبكر من عمر الجمهورية ألآسلامية ألآيرانية بتحويل النقد والملاحظات الى صيغة طائفية من خلال حملات التسقيط والتشهير بالمذهب الشيعي , من خلال حشد معلومات ودعايات ملفقة وكاذبة ضد المذهب الشيعي والشيعة مثل : سب الصحابة , والطعن بشرف أم المؤمنين عائشة وهو مما لاصحة له مطلقا لا على صعيد النصوص الروائية ولا على صعيد فتاوى مراجع الشيعة تاريخيا بأستثنا تشخيص خطأ بعض مواقف الصحابة بعد حادثة السقيفة وألآمر لايتعدى سوى بيان الرأي وحرية التعبير , ولهذه القضية سجال فقهي عميق يعرفه المختصون , وأما ما يتعلق بالسيدة عائشة فقيادتها لحرب الجمل في البصرة التي أشعلت فتنة كبيرة بين المسلمين وخروجها على الخليفة الشرعي المبايع بأجماع المسلمين ومنهم طلحة والزبير , ولذلك حتى بعض علماء أهل السنة والجماعة أدانوا موقف السيدة عائشة وليس الشيعة فقط من أدانوا ذلك الموقف , والعلامة ناصر الدين ألآلباني وهو من علماء أهل السنة والجماعة المتأخرين من أدان موقف السيدة عائشة في حرب الجمل .
ثم كان للسعودية موقفا منددا بأيران وحزب الله اللبناني في حرب تموز عام 2006 مع الكيان الصهيوني , وظل موقف الجمهورية ألآسلامية صابرا محتسبا ولم تعمل على توتير ألآجواء
ثم كان ألآعتداء ألآرهابي التفجيري بالمفخخات وألآنتحاريين على السفارة ألآيرانية في بيروت وبعض من قاموا بذلك العمل ألآرهابي هم من السعوديين ؟
ثم كانت واقعة منى في العام 1436 هجرية التي قتل فيها مئات ألآيرانيين نتيجة التدافع وكان أغلب المراقبين يرمون المسؤولية على السلطات السعودية التي أبدت فتورا غير مقبول تجاه بيان حقيقة ماجرى وما هو عدد الشهداء وعدد المصابين ومع ذلك رأين الجمهورية ألآسلامية ألآيرانية تصرف بحكمة وصبر رغم عظم وفداحة الخسائر البشرية لمواطنيها ولم تقطع العلاقات مع السعودية
وفي حرب السعودية على الشعب البحريني وقمع تظاهراته السلمية في ميدان لؤلؤة البحريني وأدخال ما يسمى بقوات درع الجزيرة الى البحرين لضرب الشعب البحريني لاسيما أغلبيته المطالبة بالحقوق , ورغم سيل ألآتهامات التي وجهت من السعودية وحكام البحرين الى أيران ألآ أن أيران ظلت صابرة ولم تنجر الى خطوات تصعيدية .
ثم كانت الحرب التي شنتها السعودية على الشعب اليمني بلا أي مبرر قانوني أو شرعي ومعها سيل ألآتهامات الى أيران بزعم تدخلها في اليمن وهو أمر لم يستطع أحد أن يثبت ما يدل على ذلك ؟
وأما ما جرى في أفتعال ألآزمة السورية التي أصبحت حربا كونية دمرت سورية وشعبها من خلال عصابات ألآرهاب التكفيري المدعومة علنا من قبل السعودية وقطر وتركيا , فالسعودية كانت تتعمد أتهام أيران وتوجيه سيل من السباب والشتائم لها ولحزب الله اللبناني المقاوم الشريف حتى بلغت الحماقة بالسعودية أن تطلق تسمية ألآرهاب على حزب الله وعلى أيران ورغم ذلك ظلت أيران تدافع عن نفسها سلميا من خلال ألآعلام والحوار الهادئ .
وأخيرا كانت مواقف السعودية الرافضة لتوقيع ألآتفاق النووي مع أيران هو نفس الموقف ألآسرائيلي ؟
وأخيرا قامت الطائرات السعودية بقصف السفارة ألآيرانية في صنعاء وهو عمل حربي عدواني موثق لايمكن مقارنته بألآعتداءات الشعبية للمواطنين ألآيرانيين على السفارة السعودية في طهران مما جعل الحكومة ألآيرانية تشجب عمل مواطنيها وتحيل بعضا منهم الى القضاء وتعزل نائب محافظ طهران للشؤون ألآمنية وتعتذر للآمم المتحدة وللسعودية ؟
أمام كل تلك ألآحداث بين أيران والسعودية لايمكن للمراقب المنصف ألآ أن ينظر للموقف ألآيراني بأيجابية تفرضها القيم ألآخلاقية ومفاهيم القانون الدولي , بينما يظل الموقف السعودي عاريا سلبيا لايحظى بحجج منطقية والذين وقفوا الى جانب السعودية هم ممن لم يكونوا منصفين ولا من طلاب ألآصلاح ؟