18 ديسمبر، 2024 9:18 م

أيران أذرع خارجية وتحديات داخلية

أيران أذرع خارجية وتحديات داخلية

من المؤكد أن أيران وبعد هزيمتها المره التي كانت بطعم السم لدى ( الخميني ) مؤسس جمهورية أيران الاسلامية في حرب الثمانينيات مع العراق ، والتي أستمرت ثمان سنوات ، تمكنت من تأسيس قاعدة صناعة عسكرية واسعة في أتجاهات متعددة معتمدة على بقايا أو أنقاض شركات الصناعة العسكرية في الاتحاد السوفييتي سابقا ، وتمكنت أيضا من تطوير صناعة الصواريخ بالتعاون مع روسيا وكوريا الشمالية و الصين ولديها الآن ترسانة صواريخ متوسطة وبعيدة المدى تقدر ب ( ٥٥ ) الف صاروخ منها مايصل الى مدى ٢٥٠٠ كم ، وطورت أيران برنامجها النووي في نهاية الثمانينيات حيث كانت بداياته أواسط خمسينيات القرن الماضي أيام حكم الشاه محمد رضا بهلوي بالتعاون مع الولايات المتحدة وقد تطور هذا البرنامج أواسط السبعينيات بشكل كبير بالتعاون مع الدول الغربية . كذلك عملت الحكومة الايرانية قبل عقدين من الزمن من تطوير البرنامج النووي وبات مصدر تهديد للمنطقة مما أثارقلق الدول الكبرى لتجاوزه الأغراض السلميه .
وعلى صعيد أنشاء أو صناعة الميليشيات وبعد تجربتها الناجحة في تأسيس ميليشياحزب الله وحركة إمل في لبنان ، كذلك تشكيل مايسمى ( فيلق بدر ) وعدد من الفصائل العسكرية الاخرى من العراقيين الهاربين الى أيران ، كذلك تجنيد أو تأهيل عدد من الاسرى العراقيين وأستخدامهم في حربها ضد بلدهم ( العراق ) .
وبعد أحداث سبتمبر عملت أيران بنظرية ( ضع قدمك بجانب قدم القوي ) وتعاونت مع ماتسميه ( الشيطان الاكبر ) الولايات المتحدة على غزو أفغانستان والعراق ، وقامت بتوسيع تجربة صناعة الميليشيات حيث أنشأت ميليشيات من أفغانستان وباكستان والعراق واليمن ودربتهم على القتال والأعمال الارهابية ومدتهم بالمال والسلاح ، كذلك أنشأت عدد كبير من الخلايا النائمة في دول الخليج واوربا ، وباتت أيران تمتلك أذرع متعددة ومخالب جارحة قادرة على التنافس مع الكبار وتستطيع إلحاق الاذى بمن يقف أمام طموحتها التوسعية بالسيطرة على المنطقة . وقد كان أنشاء هذه القوة على حساب الوضع داخل أيران حيث مضت غير مكترثة للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي الذي يعيشه المواطن الأيراني .
الوجود الايراني في عدد من دول المنطقة المتمثل بالمليشيات التابعة لها أو الخلايا النائمة ، غير مرغوب فيه من قبل الدول الغربية ، وأن أمريكا لاتسمح لدولة مثل أيران أن تهدد مصالحها ، ولان الامريكان يدركون أن أيران يمكن أن تَخَلَّق الفوضى في عدد من دول الخليج أو تلحق الضرر بالمصالح الامريكية ، كذلك بأمكان أيران بغطاء الميليشيات الموالية لها القيام بعمليات خطف للرعايا الغربيين للمساومة وتحقيق بعض الأهداف كما تفعل مع الايرانيين مزدوجي الجنسية حيث تزجهم بالسجون والمساومة على أمور معينه ، فأن الامريكان وفق فهمهم لتفكير صانع القرار الايراني ويعلمون بنواياه وطموحاته وتطلعاته ، ووفق تكتيك سياسي أعطوا لايران فسحة زمانية ومكانية لكي تستنزف أقتصاديا” وتتمدد وتتوسع في عدة جبهات ، بالتالي يكون من الصعب أدارتها عمليا” ولوجستيا” ، لكي تقع بالفخ أو المستنقع الذي سيكون من الصعب الخروج منه . يأتي هذا مع حزمة كبيرة من العقوبات السياسية والعسكرية وألاقتصادية ، بالاضافة الى توجيه ضربات عسكرية محدودة لتقليم مخالبها .
أن قوة الدولة لاتنحصر بما تمتلكه من قوة عسكرية وأسلحة صاروخية وأذرع خارجية أو برنامج نووي فقط ، بل الاهم أن تمتلك قوة أقتصادية وجبهة داخلية متينة ، ورأينا كيفية أنهيار الاتحاد السوفيتي القوة العظمى في القرن الماضي عندما أخذ يبني قوته العسكرية والدخول في سباق حرب النجوم التي استنزفت أقتصاده أبان الحرب الباردة مع أمريكا ، وأنعكست تأثيراته على حياة المواطن .
نتيجة سياسات حكومة طهران التوسعية والابتعاد عن وضع الحلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية واتباع سياسات القمع والتنكيل للمعارضين للنظام فأن الوضع الداخلي في أيران بات قنبلة موقوته ، وأن الامن القومي الايراني يعاني من مشكلات كثيرة ، ابرزها تململ الأقليات الدينية والعرقية ورفضها سياسات التفريس والعنصرية والتفرقة والقمع والتنكيل التي تتبعها سلطات طهران ضدها ، واذا ما أنفجرت هذه الأقليات بثورات فلا تستطيع قوات الحرس الثوري والباسيج من أخمادها كونها تتمركز في مناطق جغرافية محددة ومتعددة وكذلك بعدها عن المركز ، والامر الاخر أن شعبية ومقبولية رجال الدين لم تعد مقبولة حتى لدى الفرس الذين يشكلون نسبة ٥٠٪‏ كونهم يعانون ظروف معيشية صعبة ويشعرون بالعزلة ، كذلك الوضع الاقتصادي الذي نخرته العقوبات الامريكية ويواجه حاليا انخفاض حاد في النمو وهبوط كبير في العملة وأفلاس الشركات .
أن الامريكان لايريدون تقديم أية خسائر لاسيما البشرية ، وأعتمدوا على استخدام القوة الناعمة ( الدبلوماسية والحوار ) في صراعهم مع أيران وتمكنوا من دفع حكومة طهران الى وهم القوة والتأثير والهيمنه وأثارت شهوتها بالسيطرة على المنطقة عندما أطلقت أذرعها في بعض المناطق كذلك زجها في الوقوع في جرائم الارهاب الدولي في العراق واليمن ولبنان وأشغلتها عن التحديات الداخلية الكبيرة للامن القومي الايراني ، ومن المؤكد أن الامريكان لديهم توقيت محدد لاثارة هذه الملفات التي ستطيح بحكم الملالي .