10 أبريل، 2024 9:48 م
Search
Close this search box.

أيديولوجية الصراع الفكري المعتدل ودورها في مجابهة التطرف والتكفير

Facebook
Twitter
LinkedIn

إن النظريات والمباني الفكرية والفلسفية تمثل أساس البناء لجميع المناهج والمذاهب الإسلامية والغربية، وعلى هذا الأساس والبناء الرئيس قامت أعظم الأنظمة والمذاهب العالمية والتي مثلتها والى يومنا هذا العديد من الدول الإستكبارية العظمى وما الشيوعية والرأسمالية الإ مظهر من مظاهر تلك النظريات والأسس الفكرية التي وضعها المؤسسون الاوائل ومها بلغت تلك الأنظمة والمذاهب العالمية من عظمة وإنتشار فهي بالنهاية نتاج فكري بشري أنتجتها أفكار ونظريات (كارل ماركس وإنجلز أو آدم سميث و فرانسوا كيز وغيرهم) ، فالمحصلة النهائية أنها آراء ونظريات فكرية بحتة.
وكنظرة عامة على واقع تلك الأنظمة والمذاهب العالمية فإننا نجد أن نقطة الصراع بين مُنْظِّرِيَها لم تعتمد على وسيلة القوّة والسلاح في فرض نفسها حتى وإن شهدت تلك الدول التي تتبنى هذه النظريات حروبَ ومعارك كبرى فبالنهاية يبقى الفكر والمذهب الفكري قابعًا في صدور ونفوس من يعتقد به من المنظِّرين وأتباعهم، ولم تستطعْ أيَّةُ قوّة بحال من الأحوال من القضاء عليه بغير المواجهة الفكرية! ولذلك فقد نشأت معارك شرسة بين تلك التيارات والأنظمة كانت الغلبة فيها بالنهاية للأجدر في ميدان المصارعة الفكرية ومثال ذلك الحرب الفكرية الضّروس التي نشبت بين منظّري الشيوعية وأتباعها من جهة وبين دعاة الرأسمالية وأنصارها من جهة أخرى في روسيا وكانت الغلبة فيها لماركس وأنصاره بالنهاية، وكذلك ما حدث من مناوشات ومنازعات أستمرت لعقود من الزمن بين الرهبان ودعاة الرأسمالية في القرون الوسطى الى أن غلبت الرأسمالية وصارت اليوم بفعل ذلك الإنتصار تمثّل النظام الإقتصادي لغالبية الدول العظمى .
وما يعنينا من ذلك كلّه هو ما شهده العالم العربي من بروز واضح للعديد من حركات التطرف والإرهاب التي مارست أبشع الجرائم وأقبحها تحت غطاء شرعي آيديولوجي، فالداعشي مثلا لا يقتلُ أحدًا قبل أن يقرأ عليه نصَّ الفتوى التي تبيحُ دمه!و”الدواعش” لا يهجِّرون ولا يَسْبُوْن ولا يَهدِمون مراقدَ الأنبياء والصالحين إلا ولهم مبرر شرعي في ذلك!! فالمرجع إذًا والأساس والمَنبع هو فكري آيديولوجي بغض النظر عن وسيلة التطبيق وصرامتها ، ومثلُ هذا الفكر الذي يفرض نفسه بقوة السلاح والإرهاب لانجد أن القوة والسلاح كافيان في مجابهته واقتلاعه من الجذور كما يقال فالداعشي الذي يَلِفُّ وَسطَه بحزام ناسف ويركض ليلقي نفسه وسْط جموع الناس الأبرياء في الأسواق والجوامع والكنائس ليس روبوتًا آليًا لكي نفجَّره او نلقي القبض عليه قبل أن يُفجّر نفسه وينتهى الأمر!!
فهل سألنا أنفسنا ماهي القوّة والفكرة التي جعلت من هذا الإنسان بأن يلقي بعواطفه وغرائزه جانبًا ويركض ليفجَّر نفسه لتتناثر أعضاء جسده!! ونحن نعلم أن فيهم من بلغ مستوى من الثقافة والتعليم وكثير ما شاهدنا منهم أطباء وماحمين وغيرهم يعتنقون هذا الفكر التكفيري وهم بكامل قواهم العقلية!!!
فالمسألة إذًا ليست مسألة سلاح وقوّة بل مسألة فكر وعقيدة فهولاء إنما يَنسِلُون من منبع فكري عقدي واحد فإذا ما نُسِفَت دعائم ذلك المنبع المشؤوم سيضلُّ شبحُ الإرهاب يهدد الجميع بين فترة وأخرى وربما تفرعن ووصل الى ما لا يُحمد عقباه!
وليس بخاف على الجميع أن كلَّ حركات التطرف والإرهاب في المنطقة تعتمد “مجموع فتاوى ابن تيمية” كدستورٍ ومرجع أساس يتكفّل بتدعيم الجانب النظري والفكري وبتهيئة منهجية تامة لسلوك وحركة تلك التنظيمات على الواقع ، وبالحقيقة مهما بلغت صور الإجرام والإرهاب الداعشية فهي لا ترقى الى مستوى قباحة وإجرام الفتاوى التيمية .
ولم نشاهد في واقعنا المعاصر دراسة فعليّة تبنت جانب المجابهة الفكرية للمد التكفيري وكانت كفوءة وجديرة بأن تقوم بأعباء تلك المهمة الخطيرة اللهمّ إلا تلك البحوث و المحاضرات التي تبناها المحقق العراقي الصرخي الحسني أبان توغل الدواعش شمال العراق وتمثلت بسلسلة محاضرات بُثَّت عبر شبكات الإنترنت وكانت تحت عنواني”وقفات مع ..توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري ” وبحث ” الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول”.
وهي بحق نتاج فكري فلسفي رصين أقام الحجج والبراهين الدامغة التي دحضت أسطورة عقيدة التيمية ونسفتها من الأساس وهو التوحيد الذي يتبجحون به فأثبت المحقق الصرخي من خلالها بأن ابن تيمية مجسِّم منحرف يعتقد بتجسيم الله وبإمكان رؤيته على صورة شاب جميل أمرد !!!
وأثبت أن مثل هذا الخرف الذي يعتبر المُصَدِّر الأول لفتاوى القتل والتكفير ليس جديرًا بأن يُسلِّم المرأ حياتَه بيده !! بعد أن أثبت”المحقق الصرخي” فعلًا ان ابن تيمية يُصَحْح حديث الشاب الأمرد الذي ينص على إمكان رؤية الله بالعين الباصرة وهذا تجسيم وتصوير واضح ينافي ثوابت الإسلام والعقيدة الحقّة وهذا الإعتقاد في أصل ورأس الدين وهو التوحيد وأذا فسد الرأس فسد الجسد.
وبعد هذا فلا نجد حجة و ذريعة لمن يسير خلف تلك الفزّاعة الحمقاء ويعتقدُ بما يعتقد به ويلقي بنفسه الى التهلكة ويسعى ليفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل ويقتل ويخرّب ويهجّر باسم الدين وتحت راية الإسلام وهو منه ومن منهجه ومن شيخه براء براء.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب