نعم: تحقق شيء, اصلاح على ارضية رخوة لا تمسك الجذور, بعد اثنا عشر عاماً على اكتمال مؤسسات الفساد وعملقتها, تتظاهر الآن بأصلاح او اجتثاث ذاتها, لم يذكر التاريخ ان شيئاً كهذا قد حدث, يحاول المتحاصصون التوافق على التضحية بجزئهم بغية الحفاظ على كلهم, نطقت السنتهم تصريحات وقرارات متنافقة على ضمائرهم, المرجعية العليا, وبعد خراب البصرة تماماً, تهمس لاحزاب العملية السياسية, التي توافقت على ان يكون العبادي زبدة هجينها المر, ان يتداركوا الأمر ويتوحدوا ويتوافقوا حول صيغة تجنبهم الأصطدام بأعصار الحركة الجماهيرية في ساحات تحريرها حتى يمر بسلام .
رئيس الوزراء حيدر العبادي, وبعد ساعات مما كان عليه, يستيقظ ثورياً يقود اكبر واعقد عملية اصلاح, احزاب التحاصص لمرحلة الفساد ومغازلة الأرهب, تدعمه وترفع خناجر النزاهة لقطع عنق سماحة الفساد الوطني, جميع الكتل وكما كانت دون استثناء, تدعوا الآن لقتل الفساد والمفسدين معه, من كان فاسداً اذن؟؟ ومن هذا الذي يريد تصفية الحساب مع نفسه؟؟؟ .. ام انِها لعبة التفاف لتصفية الحساب مع بواسل ساحة التحرير؟؟؟ …
ماذا تعني توجهات المرجعية واصلاحات حيدر العبادي مقارنة بالأبقاء على نظام التحاصص والتوافقات الطائفية القومية, العبادي قيادي في حزب الدعوة الحاكم, فؤاد معصوم قيادي في التحالف الكردستاني الحاكم, سليم الجبوري رئيس الحزب الأسلامي الحاكم ايضاً, في اي دولة ومجتمع وتاريخ يقود الحاكم الفاسد انقلاباً على نفسه (سلطته), مثل تلك العجائب لا يمكن لها ان تحدث الا في عراقنا الجديد.
قد يكون الأمر تراجع تكتيكي, وهنا على الجماهير المنتفضة ان تستثمر تكتيكاتهم لصالح ستراتيجية مشروعهم الوطني, من يدخل اللعبة عليه ان يكون ذكياً شاطراً, لا مكان في تيار حراكته لسذاجة النوايا الطيبة, القيم والأخلاق والصدق والأستقامة, لا يمكن للصوص واللصوصية ان تكون بيئتها, ليس بعيداً ان يتغير النص واللحن للتوجيهات والأجراءات الأخيرة, وان تعود “حليمة الى عادتها القديمة” على المثقفين ومعهم المخلصين من السياسيين, ان تكون مواقفهم ثابتة الى جانب بواسل ساحات التحرير حتى يرموا آخر حجرا خلف نعش النظام التحاصصي.
ليس للأفراط في التفائل ما يبرره, فمنذ انقلاب 08 / شباط / 1963 والى يومنا هذا لم يتغير شيء في معاناة العراقيين, كانوا اسرى في مستنقعات الأرهاب البعثي, ومخدرين الآن في المياه الأسنة لخلجان الأسلام السياسي, انهم يجففون وعينا من داخلنا, والمراجع آخر قلاع الأسلام السياسي, اذا ما اخذ الأمر طابعه الجدي في احداث تغييرات لصالح المستضعفين, فستتغير المواقف والمواجهات, ولا توجد ثمة روادع اخلاقية تمنعها من مصافحة الشيطان, واذا ما فقدت شيء من ملكيتها للأبرياء, سيصل الأمر حد كسر العظم, هذا ما حدث مع ثورة 14 / تموز / 1958 الوطنية, عندما شعرت ان الناس راغبة في التحرر والديمقراطية وتحديث الدولة والمجتمع, وضعت افتائها تحت تصرف المؤامرة الأمريكية الأقليمية البعثية.
ايدوا الأصلاحات التي دعت اليها المرجعية ونفذ بعضها الدكتور حيدر العبادي, من دون ان تغادر اقدامكم ساحة التحرير في بغداد والمحافظات الأخرى, العراق يمكن ان يستقيم ويتوحد ويتقدم بدون معصوم والنجيفي وعلاوي والمطلك والجبوري وسماحات الذين وضعوا السرج على ظهر مجتمع الجنوب والوسط, ولم لا, الملايين هم اصحاب القضية والوطن ومن حقهم ان ينتخبوا سلطات جديدة على مقاس العراق, قوى غير ملوثة يجذام التحاصص الطائفي العرقي, من يتسلط علينا الآن, هم ارذل الأراذل ولا حدود لدونيتهم, الثقة بمن لا يستحقها, هي ساعة صفر الأنكسار.