23 ديسمبر، 2024 11:04 ص

أيام الأبتدائية ……

أيام الأبتدائية ……

كلما تذكرت ايام  الدراسة في المرحلة الابتدائية ذاق صدري وتضايقت كثيرا !!! فتلك المرحلة من حياة الانسان  مهمة جدا ولابد ان تكون الكوادر التربوية المشرفة عليها  كوادر فعالة قادرة على تخطي تلك المرحلة بنجاح في حياة كل انسان يمر بها  , فدول العالم العظمى تجد في تلك المرحلة بداية لبناء الشخصية العامة للانسان  فتجدها تضخ الاموال والقدرات من اجل رسم ذلك الطريق بطرق العلمية الصحيحة للوصول الى مجتمع مثالي قادر على مسك النجوم …  ففي بداية تسعينات القرن الماضي  قبلت في احدى المدارس الابتدائية النموذجية والتي كانت يطلق  عليها حينها ” مدارس الجذب الجيد” لكثرة الاقبال على الدراسة فيها كونها تمتلك من السمعة الطيبة بين اقرانها من المدارس حينها  , دخلت فيها للدراسة في الصف الاول الابتدائي تزامنا مع خروج العراق المنهك من حرب الخليج الاولى , حيث اختفت الوان الحياة حينها وتلاشت مشاهد السعادة من الشارع العراقي  .. هذه المدرسة تقع في جانب الرصافة من بغداد يديرها احد افراد وزارة التربية حينها ,  كنت اتذكر كانه لم يكن يعاملنا كاطفال مبتدئين وانما كرجال شقوا طريقهم في هذه الحياة !!  فكانت قساوته  في الكثير من الاحيان ليست مبررة !!! فكانت المدرسة بلنسبة لي ولاقراني  كسجن صغير , لم يكن للمتفوق  هدية ولكن في الوقت نفسه عقاب شديد للمقصر في واجبه العصا التي كان يحملها كانت  اداة العقاب الفوري لنا فكانت عصا من اشجار الرمان التي  غالبا ماكان سطحها يمتلك بوارز طبيعية  تصعق على ايدينا البريئة في صباح الشتاء البارد  لتقصير ما في الواجب البيتي !! انني اعتقد انهم تناسوا مهمتهم بتعليمنا وتخيلوا اننا جنود عندهم  وان واجبهم الرئيسي هو تعليمنا حتى لو اخطأنا  فبدل ان تعلم الحب والتفاؤل في رسم حياتنا المستقبلية كان يمارس العنف بذراوة ضدنا  في اطهر ايام عمر الانسان !! انها الفلسلفة البعثية التي كانت لاتميز بين الرجل والطفل وتحرق كل شيئ امامها !! المهم ان اليوم يسير وقد صفت طوابير الطلبة ودقت الاجراس لندخل قاعات الدراسة العتيقة  التي توسطتها مرشدة الصف  التي بدت على  وجهها اثار الحصار الاقتصادي فكانت دوما غاضبة و منزعجة كانها اجبرت على اداء وظيفتها المقدسة !!! .كان الكثير منا قد اقبل على الدراسة بملابس قديمة وممزقة والبعض الاخر كان يغمى عليه وسط الحصة الثانية نتيجة للجوع اولفقدان الطعام ليوم او اكثر  فكانت معاناة انسانية حقيقية ..واخيرا  استلمنا الكتب الدراسية التي تعاقبت عليها اجيال ثم اجيال ونحن ملزمين بتجليد تلك الكتب بورق الجرائد المختارة بعناية خوفا من وجود صورة القائد الضرورة فيها فتكون قضية نهاية الحياة لنا ولذوينا , وكنا كذلك  ننتظر تسلم الدفاتر ومادراك مادفاتر !! والدفتر يذكرنا بعصور ماقبل الصناعة فهو اسمر وفيه شوائب خشبية لايمكن اقتلاعها او الكتابة عليها  تنشأ بسبب ان هذا الدفتر قد  اعيدت له الحياة لاكثر من مرة  حتى وصلت اوراقه الى درجة عدم التفاعل مع القلم مطلقا !! اما القلم  لم يكن افضل حالا من زملائة في قرطاسية الحصار العفنة.. وبعد ان توزع علينا اقلام  الاموات هذه  التي تميزت  بعدم وجود  مادة الرصاص في داخلها  مطلقا  نظطر الى الشراء والاستعانة بلسوق الذي كان لايرحم بدوره  ايضا..  المهم  ان ذلك الاسبوع  المنهك لابد ان ينتهي بحلول يوم الخميس والذي كان يبتدأ صباحا باطلاق ثلاث اطلاقات من قبل ظابط امن المدرسة !!! عفوا من قبل مدير المدرسة التي لم اتذكر انه ضحك في حياته معنا او مع غيرنا مطلقا !! …وبلرغم من تلك المأساة التي مرت على العراق الا اننا استطعنا من تجاوز كل شي وتخرجنا من جامعاتنا بلرغم من كل شيئ بدون انترنيت وبدون حاسوب وبدون ايفون وكثيرا من الاشياء التي قد حرمت  علينا نتيجة للسياسات الخاطئة التي ارتكبها ذلك النظام .. فكان كل شيئ محرم علينا الطعام الجيد وحتى الفاكهة  وابسط من ذلك احيانا .. انا الان ارى الاجيال الحالية و معظمهم يملكون مال لم نستطع الحصول عليه في حينها  , والعجيب ان  النتائج عسكية للاسف و بصورة غير مرضية وليس بمستوى الطموح  فوزارة التربية تطبع في كل سنة كتب جديدة !!
يعني ( لوطخه لو نشلع مخه ) يعني لو حكومة تحلف متطبع كتب ويصير الكتاب ينباع في السوق السوداء ولو حكومة   تطبع كتب بكل سنة !!!  والسوق اليوم  يخوص بلبضاعة التي يستطيع محدودي الدخل الحصول عليها وهي ليست بمشكلة اطلاقا  , فلماذا  هنالك تردي بلوضع التربوي في العراق ؟؟  فمعدل المتخرجين من أي موقع دراسي عراقي انخفض مستواهم الى حدود الـ(50%) بأخر احصائية للامم المتحدة  وهذا الانخفاض اجده غير مبررا !!  فراتب المعلم الان وبلرغم من الانتقادات التي توجه  اليه  كونه لايتلائم مع مكانة المعلم ولكن هو بالتالي  يؤهله بعدم اللجوء لاستخدام وسائل الظغط على الطلبة للاستعانة بدروس الخصوصية كما جرى سابقا في ايامنا الماضية  , حيث كانت ذهنية المعلم قد انصرفت عن فكرة توصيل مادة الدرس الى الطلبة لترحل الى معاناة المعلم الشخصية والظروف المعاشية الصعبة !!!! فكان البعض منهم   يمارسون ابشع اساليب الظغط على الطالب لاجباره على الاستعانة بدرس الذهبي وخاصة الدروس المتعلقة بمواد ( اللغة الانكليزية والرياضيات والكيمياء والفيزياء ) كونها مواد تحتاج من المعلم بذل مجهود اضافي لايصال المعلومة  الجيدة للطالب المسكين الذي كان يعيش بدوره  بين نارين بين نار الاهل والحالة المادية والمعلم الذي حطمت ارادته ظروف الحياة القاسية حينها  , ان  تلك الحالات كانت موجودة وعشناها مع وجود نسبة استثنائات ضعيفة لاتتجاوز ال(5%) .. ولكنني اتعجب من مايجري الان من ضخ اموال طائلة  من طبع كتب ودفاتر بنوعيات فاخرة  قد تكون خارج العراق احيانا وبشكل سنوي حتى وصل الحال لتوزيع منح شهرية للطلبة مثل ماسمعنا مؤخرا .. ولكن النتائج الدراسية لاتبشر بخيرا ابدا وان مستوى النجاح ضعيف بين طلبة العراق  نسبيا ..اننا نرسل اليوم رسائل الى مهمة الى وزارة التربية من اجل توفير الجو الملائم الى الطلبة الذين يحتاجون للتربية قبل التعليم هذين المفهومين الذي لابد ان يفهما المعلم قبل المسؤول فلابد ان تتوفر في المؤسسات التربوية العراقية جميع مقومات النهوض والابداع  من اجل بناء مستقبل زاهر و غزير بلمبدعين العراقيين ..