هناك تصور لدى البعض ولاسيما الذين يرون في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية قدوة و مرجعا سياسيا و فکريا لهم، بأن هذا النظام قد صار منيعا وليس هناك أي خطر يمکن أن يؤثر عليه أو يهزه ولاسيما في الداخل، وعندما حدثت إنتفاضة عام 2009، زعم هذا البعض بصورة خاصة بأن هذه الانتفاضة نابعة من النظام نفسه، رغم إن صور المرشد الاعلى للنظام قد تم تمزيقها و حرقها خلالها، ولکن و بسبب إعتقال کل مير حسين الموسوي و مهدي کروبي فقد صارت تلك الانتفاضة تنسب إليهما على الرغم من الاتهامات التي تم توجيهها الى منظمة مجاهدي خلق من إنها وراء الانتفاضة، وفي النهاية وعندما تم إخماد تلك الانتفاضة عاد الحديث مجددا حن قوة و مناعة النظام.
الکلام عن مناعة النظام الايراني داخليا مع تحفظنا عليه و عدم قناعتنا به، من السخرية الکاملة الإشارة إليه بعد إنتفاضة کانون الثاني 2018، التي هزت النظام برمته و أدخلت الرعب ليس الى قلب قادته فقط وانما حتى الى قلوب أتباعه في المنطقة، خصوصا بعدما صار معلوما بأنها ضد النظام قلبا و قالبا و ترفض جناحي النظام على حد سواء بل وإن الذي أکد طابعها المعادي للنظام و من إنها شعبية تماما عندما إتهم المرشد الاعلى للنظام بعد صمت ملفت للنظر دام ثلاثة عشر يوما منظمة مجاهدي خلق من إنها تقف خلف الانتفاضة تخطيطا و تنفيدا و قيادة.
الاوضاع الاستثنائية التي واجهها النظام ولايزال بعد إندلاع هذه الانتفاضة ولاسيما عندما إستدعى جانب من قواته في سوريا ولأول مرة کما إن أکدت ميليشيات عراقية و لبنانية موالية له إستعدادها للذهاب الى إيران و الدفاع عن النظام، أکدت کذب و زيف المزاعم التي تتحدث عن مناعة و قوة هذا النظام.
“لا المجتمع الإيراني ولا النظام الحاكم، ولا علاقات هذا النظام مع المنطقة والعالم، لا يعود يرجع إلى ظروف ما قبل الانتفاضة التي وصفها الباحثون أصحاب الرأي بأنها تتميز بمواصفات «ثورة كاملة». انتفاضة الشعب الإيراني التي كانت انفجار النقمة الشعبية ضد الفقر والبطالة والغلاء، أبرزت على وجه متسارع طابعها السياسي والثوري ضد نظام ولاية الفقيه وقد دك بشعار «الموت لخامنئي والموت لروحاني» كل نظام الإرهاب الحاكم باسم الدين في كل أرجاء إيران.”، هذا ماجاء في بيان صادر عن الدورة الاستثنائية التي عقدها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بمناسبة إنتفاضة الشعب الايراني، وهذا الکلام له مصداقيته و إعتباره الخاص لأنه وکما يقول المثل صادر من أهل البيت و أهل البيت أدرى بما فيه، خصوصا وإنه وبعد الانتفاضة ساءت أوضاع النظام على العديد من الاصعدة وإن الهزة الجديدة التي يتعرض لها الريال الايراني منذ أسبوع تقريبا و تراجع سعر الصرف الى مستويات قياسية لم يشهدها منذ إبرام الاتفاق النووي، يعطي ثمة إنطباع عن إحتمال سقوط الريال الايراني الى جانب رضوخ النظام للمطلب الغربي بخصوص التفاوض بشأن برامج صواريخه الباليستية و تدخلاته في المنطقة، وهذا التطوران يأتيان بعد الانتفاضة ولکل منهما مغزاه و عمقه الاعتباري الخاص، بما يؤکد بأن بيت هذا النظام صار واهنا جدا عتى يمکن القول إنه قد صار أوهن من بيت العنکبوت أمام إنتفاضة شعبه.