12 أبريل، 2024 7:46 م
Search
Close this search box.

أوهام تحرير الموصل

Facebook
Twitter
LinkedIn

مضى على سقوط الموصل ما يقارب الأربعة أشهر ومنذ سقوطها ونحن نسمع التصريحات المتعاقبة الصادرة عن محافظ نينوى بتشكيل قوة عسكرية لاستعادة الموصل ولكن واقع الحال لا يشير الى شيء حقيقي على الارض يتناسب مع تلك التصريحات ، كما لم يصدر عن الحكومة ما يشير الى قناعتها بوجود مثل هذا الجهد رغم الحديث عن الاف المتطوعين الذين لم نلمس لهم وجودا او تغطية اعلامية .

والامر الوحيد الذي رأيته كان استعراضا بائسا لبضعة عشرات من الجنود  يضعون على اكتافهم الكلاشنكوف بثته احدى القنوات دون ان يظهر التقرير اي وجود لآلية عسكرية او سلاح متوسط ودون ان ينقل لنا اي شيء عن التدريبات التي يمارسونها ومن الذي يدربهم ، فهل بمثل هذه القوة الكارتونية سيتم تحرير الموصل ؟ !

كما لم يأتي ما يشير الى ان الحكومة او الولايات المتحدة  قدمت دعما ماديا  او عسكريا للمحافظ او القوة التي يدعي  تشكيلها ، ولاسيما وإن التقرير الذي رفعته المخابرات العراقية لرئيس الوزراء كان محبطا .

نحن نتمنى ان يكون ما يقوله المحافظ صحيحا لنطمئن ولكن لا نرضى إطلاقا ان يضحك علينا او يخدعنا احد والى  الآن لم نجد ما يشير الى صدق ما يذكر من وجود لمثل هذه القوة .

من جانب اخر تتوارد معلومات ان الحكومة بدأت  بتجميع العناصر التي فرت من الموصل في وحدة عسكرية بلغ قوامها  خمسة الاف عنصر وهذا الخبر القديم تراجع ايضا في وسائل الاعلام ولم يعد يذكره احد وكلنا يعلم ان اقليم كردستان يرفض وجود اية قوة تابعة للحكومة العراقية في كردستان اطلاقا مهما  كان المبرر لوجودها قويا.

وعلى صعيد ما يذكره المحافظ ان الوحدات التابعة له تشن هجمات على داعش فان  مصادر مطلعة تكذب هذه التصريحات وما يحصل داخل الموصل على قلته لا علاقة للمحافظة بل ان هذه التصريحات ولدت ردة فعل قوية ضد المحافظ ونقمة عليه في الاوساط العسكرية الموصلية لان داعش واحتياطا للامر اعتقلت ونفذت اعدامات طالت العشرات من الضباط في المدينة ربما كان يؤمل ان يكونوا نواة لقوات التحرير .

وامام اصرار عسكر الموصل على عدم التعاون مع المحافظ رفع الأخير ١٦٥ اسما لضباط في الشرطة يطالب بفصلهم من الخدمة باعتبارهم متواطئين مع داعش وقد تريث وكيل وزارة الداخلية السابق عدنان الاسدي في تنفيذ الطلب لمعرفته الاكيدة بدور هؤلاء الضباط في التصدي للقاعدة ومحاربتها .

ان ورطة  الموصل اليوم والتي ستعرقل عملية التحرير هو الانقسام الشديد بين المحافظ وبين كتلته الانتخابية النهضة والتي وصل بها الامر الى ان تفصله من عضويتها رغم كونه رئيسها ، وأيضاً خصامه مع بقية الكتل السياسية الا كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني التي اشترك معها في صفقات تجارية ونفطية واسعة ولا تجد ما يدعوها الى معارضة المحافظ او الاستعجال في تكوين القوة الموصلية المسلحة ( ربما الا بعد  ضمانات بالاقرار بكل المطالب الكردية السياسية والجغرافية والاقتصادية ) فالقيادة الكردستانية تخشى ان مثل هذه القوة اذا ما شكلت لن تستطيع ان تضمن نتائجها اذ مع اولى نجاحاتها ستشهد الآلاف المتطوعين في صفوفها وستقلب كل المعادلات وكل الاتفاقات فالسياسة الكردية- الشيعية المشتركة كانت وما زالت ان لا تكون للموصل قوتها الخاصة بها .

 من هنا تتضح خطورة الدور الذي يلعبه اثيل في تخدير الجمهور وتعطيل دور مجلس المحافظة سواء كان واعيا لذلك ام لا  !

نعم القوة التي يعد اثيل بها الجمهور سوف تتشكل ولكن ليس الان ولكن بعد ان تسيطر قوات البيشمركة على كل الحقول النفطية في نينوى ومناطق تمركز الاقليات الازيدية والشبكية والمسيحية والحاقها باقليم كردستان ، وبعد ان تسيطر القوات الحكومية على تلعفر وعندها ستظهر القوة العسكرية التي يبشر بها محافظ نينوى ولكنها في غالب الظن ستكون قوة لتصفية الحساب مع الخصوم وخاصة القوى العشائرية التي ناهضت اثيل ، اما المحافظة فسيعقد اثيل اتفاقا مع الاقليم ليكون للمحافظة وللمحافظ جزءا من ايرادات النفط فاما حصة المحافظة فلتبرير التنازل باعتباره مكسبا لها واما المحافظ فلكي يعزز بحصته دوره السياسي امام القوى المنافسة الاخرى .

والمهم ما هو موقف القوى الشعبية من هذه السياسة الملتوية ؟

مجلس المحافظة بعمومه مدرك لذلك وهناك تفاهم عربي تركماني على اقالة المحافظ  والعقبة الوحيدة تتمثل في موقف الحزب الإسلامي الذي يعارض تغيير المحافظ ويدعو المجلس للتفاهم معه عسى الوصول الى خطة عمل مشتركة ، ونجد لذلك ضغط يمارس اليوم من قبل المجلس على عناصر الحزب في مجلس المحافظة لتغيير موقفهم ووصل الامر وفي مسلسل الضغوط والاغراءات الى ان يعرضون  منصب المحافظ عليهم وقد رفض الحزب هذا العرض بشكل قاطع عبر تصريح نشره نائب المحافظ المنتمي اليه ، وأعقبها بظهور إعلامي مترافق مع اثيل .

ولكن يبدو ان مجلس المحافظة استطاع  كسب تأييد الاعضاء المنتمين الى الاتحاد الوطني وربما سيمضي في الاقالة وهذه ستضعف موقف الحزب الإسلامي امام مجلس المحافظة  الى حد بعيد.

كيف تنظر بغداد لما يجري في الموصل ؟ لا يبدو ان القائد العام للقوات المسلحة وحلفاءه في الحشد  الشعبي مكترثون للأمر ، ولا يعتقدون بوجود قوى عسكرية مؤيدة للمحافظ ويعتبرون معركة الموصل مؤجلة ولا تكتسب أولوية .

اما الموقف الامريكي فهو استغلال كل الذي يجري لتعزيز نفوذهم وبناء مراكز قوى تابعة لهم ، أما الوقائع على الارض فيريدونها في خدمة سياساتهم بعيدة المدى  … والى الله المشتكى  !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب