15 أبريل، 2024 10:36 م
Search
Close this search box.

أوهام المدينة الفاضـــــلة

Facebook
Twitter
LinkedIn

مدخل
عندما يتذمر مهندس ناشئ من مشكلة أمام آخر متمرس فسيكون أول جواب له (نحن هنا لحل المشكلة)، انه كلام الخبرة الذي يحتوي تفاصيل كثيرة منها دراسة المشكلة ثم استحضار المعلومات عن الحالة ثم إنتاج حلول متوقعة وإسقاط معظمها لنقف أمام احتمالين أو ثلاثة وسنجد بين الحلول المحتملة ما هو انسب لواقع الحال ذاك الذي يحقق التوازن بين العمالة والمال والزمن مع معيار الجودة المتوقع من استخدام البديل.
سبب من أسباب الواقعية
في تصورنا للحياة لابد أن نمر بهذه المعاملات للتفاعل مع الواقع، وليس إبداء حلول هي الأنسب والأفضل والأقل وقت والأقل زمن والأرقى نوعا، فتلك غاية لا تدرك عندما تتعامل مع الإنسان وليس المادة، لان الإنسان متعدد ومختلف المشارب والتفكير ويحتاج نوعان من الإدارة؛ الإدارة الذاتية وإدارة قوانين المجتمع عرفا أم سلطة.
الواقع والمثالية:
عندما تتعامل مع الأمور من خلال الحاجات والغرائز وبلا معطيات فالإنسان سيتوجه نحو الأفضل بالأمنيات المرتفعة السقف؛ لكن هذا لا يتحقق بدون معطيات وتوفر آليات ومراحل مدروسة.
فعندما يتحدث البعض عن “استئناف” حكم الراشدين فهو يتحدث عن أمنيات بلا معطيات وكلمة استئناف وحدها تدل على انه خارج الواقع لأنه أسقط تاريخ وأحداث وجهل وتجهيل مدتها تزيد عن 1400 سنة، فما يريده قالب لا يناسب المجتمع، كذلك الحال عند ن يستورد الأفكار من الشرق والغرب كلها تبحث عن مثاليات الأفكار ولكن لا واقع مناسب لتجربتها والحكم على صلاحها من عدمه، وهنا أغض الطرف عن اهم ما في المعادلة وهم الجماهير والأمم ورأيهم.
قد تكون أمنياتي عظيمة وقد يكون ما عندي هو الحل، ولكن هذا لن يعطي بديلا عن وضع موجود بسلبيات عليه وإيجابيات له وانا جالس في عالمي الافتراضي.
تصورنا حالة مدينة فاضلة كفرضية بما يجب أن يكون هو مصطدم بواقع له مواصفات وكينونة بغض النظر أن كانت فوضوية أم مستقرة، لكن كيف نحمل الحالة الفوضوية أو أي صفة لهذا الواقع إلى ما نريد، الدعوة للحالة المثالية هذه تذكر وصفا نظريا ليس له واقع وتقارن إيجابيات بواقع هو نتاج تفاعل بين نظام حياتي أو مجتمعي قائم أو سياسي وبين الجمهور وله إفرازات وإرهاصات استدعت التفكير ببديل، فكان البديل حالة مثالية.
حالات التخفي وراء المثالية:
المشكلة ليست بالطرح كغايات ولكن بالطرح كأمنيات، وهنالك فرق بين الأمنيات والغايات، فالأمنيات تبني على ما هو مطلوب، والغايات تبني على الممكن وجهوزية آلية الوصول إلى الغاية عبر سلسلة أهداف تمثل مراحل منطقية كل منها يتحدث عن حزمة من الحلول والآليات لهدف ومن ثم الانطلاق نحو هدف آخر.
هذه الحالة تمثل أساسا النهايات والخيال، تفترض حالة غير موجودة وتنتقد الواقع وترفض أن تتفاهم بما تسميه مساومة على القيم والثوابت، وتنصب نفسها قضاة على أناس يعملون ويخطئون لتنزل بهم اشد العقوبات وأسوأ الصفاة ثم تخرج بطلة للجماهير وهي لم تفعل شيئا أكثر من إيهام الذات بالأمنيات، ولو أنها أخطأت ذات الأخطاء لأبدعت بذات الأمر وقد وضع نفسه محل توماس مور ليكتب يوتوبيا مترامية الأطراف والأحوال.
لماذا اللجوء إلى هذه المغالطات:
العجز وعدم الرغبة في العمل تجعل رفع السقف للنموذج المستحيل سببا ليكون الجبان شجاعا والخائر مصلبا مرتفعا، الناس التي لا ترى إلا السلبيات في الخصم وإما أن تكون هي أو لا أحد جيد، الناس التي فشلت وتريد العودة بشكل آخر فتخاطب حاجات الناس وغرائزها والمطلق بلا كيف؟ وإنما السؤال ما هو المطلوب فقط؟
والناس من الطبيعي أن تذهب مع غرائزها التي تستثار وحاجاتها التي تلح عليها نتيجة العثرات باي وضع قائم.
الحل:
في واقعنا الحلول دوما لا تأتي إصلاحية لان روح الفريق تكاد تكون مفقودة، فبالتأكيد نحتاج إلى عزيمة التفكير بآليات وتدريب على الإدارة والعمل التعاضدي والتكاملي، والإرادة لذلك، ولكن بغير الإرادة للإصلاح سيبقى الأمر محض صراع بين واقع مريض وإفكار المدينة الفاضلة العقيمة.
إننا بحاجة لمن يبحث ويعلم وإرادة للإصلاح ووضوح للأهداف وإخلاص وأمانة والا فلا شيء مجهول إنما تبقى الأمور باختلاف الغايات ما بين الحالمين وما يذهب إليه العاملون.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب