18 ديسمبر، 2024 8:08 م

أولسنا على الحق؟

أولسنا على الحق؟

“أولسنا على الحق” سؤال وجودي سجله الدهر وهو مشغول بخط سطور تأريخه، على لسان علي ابن الحسين الملقب بعلي الأكبر، وهو يسأل أباه عندما رآه يسترجع ويكثر من قول ” أنا لله وأنا اليه راجعون، والحمد لله رب العالمين” وكررها مرتين أو ثلاثة فقال على الأكبر ” مم حمدت الله واسترجعت؟ ” فأجابه ” يابني خفقت خفقة فهن لي فارس على فرس وهو يقول : القوم يسيرون و المنايا تسير اليهم، فعلمت انها أنفسنا نعيت ألينا، فقال علي الأكبر ” يا أبه ألسنا على الحق؟ ” فقال بلى والذي اليه مرجع العباد، فقال علي الأكبر ” اذا لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا !

هكذا كان يقين رجال الحسين من أهله وبنيه واصحابه،ثبا همبهذه الكيفية الفدائية هو اعجاز بحد ذاته، بعيداً عن ما أحيط بالواقعة من مفارقات وارهاصات القت بظلالها، على الأمة الإسلامية وتاريخها، ومشاهد كثيرة يقف العقل حائراً عن ايجاد تفسير منطقي لها٠

لم يستطيع العلم رغم ما وصل من تطور وحداثة ان يجد تفسير علمي للكثير من الظواهر، رغم اعترافه بوجودها، وتعتبر القضية الحسينية احدى تلك القضايا العصية على التفسير والتأويل، وهذا سر حيوية “شعيرة الحسين”، فمن يؤمن بأحياء تلك الشعائر، فهو يضع نصب عينه تضحيات أصحاب الحسين، و يضعها في ميزان القياس، فيجد كل ما يقوم به ويقدمه لا يساوي شيئا أمام تلك التضحيات، فزوار الحسين بأستنفار دائم أيام محرم، وهم على استعداد للتضحية بكل ما تجود به أيديهم وأنفسهم ، لذلك رجال الحسين لا يركضون عبثاً، ولا يموتون الا وهم خالدين!
تعد محافظة كربلاء محافظة صغيرة نسبياً، الا انها اعتادت على احتضان ملايين الزائرين في كل عام من الموسم الحسيني، بكل أريحية وامان، وكما انه معلوم ان أي تجمع بشري يشهد تزاحم لا يخلو من تلك الحوادث العرضية، اذ كثير ما تشهد مواسم الحج حوادث مشابهة لتلك التي وقعت في ركظة طويريج، بل أسوء منها، وكلنا نتذكر حادثة سقوط الرافعة في الحرم وغيرها الكثير من الحوادث التي تحصل رغم كل الاحتياطات والإجراءات التي تقوم بها الجهات المعنية، فبرغم ما اتخذته الأجهزة الأمنية للمحافظة، اضافة إلى العاملين في العتبتين الحسينية والعباسية، لتنظيم هذه المسيرة الا ان حدوث مثل هكذا حادثة امر وارد، نظراً للإعداد الكبيرة من الزائرين٠

الا ان الأقلام الصفراء تأبى الا ان تفرغ سمومها، لتستريح مما يعتريها من قلق عند رؤيتها تلك الملايين الحسينية، فراحت تكتب بشماتة، مستأنسة بهكذا حوادث، وجدتها أفضل حجة للنيل من الشعائر الحسينية، فهم يشكلون على الطعام الذي يقدمه خدام الحسين في المواكب،بقولهم انها اموال مهدورة واسراف غير مبرر، رغم ان ما يقدم في تلك المواكب ماكل ومشرب يذهب اغلبه للعوائل الفقيرة والمتعففة، انها حرب لا تنام ولن تخمد نيرانها بين معكسر الحق والباطل، تكشف لنا كل مرة عن وجوه كالحة، كانت تستتر بعنوان مختلفة ولكن رغم أنوفهم يستمر المسير الحسيني في كل مرة، وبشكل اكثر تجدد وعنفوان، ليس لشيئ الا انهم ايقنوا انهم على الحق ٠
انها قضية متوهجة باتصال مباشر مع السماء، لا تستطيع قوى الأرض ولو اجتمعت ان تطفئها٠