23 ديسمبر، 2024 5:49 م

أوقفوا مطالباتكم بحقوق للمرأة أو الاحتفال بيوم خاص بها ؛ فهي بشر

أوقفوا مطالباتكم بحقوق للمرأة أو الاحتفال بيوم خاص بها ؛ فهي بشر

تنتابني مشاعر قلقة عميقة  كلّما سقطت أمام نظري دعوة مطالبة بحقوق للمرأة أو الاحتفال “بعيد” لها , أشعر وكأنّ هناك طرف آخر هو نفسه من يضطهد الرجل يضطهد أيضاً المرأة , إحساس لا أريد قراءته مع نفسي كي لا أزيد في إقحام كمد فوق أكمدة من مشاعر الحيرة لديّ بعد أن شببت على مسلّمة أنّ المرأة كالرجل وأنّ الرجل كالمرأة وكلاهما ينافس الأخر وعيب أن يستسلم أيّ طرف منهما للآخر يطالبه حقوقه ! .. القرآن مثلاً وهو كتاب ثوري بجميع المواصفات , لم يشر لا من قريب ولا من بعيد بخطاب مباشر للناس أشعرهم أنّ النصف البشري الآخر من جنسه “قد التوى كاحله” مثلاً وبحاجة لعون ؟!  فإذا ما صدر نصّ قرآني منه يخصّ موضوع اجتماعي يدور حول الرجل بحضور المرأة , نجده بتلقائيّة الولوج إلى الحالة يقدّم كلمة الرجل على المرأة ؛ مؤمنون أو مسلمون أو رجال أو ذكور على كلمة مؤمنات أو مسلمات أو أنثى , أمّا إنّ , في نصّ قرآني يدور موضوعه حول المرأة وبحضور الرجل فنجد القرآن ندها يقدّم المرأة على الرجل ؛ مؤمنات مسلمات نساء إناث , أمّا هذا التراث المتوارث المليء بإهانات للمرآة لما تسمّى “تفاسير” أو غيرها( أنّ المرأة خلقها الله من ضلع الرجل ) أو على أساس أنّ حوّاء هي من أغرت آدم فأخرجته من الجنّة بينما القرآن واضح حين أذنبهما سويّةً فقال : ( فأزلّهما الشيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه ) أي أخرجهما من الجنّة , وإلى ما هنالك من تفاهات حاشا القرآن من ذكرها , ولو لاحظنا أنّ مثل هذه الادّعاءات الّتي تتّخذ صبغة القداسة في أغلب الأحيان تظهر للوجود أو تنتشر في عصور وقف النموّ الفكري والقحط المعرفي والتخلّف والانقطاع الحضاري , وهو ما حصل منذ الاستيلاء الديني على بلاط خلفاء بني أميّة وبني العبّاس حين تمّ إطفاء وهج الاسلام الحقّ ما أن استشهد الراشد عليّ بن أبي طالب , فالرجل أو المرأة لا فضل لأحدهما على الآخر إلاّ “بما فضّل الله” أيّ أنّ العضلات عند الرجل للزوم الاشغال والعمل لكسب لقمة العيش “لوعورة الطبيعة وتفاصيل الحياة آنذاك” لذلك مع تقدّم الميكانيكا اليوم بدأت الفوارق بين الاثنين تتقلّص وتتضائلّ , فإن توقّفت وظيفة المرآة الّتي لأجلها كان كيانها بهذا الشكل “شكل وظيفي” إن انتفت فستتحوّل , لا إلى رجل , بل إلى قوّة أخرى “هو الرجل” فيما بعد كان قد وصل إلى أطلق عليه صفة رجل! أي مرحلة “الرجل” ليست خاصّة بالذكر وحده بل بالأنثى أيضاً إذا ما تخلّت عن ضيفتها البايلوجيّة , فطالما العقل متساو عند الاثنين الذكر والأنثى فالتحوّل لكليهما قابل بنفس المستوى , والمجالات العلميّة الّتي طرقتها “المرأة” أثبتت أنّها لا تقلّ قيد أنملة عن المدرك عند “الرجل” , لذا فالأولى بنا أن نحتفل بعيد الرجل والمرأة سويّةً فهما معاً القاسم المشترك للوعي الكوني , وما وجودهما المشترك إلاّ حالة ليست أكثر من صراع مثمر بينهما تنافسي ودائم , فلِم نقرّ بمظلوميّة طرف منهما ندّعي “لتقديم المساعدة إليه” أي “المرأة” بينما “النزال” المثمر بينهما لا زال مستمرّاً لم ينته ولن ينتهي إلاّ بالنهاية الحتميّة “للمرحلة الخلقيّة الأولى للبشريّة ” !؟ ..

أمّا التنبيه المباشر الّذي تبنّاه القرآن فكان فقط موجّهاً للحيوانات والحشرات فقال بلغة انسيابيّة تنبّه الجميع ( وما من دابّة ولا طائر يطير بجناحيه إلاّ أمم أمثالكم ) أمثالكم , يعني مثلكم , يعني لا توجد فروقات بين جميع المخلوقات أمام قانون الله , يعني بالضدّ من ادّعاءات “المهايعون” ذوو العقول الغيبيّة ادّعوا: “أنّ جميع المخلوقات عدا البشر سوف لن يُبعثوا يوم القيامة فقط لأخذ الثأر من بعضهم البعض” فيتحوّلوا تراباً وإلى الأبد بعدها ! , يا سلام ! ما هذه الأنانيّة ؟! , يعني لا تحتاج تفاسير ! .. لذا فالتنبيه هنا استوجب المباشرة في توجيهه وذلك للهوّة الكبيرة في الشكل وفي الوظائف بين البشر وبين غالبيّة الحيوانات والحشرات الأخرى ممّا استوجب قوّة في التنبيه أي التنبيه المباشر فقال سبحانه : ( إنّما أمم أمثالكم ) ! أيّ أنتم متساوون جميعاً فقط الوظائف , أي طبيعة العمل , هي من تركت هذه الفروقات في الأشكال أو في السلوكيّات , فبما أنّك ممكن تجد “رجلاً” قزماً فكذلك تجد أقزم منه من مخلوق آخر , فلو أنّ قوّة ما حرّرت الاثنين من “وظيفتيهما” سيعودان لأوّليّات صيرورة واحدة قبل تشكّل الخريطة الجينيّة “للتوزيع الوظيفي”.. فلا غرابة إذا ما سمعنا أنّ غنيّة أو غنيّاً ترك أيّ منهما ثروته لكلب أو لقطّة الخ بعد وفاتهما .. ألله أعلم إلى أيّ مدى وصلا ذلكما الغنيّان من مشاعر أو أحاسيس حسّا بها وشعرا بها في داخل كلّ منهما تجاه مثل هذه المخلوقات الّتي احتضنتهما عائلتيهما كأحد أفرادها ليقدما على هذه الخطوة الّتي فعلاً لم يفرّقا بها بين مخلوق وآخر ؟ ..