22 ديسمبر، 2024 1:42 م

من ينظر لإيران اليوم وبعد مرور 42 عاما على تأسيس النظام الحالي فيها، يجد نفسه أمام أمور وقضايا متباينة، خصوصا ما يتعلق بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب الايراني والتي قد وصلت الى أدنى المستويات ولم يعد بإمكان النظام الايراني أن يخفي او يقوم بترقيع المظاهر السلبية المختلفة التي بدأت تطفو على السطح وصار بإمكان أي زائر عادي لإيران أن يشعر بذلك ويراه بالعين المجردة.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي كان يعد ويمني الشعب الايراني بأوضاع اقتصادية ومعيشية أفضل بكثير من تلك التي كان يحظى بها في العهد الملكي، صار الشعب الايراني اليوم يتندر ويسخر من تلك الوعود ولم يعد يجد هذا النظام بأفضل من سلفه، وليس ذلك بغريب وعجيب على هذا الشعب الذي بات يعيش أغلبية منه بإعتراف مسٶولين إيرانيين تحت خط الفقر بل والانكى من ذلك أن هناك من الذين لا يجدون كفافهم اليومي بحسب إعتراف رسمي آخر، وصار الفقر ظاهرة ملموسة تفرض نفسها كأمرا واقعا على المشهد اليومي للحياة في معظم أرجاء إيران، وفي الوقت الذي يهيمن فيه إنكماش إقتصادي غير عادي جميع الاسواق الايرانية، فإنه قد بلغ عدد العاطلين عن العمل رقما قياسيا وكل ذلك يتزامن مع إحتجاجات شعبية متصاعدة والعقوبات الدولية التي لم يعد بالامكان إخفاء تأثيراتها القوية على مختلف الاصعدة.
الفوارق الطبقية تزداد بصورة استثنائية عاما بعد عام، خصوصا بعد أن بدأت التنمية الاقتصاد الوطني تسجل أرقاما سلبية كل سنة وان العملة الرسمية فقدت قيمتها مٶخرا بصورة أربکت الاوضاع الاقتصادية وان نسبة التضخم قد بلغت مستويات غير مسبوقة، وهذه الامور لوحدها تعتبر بالنسبة لأي خبير إقتصادي مروعة، لكن الجانب الآخر من الصورة، او بالاحرى الاوضاع الاجتماعية في إيران، فإن الاوضاع الاقتصادية الوخيمة هذه قد أثرت عليها بصورة كبيرة جدا الى الحد الذي لم يعد بوسع السلطات الايرانية أن تلتزم الصمت او تتجاهل تلك الآثار.
التمزق الاسري وإرتفاع نسبة الطلاق بوتائر غير مسبوقة وتزايد نسبة أطفال الشوارع وتزايد نسبة الشابات العانسات والشباب العزب وتراجع معدلات الزواج طبقا لذلك، يقابله أيضا إرتفاع غير عادي في معدلات الجريمة والمظاهر السلبية الاخرى، وطبقا للإحصائيات الحكومية في إيران، فإن عدد مدمني المخدرات في إيران في إزدياد مستمر بسبب اليأس من الاوضاع الى جانب إن فشل النظام في تحقيق في تقدم في مجال علاقاته الخارجية وبقاء العزلة الدولية الخانقة على ماهي عليها، يمكن تشبيهه بلطمة قوية وليست مجرد صفعة توجه للإقتصاد الايراني المنهك والمترنح أساسا، وان الاوضاع الاقتصادية في إيران قد وصلت اليوم الى درجة يمكن فيها القول ميٶوس منها.