11 أبريل، 2024 4:52 م
Search
Close this search box.

أوركسترا روسية صاخبة فوق مسرح تدمر

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ اندلاع الثورة الشعبية العارمة ضد نظام طاغية الشام واركان حكمه وحزبه تخندقت روسيا الشيوعية بالضد من ارادة الشعب السوري وعملت طوال السنين المنصرمة بتثبيت دعائم حكمه لغاية ربما بدأت تتكشف اوراقها الان , وفي نهج يختلف تماما عما هو معروف عن تلك الدولة وسلفها المقبور الاتحاد السوفيتي في عدم اكتراثهم لمصير حلفائهم عندما تدنو ساعة  زوالهم خصوصا
اذا علموا ان سقوطهم لا يخسرهم الكثير وان بقائهم لم يعد  يحقق لهم المنفعة المرجوة .
واكثر من اكتوى بنار غدرهم هم المسلمون والعرب وقادتهم  ومواقفهم من الحروب التي اندلعت مع الكيان الصهيوني وتنصلهم من مواثيقهم وعهودهم  في اللحظة الاخيرة معروفة للقاصي والداني .
فكثيرا ماعولت قيادات وانظمة واحزاب على دعمهم ثم يستفيقوا وقد باعوهم غير مأسوفا عليهم  بابخس الاثمان لقاء وعد او صفقة حقيرة مع امريكا وبعض
حلفائها.
لم يسجل ان توافق الروس مع الغرب في وجهة نظر متحدة سوى دعمهم للكيان الصهيوني اما غالبية النزاعات القائمة فعهدنا بهم ان يكون لهم مواقف
ظاهرها المخالفة اما  باطنها  فمستتر وراء الكواليس وتحكمها المصالح والصفقات .
ومتى ما حصل تباين في وجهات النظر وتضاربت  المصالح زمجر الدب الابيض غاضبا فتسارع العالم الغربي لالقامه وجبة ليسد بها نهمه.
وكما هو معلوم فان معاهدة سايكس بيكو المشؤومة التي مزقت العالم العربي اشرفت على انتهاء صلاحيتها وما تلك الفوضى الخلاقة والهيجان والحروب المستعرة التي تجتاح المنطقة والمجاميع الارهابية التي انتشرت في كل ارجاء الوطن العربي وسقوط دول واختلال عروش الا مقدمة لتوقيع حفل اختتامها والبدء بوضع اتفاقية جديدة يتقاسم فيها اصحاب النفوذ مصالحهم
ولكن كل ذلك التحضير والتدبير كان بتخطيط وتنفيذ امريكي صهيوني بامتياز وتم  بمعزل عن الدب الروسي لكنه عند اللحظات الاخيرة تنبه لذلك وهرول مذهولا ومسرعا دون موافقة اممية او تشاور وحط في ارض الشام ليقلب الطاولة على رؤوس الغرب وليأخذ دوره بين الكبار . فظاهر التحرك الروسي هو محاربة داعش والارهاب وتثبيت اركان النظام لكن مابين السطور هو قطع الطريق على امريكا والغرب وعدم السماح لهم برس الخارطة الجديدة من دونه.
وتنبهت للعبة الكبيرة التي خرجت عن الكتمان  والسيطرة كل من الصين وكوريا الشمالية  وفرنسا وبريطانيا بل حتى اليابان وقبلها ايران وستتبعها دولا اخرى فكل دولة شرعت بتجيش اساطيلها والتحرك صوب الشام وكأنها حرب كونية تنتظر ساعة الصفر. أما الحركات البهلوانية والتي يتعمد الروس فيها  من اطلاق للصواريخ بعيدة المدى  وطلعات الطيران المكثفة والقصف العشوائي الذي  يستهدف الشعب السوري وتجمعات واهداف للمعارضة دون ( داعش ربيبة امريكا وحبيبة ايران ) والخرق المتعمد للاجواء التركية ماهو الا استعراض وابراز للعضلات  وهو امر مفضوح لايحتاج الى فك طلاسمه.
فلا يتوهم ابدا طاغية الشام ان الروس وغيرهم قدموا للشام محبة  في زرقة عينيه اودفاعا مستميتا عن حزبه فيغط في الاحلام الوردية فما هو الا ورقة ستحترق قريبا جدا مع اندلاع اول خلاف وتقاطع للمصالح .
فلن تتطاحن القوى العالمية ابدا لاجله لكن  شاءت الاقدار ان تكون ارض الشام   مسرحا للصراع وتصفية الحسابات ولتختبرعليها كافة انواع الاسلحة الفتاكة من صواريخ ومضادات وسلاح الجو, وماهو المانع ان كانت الضحايا هي شعوب المنطقة!!  .
ومن الخطأ الاستراتيجي القاتل ان تتعجل بعض القيادات العربية في التخندق والاصطفاف مع اطراف الصراع شرقية او غربية حيث ان الحرب التي ستدور رحاها هناك هي ليست حربنا رغما انها ستقع في عقر دارنا وان كان لابد من اتخاذ موقف فيتوجب تشكيل حلف مستقل اوالاستفادة من نواة الحلف العربي المشكل بقيادة السعودية  .
آفة الافراد والقادة والامم انهم لايتعضوا بغيرهم ولايحسنوا قراءة التاريخ والنكبات .
فلو قلبوا اوراق التأريخ او استشاروا حكمائهم لما اقدموا ابدا وتورطوا في تحريك اساطيلهم ولمروا مسرعين غير ماكثين في تلك الديار فلقد تورط من قبلهم  هولاكو والتتار والفرس  في غزوات  وحروب طاحنة اخرجتهم من الباب الخلفي والى مزبلة التاريخ.
وما انكسار وانهيار سلفهم سئ الصيت الاتحاد السوفيتي على ايدي المجاهدين في افغانستان منهم ببعيد .وما تجرعته امريكا في العراق وتحطيم عظمتها الزائفة  والذي كان لها درسا جعلتها تفكر الف مرة باقحام نفسها في اي حرب جديدة وانسلت واوكلت بمكر الكثير من ملفاتها لتدار من قبل مليشيات وتجمعات ارهابية ومرتزقة.
واخيرا يحاول الروس اليوم ان يقفزوا على الحقائق ويسوقوا تهورهم وحربهم اليوم على انها حرب دينية فسارع قساوسة الاورثودكس بمباركة وتعميد  الجنود الروس المتوجهين الى ارض
الشام ووصفوا حربهم المرتقبة بالمقدسة!!.
فمتى كانت روسيا الشيوعية تعير اهتماما للمسيحية بكل مذاهبها؟؟  لكنها طريقة ساذجة لايهام الشعوب المسيحية والغربية منها على وجه الخصوص ودغدغة مشاعرهم وكسب تعاطفهم و للضغط لاحقا  على حكوماتهم  . سيستمع العالم مجبرا للاوركسترا الروسية الصاخبة ومن فوق مسرح  تدمر المحطمة ارضيته وبعدة تنقلات غير متناغمة  اعلاها نبرة هي الحصول علىنفوذ  وحصة مرضية من الكعكة التي تعد في المطبخ الدولي مع  التعهد بالحفاظ على استقرار الكيان الصهيوني وابعاده عن كل المخاطر وتتخللها
اهداف جانبية بالقضاء على جميع معارضي النظام ثم تضييق الخناق على حكومة اردوغان واضعاف دوره وتحجيمه وليس بعيدا عن اهدافهم الملف الخليجي ومحاولة خلط الاوراق وفتح جبهة جديدة للصراع  وتخفيف الضغط عن ايران وخسائرها المتلاحقة في اليمن . فالمنطقة  اليوم  اشبه بمائدة طعام تجمع عليها اللئام واسفل منهم بركان
يتطاير شررا وفي اي لحظة قد يثور حمما ويبتلع الجميع.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب