23 ديسمبر، 2024 6:51 ص

أوربا تجمد ذيل ذئبها الغبي

أوربا تجمد ذيل ذئبها الغبي

أبرز حدث في المنتدى الاقتصادي الشرقي EEF) ) الذي شهد عقد 71 جلسة ، بمشاركة أكثر من 530 متحدث وتم التوقيع على أكثر من 260 اتفاقية ، بإجمالي يزيد عن 3.2 تريليون روبل (حوالي 53 مليار دولار) ، كانت مشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الجلسة العامة للمنتدى بحضور أكثر من 4000 مشارك من أكثر من 60 دولة ، والتي واستمرت ثلاث ساعات ونصف الساعة ، كشف بوتين أرقاما ، أثبطت عزائم الغرب على العمل بكل السبل لتدمير آلة روسيا الاقتصادية .
الأرقام الاقتصادية المهمة التي أوردها الرئيس الروسي في كلمته ، عززت مقولته في المنتدى ، “بأن روسيا قادرة على تزويد نفسها بشكل كامل بالموارد الطبيعية ” ، والإشارة إلى أن روسيا تعد عمليا الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك جميع الموارد الطبيعية اللازمة، وبالفعل فان الأراضي الروسية الشاسعة والتي تحجز ثلث مساحة الكرة الأرضية ، فيها وبحسب بيانات موقع “ستاتيستا” ، احتياطات نفطية مؤكدة تبلغ 107.8 مليار برميل ، ووفقا لبيانات شركة “بي بي” BP) ) تحتل روسيا المرتبة الأولى بين دول العالم من حيث الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي، والتي بلغت بنهاية العام 2020 نحو 1320.5 تريليون قدم مكعب ، تليها ايران في المرتبة الثانية باحتياطيات من الوقود الأزرق تبلغ 1133.6 تريليون قدم مكعبة.
كما واحتلت روسيا في العام 2020 المرتبة السادسة في العالم باحتياطيات النفط، وبحسب بيانات موقع والخامسة في العالم باحتياطي المعدن النفيس ( الذهب ) ، إذ يمتلك البنك المركزي الروسي 2299 طنا ، كما وتحتل روسيا المرتبة الثالثة في العالم بعد الصين وأستراليا بإنتاج المعدن الأصفر، إذ بلغ إنتاجها العام الماضي 281.5 طن ، وجاءت روسيا في المرتبة الرابعة في العالم بالعام 2021، باحتياطيات المعادن النادرة ، إذ تمتلك قرابة 12 مليون طن، وتشكل حصة روسيا نحو 10.4% من الاحتياطي العالمي ، ومن الاستخدامات الهامة للعناصر الأرضية النادرة: إنتاج السبائك المعدنية الخاصة، والزجاج، والإلكترونيات عالية الأداء.
روسيا التي تعودت على العقوبات الغربية ، ساعدتها هذه العقوبات في تلقي جرعة ( السم القاتلة ) لاقتصادها ، والتكييف معها والتقليل من مخاطرها الى مستوى كبير ، فالتضخم في روسيا آخذ في الانخفاض ووفقا لنتائج العام سيكون عند 12%، ونهاية الربع الأول – وبداية الربع الثاني من 2023 سيكون عند 5% – 6% ، والبطالة في روسيا اليوم دون مستوى 4% ، والوضع المالي مستقر في روسيا ، واستقر الروبل عند مستوى ( 60 ) روبل للدولار الواحد ، ويتوقع أن تحقق الميزانية الروسية هذا العام فائضا بواقع نصف تريليون روبل ، وزادت الاحتياطيات الدولية لروسيا ووصلت إلى 580.6 مليار دولار ، و أمكانية أن يحقق الاقتصاد الروسي هذا العام نتيجة أفضل من التوقعات، إذ سيتراجع بنسبة 2% – 2.5% بعد أن كان من المتوقع أن يكون التراجع أكبر من هذا المستوى ، وان الوضع الاقتصادي في روسيا استقر ، لكن المصاعب وفقا للرئيس بوتين لا تزال قائمة وخصوصا المتعلقة بالإمدادات من الخارج .
وعن التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم والفرض الاستثمارية في منطقة الشرق الأقصى الروسي ، ، فقد تم استبدال جائحة كورونا بتحديات أخرى تهدد العالم كله ، ويرى الرئيس الروسي ان حمى العقوبات الغربية التي كانت من المفترض ان تكون عامل تهديد لروسيا ، أصبحت اليوم تشكل تهديدا للعالم كله ، وبذلك قوضت الولايات المتحدة أسس النظام الاقتصادي العالمي ، لكن الاقتصادات الآسيوية أصبحت تنمو بوتيرة أسرع من الاقتصادات الغربية ، ولذلك فانه سيتم استخدام الروبل الروسي واليوان الصيني في مدفوعات الغاز مع الصين بنسب متساوية ، فاليوم حتى حلفاء الولايات المتحدة بدأوا يقللون من حيازتهم من الدولارات .
وفي موضوع الغاز الذي اخذ الحيز الأكبر من اسئلة الحضور ، واهتمامهم بالتعرف على رد القيادة الروسية وردود فعلها بشأن محاولات تحديد رسوم الصادرات النفطية والغازية الروسية ، فما كان من الرئيس الروسي الذي تحدث طويلا حول هذا الموضوع ، الا أن يقتبس عبارة من احدة القصص الروسية الكلاسيكية والتي تقول عبارة “تجمد ، تجمد ، ذيل الذئب” إلى الحكاية الخيالية “الثعلب والذئب” ، والفكرة الأساسية هي أنه بتحريض من الثعلب الصغير ، استخدم الذئب الكبير الغبي ذيله للصيد تحت الجليد ، مما تسبب في تجمده وانفجاره نتيجة لذلك ، والمقصود هنا أنه ليس غازبروم وليس هو ، فلاديمير بوتين ، المسؤول عن هذا الوضع برمته ، ولكن فقط العملاء الأوروبيون أنفسهم (على سبيل المثال ، يستخدمون القانون البريطاني عند حل النزاعات ، لكنهم لا يقدمون المستندات حتى بالإمكان تثبيت التوربين بشكل صحيح) ، لافتا إلى وجود “فرعين من خطوط أنابيب نقل الغاز تمر بأوكرانيا، بادرت أوكرانيا وأغلقت أحد الخطين بحجة مختلقة، للسيطرة عليه” . .
وأيضا هناك خط أنابيب يامال، والاشارة إلى أن “الخط الثاني في منظومة أنابيب يامال – أوروبا عبر بولندا ” فرضت سلطات البلاد عقوبات على خط أنابيب الغاز هذا وأغلقته” ، أما نورد ستريم، فلفت الرئيس الروسي إلى أن “الشركاء الألمان قاموا بإخضاع كامل جانب الصيانة التقنية لمجمل القانون البريطاني، واتفقوا على إصلاح الأنابيب في كندا (ونحن ما ذنبنا في هذا الأمر)” ، مخاطبا المستشار الألماني يمكن التقاط ما تريد من صور على خلفية التوربين، لكن “أعط المستندات في نهاية المطاف”، لذلك ، مع تأكيد الرئيس بوتين ، والحالة هذه لا بد من التشديد على استحالة عزل روسيا من قبل أي طرف ، والتشديد على إن روسيا لن تلتزم بعقود تصدير النفط والغاز في حال تحديد سقف للأسعار. ، وأعتبر بوتين القرار ليس له آفاق، وأن هذه الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود الأزرق في الأسواق ، ويرى إن الأوربيين بعد ارتفاع أسعار الغاز يفكرون في كيفية معالجة المسألة، إلا أن الحد من السعر بواسطة قرارات إدارية ليس إلا ” هراء ” آخر سيؤدي إلى مزيد من النمو في الأسعار في الأسواق العالمية.
وتشدد من وجهة النظر الروسية على أنه لا يمكن حل المسائل في مجال الاقتصاد والتجارة العالمية بالوسائل الإدارية ومحاولات الحد من سعر الغاز والتي لن تؤدي إلا إلى زيادة جديدة في تكلفته ، لأن الوضع مع الغاز في الأسواق الأوروبية هو نتيجة عمل خبرائها ومسؤوليها، بالإضافة الى أن المفوضية الأوروبية من جانبها عارضت مسألة إبرام عقود طويلة الأجل ، لذلك فإن روسيا تصر دائما على أن الأسعار يتم تشكيلها على أساس عقود طويلة الأجل، كما أنه يجب ربطها بأسعار النفط والمنتجات النفطية ، لذلك فان القرار من وجهة نظره ” قرار غبي ” ! إذا حاول شخص ما تنفيذه ، فلن يؤدي إلى شيء جيد لمن يتخذ هذه القرارات! بالإضافة إلى ذلك ، هناك التزامات تعاقدية ، وهناك عقود توريد! وماذا سيتم اتخاذ بعض القرارات السياسية التي تتعارض مع العقود؟ ، إذن وبحسب تأكيد بوتين فإن روسيا ستفي بالتزاماتها التعاقدية بالكامل ، ولكن دون ان يفرض عليها أحد شيئًا … ومن يريد ان يفرض عليها ، هو ليس في وضع اليوم يملي عليها إرادته! وبعكسه وكما عبر عنه الرئيس الروسي بالقول ” دعهم يرتدون ملابس ” .
وعن أوجه الربح الذي كسبته أو الخسارة التي تكبدتها العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا ، فقد أجمع المشاركون على معرفة ذلك من الرئيس الروسي نفسه ، الذي القى من وجهة نظرهم خطابًا جيوسياسيًا حول التغييرات واسعة النطاق في العالم ، فكانت الإجابة بأنها لم تخسر أي شيء ولن تخسر أي شيء آخر ، لأن ( روسيا ) كانت متوقعة تمامًا ، لكن اتضح أن التكملة كانت مثيرة للفضول حقًا ، لذلك ووفقا للرئيس بوتين فأن روسيا لم تبدأ الأعمال العدائية في أوكرانيا ، لكنها تحاول إنهاءها ، فهي تتجه إلى هناك منذ عام 2014 ، أي بعد انقلاب في أوكرانيا من قبل أولئك الذين لا يريدون تنمية سلمية طبيعية ويسعون إلى قمع شعوبهم ، والتشديد في الوقت نفسه جوابا على سؤال مهم في العالم ، وهو الأهم في كلمة الرئيس الروسي في المنتدى ، هو التشديد على أن خطط موسكو لا تشمل احتلال أراضي أوكرانيا ، وانما الهدف هو نزع النازية ونزع السلاح من البلاد ، كما تم طرح عدد من الشروط السياسية على سلطات كييف ،مثل التوحيد التشريعي للوضع غير الكتلة لأوكرانيا مع فرض حظر كامل على نشر قواعد الناتو العسكرية وأنظمة الأسلحة الهجومية على أراضيها ، ومحاكمة المجرمين النازيين الذين ارتكبوا جرائم ضد مواطني أوكرانيا ودونباس في السنوات الأخيرة ، والاعتراف بشبه جزيرة القرم على أنها روسية ، وجمهورية دونباس و لوغانسك دولتان مستقلتان.
وبشأن الدعوات الاوربية والأمريكية ” بضرورة هزيمة روسيا ” ، اعتبر بوتين دعوات رئيس الدبلوماسية الأوروبية لهزيمة روسيا في ساحة المعركة بأنه ” موقف دبلوماسي غريب ” ، وإذا كان (جوزيب بوريل) وزيرًا للدفاع في دولة ما ، فيمكن للمرء أن يفهم هذا الخطاب ، وبالنسبة لكبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي ، فإن هذا يبدو غريبًا جدًا ، ويبدو انه “يطحن بلسانه ، إنه متخصص كبير في هذا المجال” وأشار رئيس روسيا أيضًا إلى أنه يجب على بوريل مواجهة الواقع واستخلاص النتائج الصحيحة ، وقال بوتين: “يجب أن نمنحه الفرصة للنظر إلى الواقع في عينيه … إذا كان لديه حتى ذرة من الضمير ، فعليه أن يتوصل إلى الاستنتاجات الصحيحة”.
وموضوع آخر لا يقل أهمية لروسيا عن سابقاتها ، الا وهو الوضع مع تصدير الحبوب من أوكرانيا ووصف ما جرى ويجري الان من وجهة الرئيس بوتين بأنه ” خداع وقح آخر ” ، فقدت وعدت القيادة الروسية ببذل قصارى جهدها لضمان مصالح البلدان النامية من حيث الإمدادات الغذائية لأسواقها ، بما في ذلك الحبوب الأوكرانية ، وأن “ما نراه هو خداع فاضح آخر” ، ولا يتعلق الأمر بروسيا ، هو خداع من المجتمع الدولي ، وخداع للشركاء في إفريقيا ، في بلدان أخرى في حاجة ماسة إلى الغذاء ، إنه مجرد خداع ، وموقف فظ ومتعجرف تجاه هؤلاء الشركاء .
كما كشف إن الوثائق الخاصة بتصدير الحبوب من أوكرانيا ، أنها لا تحتوي على بيانات عن حجم الشحنات إلى الدول النامية ، لكن الاتفاقيات أبرمت بحجة التسليم هناك من أجل تجنب المجاعة في أفقر البلدان ، فقط 3% فقط من كميات القمح التي خرجت من أوكرانيا ذهبت إلى الدول الفقيرة والباقي إلى الدول الغربية ، وأكد بوتين بهذا الخصوص ، إن العالم قد يواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب حقيقة أن الغرب يصدر معظم الحبوب الأوكرانية إلى دوله ، وليس إلى الدول المحتاجة في إفريقيا ، وبحسبه ، قد يكون من المفيد مناقشة القيود على هذا الطريق مع الرئيس التركي ، وأن روسيا ستصر على أن تصدير الحبوب من أوكرانيا والغذاء الروسي يهدف إلى تحسين الوضع في الأسواق العالمية وخفض الأسعار.
والمحور الأخير هو ذلك الذي يتعلق برجال الاعمال الروس في الخارج ، والتأكيد على انهم لم يكونوا ليخسروا حساباتهم ويخوتهم إذا استجابوا للتحذيرات وأبقوها داخل البلاد وليس في الخارج ، وكان من الأفضل لو تم الاحتفاظ بهذه القوارب هنا ، ولن يتم استثمار الأموال في الأصول الأجنبية ، ولكن في تطوير البنية التحتية الروسية ، ووفقا لتعبير الرئيس بوتين ” لن يضيع شيء ، كل شيء سيكون هنا ، في الوطن الأم ، وكانوا سيحصلون على أرباح من الأموال المستثمرة ” ، مشير في الوقت نفسه الى إن تصريحاته الانتقادية حول الأعمال كانت موجهة إلى أفراد المجتمع ، وبرأيه يظهر مجتمع الأعمال الروسي ككل اليوم إلى أعلى درجة مسؤوليته تجاه الدولة ، تجاه الوطن الأم ، وتجاه مواطني روسيا.
الصورة الشفافة والايجابية التي وضعها الرئيس الروسي أمام المشاركين في المنتدى الاقتصادي ، لم تمنعه من تشخيص السلبيات والمعوقات التي تتعرض نجاح العملية الاقتصادية في البلاد ، وفي تعليقه على الوضع مع تسجيل الأعمال التجارية وانسحاب الشركات المحلية ، لم يخف الرئيس الروسي من أن البلاد لا تزال تواجه مشاكل في ضمان حماية حقوق الملكية التجارية ، و لحل هذه المشاكل من الضروري تهيئة الظروف ، وفوق كل شيء ، يرتبط ، بالطبع ، “بالموثوقية وبالحق في حماية الملكية” .