23 ديسمبر، 2024 2:26 ص

أوجه التشابه بين الجعفري والحكيم

أوجه التشابه بين الجعفري والحكيم

أكثر من وجه من أوجه التشابه بين كل من إبراهيم الجعفري وعمار الحكيم، وتجربة كل منهما مع حزبَيهما المُنفصِلَين عنه وحزبَيهما المُؤمسِّسَين له.

الجعفري يوم كان في حزب الدعوة كان يعتقد بقناعة عميقة، بأنه هو الدعوة، وإن الدعوة هي هو. وهكذا كان عمار كان لسان حاله أنا المجلس والمجلس أنا.

أمام الجعفري كان هناك أعضاء قياديون يحولون دون تحقيق تطلعاته، ولذا قرر الانفصال عن حزب الدعوة وتأسيس كيان سياسي خاص به. وهكذا عمار حال قياديو المجلس دون تحقيق طموحاته وتفرده بقيادة وقرارات المجلس، كما كان عمه المؤسس، فما كان منه إلا أن ينفصل عن المجلس ليؤسس حزبه الخاص.

الفرق إن الجعفري اضطر لمغادرة حزب الدعوة، بعدما خطط المالكي ومؤيدوه في الحزب، أو إذا لم يكونوا مؤيديه فهم مشاركون له في التحفظ على طموح الجعفري آنذاك ليكون الأمين العام للحزب، بينما عمار اختار بنفسه الخروج، وربما بتشجيع وإلحاح من المصفقين له من شريحة الشباب المتطلعين إلى دور قيادي، وإنهاء دور القيادات المخضرمة.

اسم كل من الكيانين السياسيين اللذين أسسهما كل من الجعفري وعمار متطابقان في المفردة الأولى «تيار» والثالثة «الوطني»، مع اختلاف المفردة التي تتوسطهما، فهناك «الإصلاح» وهنا «الحكمة»، فكان اسم حزب الجعفري «تيار الإصلاح الوطني»، واسم حزب الحكيم «تيار الحكمة الوطني».

الأول كان بعيدا كل البعد عن الإصلاح، والثاني سيبقى كما كان بعيدا كل البعد عن الحكمة، وكلاهما، كما معظم السياسيين أبعد ما يكونان ويكونون عن الإصلاح وعن الحكمة، وأبعد ما يكونون محققين لمصالح للوطن والوطنية. كما إن كلا منهما لا يمثل تيارا كما يوحي اسم كل منهما.

وتشابه آخر بينهما، كما نجد هذا عند الكثير من السياسيين، كالمالكي، ألا إن كلا منهما ومن ثالثهما المالكي يرى نفسه أنه فلتة زمانه.

وكلاهما يحبان أن يضخا ثرثرة من (الحكمة)، التي ما بعدها من حكمة، في رؤوس المواطنين المساكين.

وكلاهما ترأسا ما يسمى بـ(التحالف الوطني)، أي التحالف الشيعي الإسلامي (الشيعسلاموي).

وكلاهما ممن ينبغي أن يُسأل: «من أين لك هذا؟»، كما هو الحال مع كل سياسيي الصدفة الشيعة والسنة والكرد، الذين تحاصصوا السلطة والثروة.

وبتقديري لن يكون حظ الحكيم أفضل من حظ الجعفري.

أسيكون الناخب بدرجة من الوعي كي يهمش دور الذين ساهموا في حصول ما حصل من كوارث على العراق، ابتداءً بالمالكي المتطلع إلى الثالثة التي ستكون أم الكوارث، إن تحققت، ومرورا بالجعفري والحكيم والعامري والخزعلي والمهندس والشهرستاني والأعرجي، علاوة على شركائهم في كَوْرَثَة العراق من السياسيين السنة وغيرهم.

لن ينهض العراق حق النهوض، ولن يتعافى حق التعافي، ولن ينهي كوارثه التي لا إحصاء لها، إلا بالدولة الديمقراطية العلمانية القائمة على أساس المواطنة والعلمانية أي الفصل التامّ بين الدين والدولة والعدالة الاجتماعية ورعاية حقوق الإنسان، ذلك على أيدي قوى وشخصيات تتحلى بالوطنية والنزاهة والكفاءة، وأهم ما تتصف به، أنها بمجرد ترك حياتها الشخصية وراءها لتعبر العتبة إلى عالم السياسة والشأن العام ومهام الدولة، تنسى كليا انتماءتها الجزئية، الدينية والمذهبية والقومية والقبلية والمناطقية، ليكون الحاضر في وعيها وخطابها وبرامجها ومناقشاتها وتأييدها ومعارضتها لا شيء غير الوطن والمواطَنة، والمواطِن والمواطِنة، الإنسان والإنسانة.

فلا المالكي ولا الحكيم ولا الجعفري ولا من عددنا ولم نعدد، وأصبحوا معروفين، يؤمنون بما ذكر، ناهيك عن أن يعملوا لتحقيقه، إلا اتخاذ كل ذلك أو بعضه وغيره شعارات مزايدة وخداع، عسى أن يُزَحلَق الناخب من جديد في خداعهم.

فهل سنتعظ؟ هناك أمل، نرجو أن يترجم إلى موقف وعمل.