23 ديسمبر، 2024 7:18 م

أهي حقيقة أم أسطورة ؟

أهي حقيقة أم أسطورة ؟

-1-
لا أكتمك سراً اذا قلتُ : اني وَلُوعٌ بتتبع كتب الأدب والتاريخ والتراث ،

وقد وجدتُ فيها من الأخبار والتجارب ..، ما زادني بصيرةً في الحياة ، وما شهدتْهُ مسيرةُ البشرية من عجائب ، ربما استعصى علينا أحيانا التصديق بها ..!!

-2-

ورغم انّ التاريخ قد كُتبَ لصالح الحكّام فجاء – في الغالب – مغموساً بحِبْر الانحياز لهم ، على حساب البائسين والمستضعفين والمظلومين على يدهم ، ولكنّه لم يخل بالكامل من اشارات تكفي لتعرية الهابطين..

-3-

والأُمويون – باستثناء عمر بن عبد العزيز – معروفون بنزعاتهم الدنيوية ، وبمسالكهم السلطوية ، ومسارتهم الموبوءة، لاسيما في قضايا الجنس ، والليالي الحمراء ، والشهوات المحمومة …

-4-

ومنذ ان قالها ” يزيد “

لعبتْ هاشم بالملك فلا

خَبَرٌ جاء ولا وَحْيٌ نَزَلْ

طفت على السطح ، مظاهر المروق عن الدين ، والاعتزاز بما كان شائعاً عند الجاهليين …

-5-

ولا ينبغي لأحد أنْ يُخدع بما سمّي (بالفتوحات) … لأنها كانت في الغالب من أجل توسيع رقعة المُلك ، والاستحواذ على الأموال والسبايا …

وجلب الحسناوات منهن الى قصور السلاطين … وانتقاء الغلمان لنفس الغاية …

انها قضية معروفة مفضوحة …

-6-

وجاء دور ” هشام بن عبد الملك ” فاعتلى كرسيّ الحكم، وتوّلاه من سنة 105 هجرية – 125 هجرية، وقد أقبلت عليه الدنيا أيما إقبال ، وكان لبعض بنيه أقبح الممارسات والأعمال …

-7-

كان ولده ” سعيد ” ولوعاً بالتعرض الى النساء .

ومن الواضح أنّ أهمّ واجبات الحاكم صيانة الأرواح والأعراض والأموال، ولكنّ ذلك لا محل له في الواقع الحياتي …!!

وقد يقال :

انّ فساد الابناء أخلاقياً ، قد لا يكون معلوماً من قبل آبائهم ، وبالتالي فأيّ ذنب لهم في ذلك ؟!!

فنقول :

لقد جاء النص ليثبّت عِلمَ (هشام) بما كان يصنعه ولده الشقيّ (سعيد)

جاء في كتاب نثّر الدر للآبي /ج3 ص44 مانصه :

” وكان سعيد بن هشام زانياً ، يتعرض للنساء ،

فَأُخْبِرَ بذلك أبوه ،

فقال له :

أيزني القرشيّ ؟

إنما مثلك يأخذ مال هذا ، ويُعطيه هذا ،

ويقتلُ هذا “

أرايت كيف يكون التهاون والبرود في قضية خطيرة تمس الأعراض ؟

انّ حب هشام لولده سعيد، منعه حتى من توبيخه، فضلاً عن القيام بما يلزم من اجراءات رادعة .

والسؤال الأن :

هل كان ” سعيد ” يُترك من دون مساءلة لو لم يكن ابناً للسلطان ..؟

ومن ” سعيد بن هشام ” الى الشقي المقبور (عديّ) الذي معروفاً بشدة تعرّضه للنساء ، يتواصل العبث من قبل أبناء القابضين على السلطة دون حساب ولا عقاب …

ولا تخلو المرحلة الراهنة من شواهد مرّة داكنة .

-8-

والغريب أنّ هشام اقتصر على التساؤل :

أيزني القرشيّ ؟

وفتح الباب واسعاً أمام ألوان من العدوان والطغيان يمارسها وَلَدُه سعيد..!!

والاّ فما معنى :

” يأخذ مال هذا ويعطيه هذا “

” ويقتلُ هذا “

اليس ذلك إغراءاً صريحاً له بمصادرة أموال الناس ، والتحكم بمصائرهم حدّ القتل والابادة ؟!

-9-

انّ المستبدين من الحكّام – قديما وحديثاً – يعتبرون أنفسهم وذويهم فوق القانون ، وفوق المساءلة والحساب ..!!

ومن هنا :

فانّ عملية الاقتراع لانتخاب ممثلي الشعب ، لابُدَّ أنْ تحظى بأكبر تدقيق لئلا يُبتلى بأمثال تلك النماذج المرعبة …

انّ أشد ألوان الغَبْن ، أنْ تغبن نفسك بنفسك عن طريق الاختيار البائس، المغموس بالدافع الطائفي أو المصلحي ، والبعيد عن مراعاة المواصفات الموضوعية التي لا يجوز التسامح بها بحال من الأحوال .

*[email protected]