23 ديسمبر، 2024 5:18 ص

أهوارنا،،،وطن وحضارة وهوية وثروة، وإرث سرمدي وتراث وطني وعالمي

أهوارنا،،،وطن وحضارة وهوية وثروة، وإرث سرمدي وتراث وطني وعالمي

“قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير”.تشكل رقعة الأهوار في السهل الرسوبي العراقي من جنوب العراق مثلثا تقع على رؤوسه الثلاث محافظات الجنوب العراقي الثلاثة البصرة والناصرية والعمارة، وتعرف الأهوار في العراق بأنها الأراضي المنخفضة عن مستوى سطح الأرض، المغمورة بالمياه الفائضة عن دجلة والفرات، وتسمى ب”المسطحات المائية” أو “البطائح” جمع “بطيحة” كما كان يسميها العرب.
  تعتبر الأهوار مصدرا طبيعيا حيويا لانتاج القصب والبردي، ومصدرا مهما لإنتاج الثروات الحيوانية والسمكية ومختلف الطيور، وهي بحق أماكن سياحية طبيعية خلابة لا تخلو من مسحة جمال حقيقية أخاذة ولمسة أجواء ساحرة جذابة، بإستطاعتها ان تجذب أفواجا عديدة مختلفة من السياح من مختلف أنحاء العالم إذا استثمرت واستغلت استغلالا أمثلا من ناحية توفير المجمعات والخدمات السياحية المواكبة للتطور الحضاري والعالمي المعاصر، ولدرت أموالا طائلة قد تساهم في إنعاش الاقتصاد العراقي ودعم العائلة العراقية ماديا ومعنويا، ولنقلت اهالي المنطقة من الحال المزري البائس الذي هم عليه الآن إلى وضع معيشي أفضل من العيشة الضنك التي تلاحق اهلنا في الهور جراء ممارسة الحياة البدائية ونقص الخدمات الحياتية والانسانية وبسبب إستشراء مثلت الجهل والفقر والمرض.
  لا بأس ولا ضير لو يحول القسم الأكبر من مساحة الأهوار الشاسعة والتي تعدل مساحتها ما يقارب المرة ونصف المرة من مساحة الشقيق لبنان إلى محمية طبيعية معتمدة دوليا على غرار محمية “الصافية” في هور الحويزة الايراني، وفي هذه الحالة ربما ستصير محط انظار المنظمات والهيئات الدولية، وقد تحظى بنيل مساعدة تلك المنظمات والهيئات، وفي هذه الحالة سيستطيع القائمون على ادارة الأهوار ومفاصلها المهمة بمواكبة التطور وتأمين الآليات الخاصة بصيانة وإدامة الأهوار والصروح السياحية الخاصة بها والملائمة لخصوصيتها، فضلا على تحسين الظروف البيئية والمعيشية والاقتصادية اللائقة للسكان والتسهيلات الخدماتية المناسبة للسياح، وربما يمتد الأمر كذلك لحمايتها من تحدي انخفاض مناسيب المياه المتأتية من تأثير العوامل السياسية مع دول الجوار المتشاطئة مع منابع نهري دجلة والفرات.
  وقد لوحظ في الآونة الماضية بروز ظاهرة ندرة الثروات الحيوانية والسمكية وتناقص اعداد الطيور والنباتات ذات المردود الاقتصادي المقبول، ما دفع بالكثير من اهالي المنطقة بمغادرتها والنزوح منها إلى مناطق المدن القريبة بسبب تدهور بيئة الأهوار الناتجة عن شحة المياه وارتفاع نسبة ملوحتها ونضوبها من أماكن متعددة إلى ما يشبه حالة الجفاف، كما وشكلت حالة تمدد مشاريع النفط المقامة في المنطقة حالة من الحالات السلبية المناقضة لواقع وبيئة الأهوار.
  ولنعرج قليلا ولو بشكل مقتضب على مهام”IUCN الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة”،”أنه لديه أنشطة متعددة في العراق ضمن إطار اتفاقية ابرمت بينه وبين الجانب العراقي أهمها اكمال منظومة السدود الخاصة بالأهوار والترويج لها وفتح باب التعاون المتعلق بشؤون المياه والطاقة مع المنظمات الدولية التي تعنى برعاية الأراضي الرطبة في مختلف أنحاء العالم”.
  هذا ومازالت أهوار العراق تعاني وبشكل مزمن من حالة شحة المياه وجفاف معظم اجزاءها الشاسعة لفترات طويلة، ويعزى السبب في حدوث النقص الشديد من المياه إلى عدة عوامل:أولها سوء ادارة الملف المائي من قبل الحكومات المتعاقبة في العراق، وامضاها التجفيف المتعمد والجائر للاهوار من قبل النظام المقبور، وثانياه الأسباب الطارئة نتيجة لتحكم عصابات داعش الإرهابية بمصير السدود السورية التي تؤدي إلى قطع المياه وتدني مناسيبها بشكل متذبذب، اما السبب الثالث فيعود إلى السياسة المائية التي تنتهجها تركيا في التحكم بالحصة المائية إلى ما يشبه حالة حرب المياه، والرابع غفلة الدولة والقائمين على ادارة الأهوار باعتماد إنشاء السدود في الأماكن المناسبة للسيطرة على مناسيب مياه الأهوار دون تسربها لمياه البحار.
  أرى وبنظرة ثاقبة ان العراق سيكون محط انظار العالم وسيحظى بحماية دولية إذا سعى جاهدا لضم اهواره للائحة التراث العالمي، إذ سيعطيها أهمية كبرى فضلا للأهمية الاعتبارية التي سينالها البلد بعد انجاز هذا الإعتبار المهم، وهذا يتناسب تماما مع عمق الحضارة التي يتمتع بها وادي الرافدين منذ آلاف السنين.
  “يذكر ان مؤتمرا سينعقد في إسطنبول في 14 من تموز المقبل للتصويت على ملف الاهوار وادارجها ضمن المواقع الاثارية في العالم لتتكلل جهود وزارة الصحة والبيئة والفريق البحثي الذي أعد الملف الوطني الخاص بأدراج الاهوار العراقية ضمن لائحة التراث العالمي بالنجاح ويتم تسجيلها ضمن لائحة التراث العالمي لما تمثله هذه المناطق الرطبة من اهمية كبيرة في التنوع الاحيائي والبيئي”.
  ولا ننسى الدور الذي لعبته حكومة محافظة ذي قار المحلية المتمثلة بمحافظها “السيد يحيى الناصري” ورئيس مجلسها”السيد حميد الغزي”، نحو حث الجهود الإستثنائية واستنفار جميع الطاقات لتفعيل ملف ادراج الاهوار على لائحة التراث العالمي والتنسيق الحثيث مع ممثلية العراق باليونسكو في محافظة ذي قار أملا لتحقيق هذا المطلب الذي يرسخ الانجاز الكبير للتصويت على الضم عند اجتماع اليونسكو في الرابع عشر من تموز المقبل في تركيا، والتصويت على هذا المطلب الحيوي هو غاية كل عراقي وطني وشريف.
  إن العراقيين ينتظرون بفارغ الصبر تصويت اليونسكو منتصف شهر تموز القادم في اسطنبول على ضم أهوار العراق إلى لائحة التراث العالمي ضمن اربعة مواقع عراقية يجري التصويت عليها في ذلك الآن، وإن ثلاثة منها أثرية هي “أور، وأريدو، والوركاء” والرابعة تعد طبيعية وهي “الأهوار”، ليبلغ الحد الاعلى للمواقع العراقية التي ستدرج ضمن اللائحة ثمانية، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار انضمام أربعة مواقع سابقة لتلك اللائحة وهي:”آشور، وسامراء، والحضر وقلعة أربيل”.
  هذا وان “الاهتمام بالأهوار لابد ان ينتقل من المحلية إلى العالمية، وأن تتحول إلى قبلة للسياح الأجانب ولتشكل بعد ذلك موردا اقتصاديا مهما للبلاد” وذلك من خلال اتباع أسلوب المحميات، ومن خلال انضمام الأهوار للائحة التراث العالمي.
  ختاما اشير إلى أنه في حال “وضع الأهوار على قائمة التراث العالمي فهذا يعني الكثير، ويعني أيضا ضمان الحصة المائية الكاملة، فضلا عن انها تحظى بدعم وتنشيط الأعمال الحقلية التي ستكون باشراف اليونسكو”، وفي هذه الحالة ندعو إلى تظافر كل الجهود والعمل جميعا لدعم ملف الأهوار والآثار العراقية في محافظة ذي قار والمحافظات المعنية الاخرى، وأن هذه القضية مازالت بحاجة إلى وقفة اعلامية رسمية وشعبية والى تظافر كل الجهود والوقوف مع القضية وقفة رجل واحد حتى حين بلوغ الغاية.
  وبالنتيجة:فأهوارنا،،،هي الوطن وهي الحضارة والهوية والثروة، وهي الإرث السرمدي والتراث الوطني والعالمي، وسببا وجيها من أسباب الرزق والعيش الكريم لسكان المنطقة وللعراقيين جميعا.
وأهوارنا….حضارتناوأهوارنا………هويتناوأهوارنا……….تراثناوأهوارنا……..إمتدادنا
والله ولي التوفيق.